اخبار اقليمية

وهن الجدار الإسرائيلي.. أيّ دلالات لعملية الشرطي المصري سياسياً وأمنياً؟

عملية الشرطي المصري تربك كيان الاحتلال وصورة الردع الإسرائيلي تضعف وفق توصيفات إعلامه.. أيّ دلالات حملتها هذه العملية الفدائية؟ ولماذا الارتباك في الرواية الإسرائيلية؟

فيما كان “جيش” الاحتلال الإسرائيلي يقوم بمناورة متعددة الساحات، تحت اسم “القبضة الساحقة”، وجّه فدائي مصري، قرب معبر العوجة على الحدود المصرية، ضربةً مؤلمةً ومحرجةً للاحتلال على المستويين السياسي والعسكري.

وقد استطاع رجل أمني مصري تجاوز الحدود، وتخطي كل الإجراءات، وقتل جنديين إسرائيليين، قبل الاشتباك مجدداً مع قوة إسرائيلية وقتل جندي ثالث منها، ليصدّع بذلك صورة “الجيش” الإسرائيلي.

وبحسب معلقين إسرائيلين، فقد جاءت هذه الضربة قاسية، وفي ساحة غير متوقعة، وأظهرت أنّ هذا “الجيش” يعاني فشلاً كبيراً، وخطراً في منع التسلل، ما دفعهم إلى التحذير من أنّ هذا النوع من العمليات هو جزءٌ من تآكل “الردع” الاسرائيلي وضعف صورته.

ودفعت هذه العملية، التي “لا تُحتمل نتائجها”، كبار الخبراء والمعلّقين الأمنيين في كيان الاحتلال إلى طرح “الأسئلة الصعبة”، والدعوة إلى التحقيق في هذا الفشل المريع للـ”جيش”، إذ تظهر عمليات كهذه الفجوة الكبيرة بين واقعه على الأرض، وبين التمنيات والادّعاءات بشأن كفاءته وجاهزيته.

إخفاق في “جيش” الاحتلال

يؤكد إخفاقَ “جيش” الاحتلال ما قالته المعلقة السياسية في قناة “كان” الإسرائيلية، غيلي كوهين، بشأن العملية، إذ أشارت إلى “التفاصيل الجديدة التي جُمعت في المؤسستين الأمنية الإسرائيلية والمصرية بعد الهجوم، التي تؤكد أنّ الشرطي المصري عمل من تلقاء نفسه”.

من جهتها، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إنّ “عطلاً في طائرات الأباتشي ساهم في تأخر الاستجابة للهجوم، وأدى إلى أن يشتبك الجنود مع المصري ما أدى إلى مقتل جندي  وإصابة آخر”.

وأضافت أنّه في مناقشة تقييم الوضع، أمر قائد القوات الجوية اللواء تومر بار “بإذابة الجليد” عن قضية طائرتي “هليكوبتر” من طراز “أباتشي”، اللتين تم إيقافهما كجزء من مجموعة طائرات “الهليكوبتر” القتالية التابعة للـ”جيش” الإسرائيلي، بسبب “عطل فني غير عادي”.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنّ هذا الأمر جاء خلال مناقشة تقييم الوضع، التي جرت صباح أمس، ضمن قيادة “جيش” الاحتلال، وشارك فيها بار، الذي ادّعى أنّ “القوات الجوية كانت مستعدة لمساعدة القوات البرية في التعامل مع الحادث”.

وذكرت الصحيفة أنّ بار أبلغ هيئة الأركان، في إثر العملية، أنّه أمر على الفور قائد قاعدة “رامون”، القريبة من مكان العملية، بالتحرك فوراً عند اكتشاف الأمر.

إلا أنّ قائد الفرقة، إيتسيك كوهين، قرّر في النهاية عدم انتظار طائرات “الهليكوبتر” الحربية، وهاجم الشرطي المصري، الذي قتل بالفعل الرقيب أوهاد دهان، الجندي الثالث الذي قُتل في الهجوم، وفقاً للصحيفة العبرية.

وكشفت هذه العملية عن مكامن هشاشة يعانيها الاحتلال، من ناحية الوقت والسيطرة بشكل خاص، كما أشار مراسل “القناة ـ12” الإسرائيلية، فالرد كان بطيئاً. وتساءل المراسل الإسرائيلي: “كيف مضى وقت طويل من دون أن يكتشف الجيش أنّ هناك حادثاً استثنائياً؟”

كذلك، لم يستطع “الجيش” الحؤول دون تسلل المنفذ، الذي أنجز عمليته من دون إزعاج الجنود الذين يقومون بنوبات حراسة طويلة على مدى 12 ساعة أو ملاحظة عناصر المراقبة المنتشرين في المكان، على الرغم من الوسائل التكنولوجية المتوفرة.

اتساع ساحة المواجهة مع الاحتلال

محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحام، رأى أنّ هذه العملية التي أقدم عليها الشرطي المصري هي “اللكمة القاضية، التي بدّدت الوهم”، وكشفت وهن ومقتل القوات الإسرائيلية في أي خطوة قادمة.

وأشار اللحام إلى أنّ القلق الإسرائيلي من تكرّر عملية كهذه على الحدود المصرية، مع عملية على الحدود الأردنية، والحدود الممتدة من سوريا حتى البحر الأحمر.

وأوضح اللحام أنّ “إسرائيل” تعتقد أنّ دول الطوق لفلسطين هي 4 دول، لكنها لا تدرك أنّه بات بإمكان أي جندي من أي مكان، أن ينفّذ عملية ضدها، “لأنّ الطائرات المسيّرة والتكنولوجيا العسكرية وتكنولوجيا المقاومة، أصبحت بمتناول أي عربي من الخليج الى المحيط”.

بدوره، قال محلل الميادين للشؤون العربية والإقليمية عبد الرحمن نصار إنّ هذه العملية، على الرغم من أنّ فرداً واحداً نفّذها، تسببت بصدمات متعددة ومركبة: صدمة التوقيت، صدمة الإجراءات الحدودية على جبهة تُعدُّ “رخوةً”، صدمة القتل، صدمة الإجراءات الدفاعية وصدمة التخطيط.

كذلك، تسببت العملية، التي جرت على جبهة هادئة منذ أكثر من 10 سنوات، بانفجار الحديث مجدداً عن قيمة سلاح البر في “الجيش” الإسرائيلي، كما أضاف نصار.

وتابع نصار أنّ هذه العملية أظهرت سوء التنسيق بين أجزاء “جيش” الاحتلال، خصوصاً مع الحديث عن أنّ سلاح الجو تأخّر، فاضطر الجنود إلى التقدم براً، مشيراً إلى أنّ هذه الدلالات فجّرت الخلاف الآن بين قادة “الجيش” الإسرائيلي بشأن إهمال سلاح البر، وتقوية سلاح الجو.

محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية، قاسم عز الدين، من جهته قال إنّ الارتباك في الرواية الإسرائيلية بشأن العملية على الحدود المصرية جاء نتيجة صدمة، لم تكن “إسرائيل” مؤهلةً لقراءتها.

وأضاف عز الدين أنّه صحيح أنّ هناك ساحات ساخنة، إلا أنّ اليوم، تبيّن أنّ ساحات الطوق العربي الذي يحيط بالاحتلال هي ساحات مواجهة أيضاً، متسائلاً: “من يستطيع أن يضمن أو يتخيّل كيف يمكن أن تتحرر هذه الساحات الأخرى التي تراها “إسرائيل” ويراها الكثيرون نائمةً، أو حتى ميتة؟”

وفي وقت سابق، ووسط هذا التخبط لدى الاحتلال، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ مصادر في “الجيش” تقدّر بأنّه “ستطاح رؤوس في قيادة المنطقة الجنوبية”، بعد عملية الشرطي المصري.

وأشر المراسل في موقع “والاه” الإسرائيلي، أمير بوحبوط، إلى أنّه “كلّما مرّ الوقت في التحقيقات تتكشف تفاصيل مؤلمة”، قائلاً إنّه لا يستغرب إذا “أُطيحت رؤوس في قيادة المنطقة الجنوبية”.

قناة الميادين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى