اخبار اقليمية

سخط مستوطني الشمال مستمر: عودتنا تعني سيرنا نحو المذبحة

لا يزال النقاش في إسرائيل قائم بقوة حول نتائج الحرب مع لبنان.

السخط على بنيامين نتنياهو من فريق اليمين مستمر، لكنه ليس بالقوة الدافعة إلى تغييرات كبيرة، وخصوصاً أن الجيش والمؤسسة الأمنية يعتبران أن «وقف إطلاق النار هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق حالياً».

لكن، يبدو أن الضجة قائمة بصورة أكبر لدى عشرات الآلاف من النازحين من المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية الذين كانوا يريدون حلاً من نوعٍ مختلف.

ونقل موقع «ميشباخا» عن رئيس بلدية كريات شمونة، أفيخاي شتيرن قوله «إن هذا الاتفاق يقربنا من السابع من أكتوبر المقبل في الشمال، لأن ما خطّط حزب الله للقيام به بعد عام من الآن، سيتم تنفيذه الآن في غضون عشرة أعوام. لكنه سيفعل ذلك لأننا لم نتعلم شيئاً».

ويُضيف شتيرن أن سكان كريات شمونة «يشعرون بالتخلي عنهم. منذ أكثر من عام، لقد تحملنا الوضع رغم الظروف غير المثالية، ومن دون شكوى. وقد وُعدنا بواقع أكثر أماناً. والآن من المتوقع أن نعود، لكن لم يتغير شيء.

نحن نعود إلى نفس الوضع الهشّ الذي تركناه وراءنا قبل أكثر من عام. أنا لا أنكر أن أضراراً كبيرة لحقت بحزب الله، وفي غضون عام أو عامين سيُعيد البناء.

ولكن ما الذي اختلف الآن؟ إذا كان الناس في غزة لا يزالون ممنوعين من العودة إلى المناطق الحدودية، فلماذا نعود إلى الشمال؟، نحن نعلم ما ينتظرنا على الجانب الآخر من الحدود. لقد عشنا ذلك».

وبحسب دوريات إسرائيلية، من بينها ندوات على قنوات التلفزة، فإن الملف المتعلق بالتعويضات المالية يسيطر على عقول رؤساء مجالس المستوطنات، كما على المستوطنين.

وهم يطالبون الحكومة بصرف مبالغ كبيرة تصل إلى نحو 2.5 مليار دولار. وهو ما ترفضه الحكومة لأنها تعتبره رقماً مبالغاً فيه.

وقال مراسلون أجانب، إن وزير المالية يسرائيل سموتريش رفض طلبات من رئيس بلدية حيفا، لأنه يعتبر أن حزب الله لم يقصف البنى التحتية المدنية، ولم يستهدف إلا بصورة محدودة جداً المنازل. وبالتالي فإن التعويضات تخص الخسائر غير المباشرة، وهو أمر لا يخص وزارة المالية.

ومع ذلك، فإن معارضي وقف الحرب ليسوا كل من يقف في المشهد. ويقول المدير الحالي لأبحاث السياسة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب عوفر شيلح إن «وقف إطلاق النار ليس مفيداً فقط ــ بل إنه ضروري أيضاً.

إن ما يهم أكثر هو وقف القتال، وليس ما هو مكتوب في الاتفاق. أما تفاصيل الوثيقة فهي ثانوية. إنها ليست عقداً قانونياً سيتقاضى الناس عليه لسنوات. والشيء المهم ــ وهذا شيء تعلمناه من الاتفاقات السابقة ــ هو ما يحدث بعد التوقيع».

ويقول شيلح «إن وقف إطلاق النار ضروري الآن لأن الجولة الحالية من القتال انتهت فعلياً. ويشير الاتفاق إلى أن كلا الجانبين يريد أن ينتهي الوضع الحالي، خاصة لأن أياً منهما لا يرى أي فائدة في الاستمرار»، كما يقول.

«الواقع أن كلا الجانبين توصّل إلى استنتاج مفاده أن من مصلحتهما وقف القتال.

والآن ندخل مرحلة جديدة، وفي هذا السياق، فإن الشروط المكتوبة للاتفاق غير ذات صلة. على سبيل المثال، أجرت إسرائيل عملية في لبنان حتى بعد توقيع الاتفاق».

