مقالات
عن “سقطة” 3 كانون الأول.. قراءة في خطاب الأمين

في ظلّ اشتداد الضغط السياسي الأميركي وتصعيد العدوان الصهيوني على لبنان، خرج موقف الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم ليضع حدًّا لأي التباس حول مسار التعاطي مع ملف وقف إطلاق النار.
فقد أكّد سماحته أنّ الموافقة على إشراك ممثّل مدني في لجنة وقف إطلاق النار هو تنازل مجاني، واصفًا الخطوة بـ “السقطة”، وأنها تمثّل تراجعًا خطيرًا عن الثوابت التي أُعلنت بوضوح، والتي تشترط وقف العدوان الصهيوني قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.
في قراءةٍ قدّمها الوزير السابق عدنان السيّد حسين لموقع العهد الإخباري حول خطاب الأمين العام لحزب الله، توقّف عند جملة عناصر اعتبرها أساسية لفهم الرسائل التي تضمّنها الموقف الأخير لسماحته.
وأشار السيّد حسين إلى أنّ “إسرائيل” لم توقف اعتداءاتها حتّى الآن، ما يجعل أي توسّع في إطار التفاوض محفوفًا بالحذر. كما شدّد على ضرورة استعادة الأسرى اللبنانيين واعتبار هذا الملف أولوية لا يجوز التهاون بها.
ودعا إلى اعتماد اتفاقية الهدنة لعام 1949 مرجعًا لأي تفاوض عسكري أو مدني مع الكيان الصهيوني. وأوضح أنّ المادّة الخامسة من الاتفاقية تنص حرفيًا على أنّ “خط الهدنة يطابق الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين”، وهي صيغة تؤكّد أنّ حدود لبنان مرسّمة منذ عام 1923، وأن الاتفاقية لا تذكر كلمة “إسرائيل” مطلقًا، بل تشير إلى فلسطين الكيان المعترف به دوليًا في ذلك الحين، وهو ما يعزّز التمسّك القانوني والسيادي بموقع لبنان وحدوده دون تقديم أي اعتراف سياسي بالعدو.
وأكد أنّ اتفاقية الهدنة لا تعني إنهاء حالة الحرب، بل وقف الأعمال الحربية فقط، تمامًا كما ينصّ القرار 1701 وكما تضمّن الملحق الصادر في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، مشددًا على أنّ ضبط مسار التفاوض يستلزم أمرين: وحدة الموقف السياسي الرسمي وضغطًا شعبيًا يرفض التطبيع والمفاوضات السياسية مع العدو، لما لذلك من ارتدادات على لبنان والمنطقة بأسرها، ولارتباطه بمبادرة بيروت لعام 2002 التي ربطت أي تسوية بإقامة الدولة الفلسطينية.
وفي قراءته لرسائل الخطاب، أكّد السيّد حسين أنّ الشيخ نعيم قاسم لم يغلق الباب أمام دعم السلطة اللبنانية حين تتقيّد بالثوابت الوطنية، بل وجّه رسالة تحذير من مغبّة الانزلاق نحو أي صيغة يمكن أن تُفسَّر تطبيعًا.
وقال السيد حسين: “إنّ التطبيع مرفوض شعبيًا قبل أن يكون مرفوضًا رسميًا، وإنّ الموقف اللبناني المعلن بما فيه موقف رئيس الجمهورية يشدّد على أنّ ما يجري ليس اتفاقًا سياسيًا ولا مسارًا تطبيعيًا، بل مفاوضات أمنية وتقنية لا أكثر”.
ورأى أنّ إدخال عنصر مدني من الجانب اللبناني وفق ما نقلته السلطات يهدف إلى تعزيز قدرة التفاوض التقنية وليس إلى نقل العملية إلى إطار سياسي.
واستشهد بتصريح الرئيس نبيه برّي الذي رأى أنّ اللجنة الجديدة لن يُكتب لها النجاح ما لم تنجح في استعادة الأراضي المحتلّة والأسرى، معتبرًا هذا التوجّه أمرًا مشروعًا لا مانع منه.
وأضاف أنّ لبنان لا يمكن أن يذهب نحو التطبيع، وأنّ التجارب أثبتت أنّ البيئة الشعبية اللبنانية عصيّة على اختراق هذا المسار بالرغم من موجة التطبيع العربية الواسعة.
وختم السيّد حسين بالتأكيد على أنّ المرحلة بالغة الخطورة في لبنان والشرق الأوسط نتيجة استمرار العدوان الصهيوني، محذرًا من التفاوض من موقع الضعف أو القبول بضغوط تحاول تصوير العدوّ كمنتصر.
ودعا إلى تحشيد شعبي واسع خلف عناصر القوّة اللبنانية المتمثلة بالجيش والمقاومة ومواجهة الادّعاءات الأميركية و”الإسرائيلية” بحزم وثبات، مؤكدًا أنّ لبنان لا يُحكم إلا بروح الصمود، ولا يُحمى إلا بوحدة الموقف وقوة الإرادة.
مصطفى عواضة-العهد
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.



