عام آخر قد تستغرقه حرب غزة حتى يأتي دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة مجددا في الانتخابات المقرّرة تشرين الثاني المقبل، كما يأمل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أن ينقذه من دخول السجن، كما ورد في تقرير لصحيفة “يديعوت أحرنوت” الاسرائيلية.
وتفاقمت الخلافات بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن؛ نتيجة قتل العدو أعدادا ضخمة من المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب، وعدم رضاء تل أبيب عن مقترح واشنطن أن تتولّى السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
في المقابل، يرى نتنياهو أن “الاحتلال الإسرائيلي هو مَن سيحكم غزة بعد الحرب أو إسناد هذه المهمة لعائلات فلسطينية موثوق بها”.
وفي تقرير صحيفة “يديعوت أحرنوت” الاسرائيلية المنشور، الأربعاء، جاء أن “نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب لأبعد نقطة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية في أميركا، على أمل أن يفوز ترامب بالانتخابات ويقدّم المساعدة له لإنقاذ مستقبله السياسي المهدّد بخسارة منصبه، أو تعرّضه للمحاكمة بتُهمة الفشل في منع هجوم 7 تشرين الاول الذي شنّته حركة حماس وقتل 1200 إسرائيلي وأجنبي، ونقلت الحركة 240 رهينة إلى مخابئها في غزة”.
جاء في التقرير بشأن ما اعتبرها تطلّعات نتنياهو لفوز ترمب: “يتشبّث نتنياهو بذكريات رئاسة دونالد ترامب، الذي توّج كأعظم صديق للاحتلال الإسرائيلي في البيت الأبيض، بعد أن نقل السفارة الأميركية للقدس والاعتراف بها عاصمة للكيان”.
شروع ترامب في إبرام “صفقة القرن” بين العدو الإسرائيلي والفلسطينيين، جعل نتنياهو يأمل في أن يكون ورقة إنقاذ له.
نتنياهو أشاد كثيرا بترمب، وبعد تفاقُم الخلافات مع بايدن بات يأمل في وصول ترامب للحكم والإطاحة بجو بايدن.
بعد مذبحة 7 تشرين الاول، قال ترمب إنه: “لو كان رئيسا، لما وقع الهجوم لأنه يعرف كيف يدافع عن الاحتلال الإسرائيلي”.
يحدّق بايدن باستمرار في ساعته لإنهاء الحرب في غزة؛ فهو لا يريد حربا إقليمية من شأنها أن تجر الولايات المتحدة لمواجهة عسكرية، وهذا لا يتماشى مع أجندة نتنياهو في إطالة أمد الحرب.
لكن حسابات نتنياهو قد تكون خاطئة؛ فترمب أضر بالعدو الاسرائيلي أكثر مما نفعها، ومن المؤكّد أن نتنياهو يتذكّر اتهامات ترمب له بعدم الولاء بعد خسارته في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2020.
إنّ عودته إلى البيت الأبيض ستكون سيئة لإسرائيل؛ لأنه سيسعى بلا شك إلى الانتقام، وسيصفّي حساباته مع العدو الإسرائيلي التي أمطرت بايدن بالحب، هذه هي الطريقة التي يعمل بها.
يتفق الخبير في العلاقات الدولية، جاسر مطر، مع ما توصّل له التقرير الصحفي الإسرائيلي بشأن أن نتنياهو يطيل أمد الحرب في انتظار ترمب، مضيفا لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه كلما طالت الحرب زاد سخط الأميركيين، وقلّت فرص بايدن في الفوز بالرئاسة لولاية جديدة؛ حيث سيُتهم بأنه فشل في هذا الملف.
ولا يستبعد أن يكون نتنياهو قد حصل على وعود من ترامب بالحفاظ على مستقبله السياسي، أو حمايته على الأقل من دخول السجن إن تعرّض لمحاكمة، مقابل الحصول على دعم حزب الليكود لترامب، إلا أن مطر يلفت إلى أن هذا من الأساس قد يفشل نتنياهو في توفيره لترمب؛ لأن الليكود غاضب من نتنياهو، وقد يطيح به فور انتهاء الحرب.
لا يعول المحلل السياسي الفلسطيني، نذار جبر، على حدوث تحالف بين ترمب ونتنياهو، قائلا لموقع “سكاي نيوز عربية”: “أعتقد أن الرئيس الأميركي السابق بات يحمل عداءً واضحا لرئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بعد تودّده المفرط لبايدن فور تولّيه الحكم”.
وبوصف جبر فإن “الجميع يعلم أن نتنياهو نهايته السياسية تمّت كتابتها بعد هجوم 7 تشرين الاول، ومساءلته باتت قريبة”.
“لكن الخوف الآن من اتساع رقعة الحرب مع طول أمدها بهذا الشكل المبالَغ فيه”، كما يقول المحلل الفلسطيني.
وفي منتصف كانون الثاني، نشر موقع “أكسيوس” الأميركي أن بايدن أغلق الهاتف في وجه رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي في مكالمة بينهما يوم 23 كانون الأول، في دليل جديد على توسّع الخلاف بينهما جراء الحرب.
ونهاية أسبوع الماضي، قال أحد مستشاري بايدن لموقع “أكسيوس” إن البيت الأبيض يشعر بقلق بالغ بشأن خسارة الناخبين الشباب، الذين يُعارض الكثير منهم سياسة الرئيس بشأن حرب غزة.