نقاشات حول الأضرار وحول نجاعة وقف إطلاق النار وأفكار حول الضمانات الأمنية والاقتصادية

ولكن بعيداً من التحليل السياسي، فإن المشكلات تطل برأسها حول واقع المستوطنات. فإذا جرى التعامل مع مدينة كريات شمونة، فقد غادرها 90 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 25 ألف نسمة، ونقلوا إلى 560 مستوطنة و320 فندقاً. وما كان يأمله هؤلاء أن يقيم جيش الاحتلال منطقة عازلة أمنية بعمق 3 إلى 5 كيلومترات، حيث لا يمكن لأحد الدخول». ويقول رئيس مجلسها «غداً، سيأتي شخص، ويبني ما يبدو وكأنه منزل، لكنه ليس منزلاً.

إنه مخبأ للأسلحة، مخفي بين المدنيين، لغرض وحيد هو مهاجمة الإسرائيليين. سيضعون الأسلحة في غرف النوم، وفي اللحظة التي يختارونها سيضربون. سيكون هذا هو السابع من أكتوبر القادم بالنسبة إلينا».

ويعترض المستوطنون على تقديرات المسؤولين للوضع ويقول شتيرين «المسؤولون عن الأمن يتناوبون كل عامين. لكننا سنظل هنا. أريد أن يكبر أطفالي هنا ويبقوا هنا.

ولكن من يضمن ماذا سيحدث بعد ذلك؟… أصدّق الجيش عندما يقول إنه سيدفع قوات حزب الله إلى الوراء.

ولكن هل يتجول عناصر حزب الله وهم يحملون ختم حزب الله على جباههم؟، إنّ الأشخاص الذين يهاجموننا هم مدنيون في منازلهم، هكذا تعمل المنظمات، فهي تدمج نفسها داخل المجتمع المدني. لا أحد يمكنه منع ذلك».

وعندما سُئل عوفر شيلح عن انتقادات سكان الشمال، قال للموقع نفسه «لديهم الحق في التعبير عن إحباطهم. بعد كل شيء، قامت الدولة بإجلائهم منذ أكثر من عام، وهم يستحقون العودة إلى منازلهم.

لكن من المهم أن ندرك أن أي شخص يعتقد أنه من الممكن خلق واقع من دون تهديدات من لبنان يُسيء قراءة الموقف. إسرائيل لا تمتلك القدرة العسكرية أو الديبلوماسية لتحقيق ذلك».

ويدعو شيلح الحكومة إلى «تنفيذ نظام دفاعي يمكن للسكان أن يروا ويشعروا به، حتى يضمنوا لهم بأن 7 أكتوبر لن يتكرر، وإن كان هذا لا يعني أن الصواريخ لن تسقط. ثم بدء الاستثمار في إعادة بناء اقتصاد الشمال، الذي تأثر بشدة، بالتوازي مع اتخاذ إجراءات عدوانية لمنع حزب الله من الاقتراب من الحدود مرة أخرى».

ويختم شيلح بدعوته المستوطنين إلى أن يتصرفوا بعقلانية لأن «أي شخص يعتقد أن إسرائيل قادرة على إخضاع حزب الله عسكرياً أو إنشاء حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية لا يقرأ الموقف بشكل صحيح».

ومع ذلك فإن قرار العودة إلى الشمال ليس واضحاً بعد. ويقول شتيرن «إذا أمرت الحكومة السكان بالعودة، فلن أعارض القرار فقط، بل سأشجع على التمرد بنشاط، وسأبذل قصارى جهدي لضمان عدم عودتهم.

لأن العودة الآن ستكون بمثابة السير نحو مذبحة محتملة. ولست وحدي في التفكير في هذا. أي رئيس بلدية في الشمال، أي شخص يعرف حقيقة العيش بالقرب من الحدود، يفكر تماماً كما أفعل لا جدال. الشيء المذهل هو أنه حتى الآن، نحن فقط من فهم هذا. الآن تعرف البلاد بأكملها ما هو على الجانب الآخر».

وفي السياق نفسه، نشر موقع «واينت» تقريراً حول لبنان، جاء فيه «إن الإنجازات العملياتية التي حققتها حرب الاستنزاف الطويلة في لبنان تعطينا الأمل في أن الأمر سيكون مختلفاً هذه المرة، لأن حزب الله أصبح أضعف من أي وقت مضى.

كما أن نوعاً من صحوة اللبنانيين بدعم من الغرب والسعودية والإمارات قد يحدث التغيير. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تطبيق إسرائيل العدواني لبنود الاتفاق، على عكس ما تم القيام به منذ عام 2006 قد يضمن لنا عشرين عاماً من السلام النسبي على الحدود اللبنانية. ومن المحتمل أن تحاول إيران إعادة تأهيل حزب الله، في غياب البديل الأفضل لتحقيق أهدافها ويتعين علينا أن نمنع ذلك».

المصدر: جريدة الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى