على وقع الحرب والاعتداءات الإسرائيلية المتنقلة، تسير الاستعدادات لانطلاقة عام دراسي جديد في المدارس والثانويات الرسمية والخاصة.
حتى الآن، ليس واضحاً ما إذا كانت هناك رؤية أو وجهة ستسلكها وزارة التربية حيال فتح المدارس، في ظل ترقب ثقيل لأي مستجد ميداني قد يطرأ في أي لحظة وينسف كل شيء.
«التريث» في اتخاذ القرارات هو الغالب في الوزارة حالياً، إذ لم يصدر الوزير عباس الحلبي، حتى الآن، المذكرة الرسمية السنوية التي تحدد مواعيد أعمال التسجيل في التعليم الرسمي وبداية العام الدراسي في كل مدارس لبنان، فيما تكثر السيناريوات المتداولة داخل الأوساط التربوية حول «التأجيل» وحتى «تعليق العام الدراسي لمدة سنة».
الارتباك والقلق ينسحبان أيضاً على المدارس الخاصة ولا سيما في المناطق التي تتعرض للاعتداءات.
فأعمال التسجيل تجري ببطء شديد، إذ إنه لم يتخذ كثير من الأهالي النازحين قرارهم بعد في شأن اختيار مدارس لأولادهم، سواء في مناطقهم أو في أماكن نزوحهم، في انتظار جلاء الصورة في الشريط الحدودي.
ففي مدرسة خاصة واحدة في منطقة النبطية، مثلاً، تريث أهالي نحو 600 تلميذ في تثبيت تسجيل أبنائهم من دون أن يطلبوا إفادات للانتقال إلى مدارس أخرى.
وبحسب رئيس فرع نقابة المعلمين في المدارس الخاصة في الجنوب، أسامة أرناؤوط، فإن القلق ينسحب أيضاً على مدارس صيدا حيث يتريث بعض الأهالي في تثبيت التسجيل حتى الآن.
وعلى خط النار، ينتظر مديرو 12 ثانوية رسمية مقفلة في القرى الحدودية وتلك المحاذية لها «تطمينات» من الحلبي بشأن مصير ثانوياتهم، ولا سيما أنهم يرفضون «الإقفال المؤقت»، حفاظاً على كيانات هذه الثانويات والتزاماً بخيار «المقاومة التربوية».
كما يرفضون طرح الوزارة نقل الثانويات إلى مناطق أكثر أمناً، باعتبار أن الأمر لن يجدي نفعاً في استقطاب الطلاب النازحين إلى بيروت وجبل لبنان، عدا عن هذا الخيار يجعل تعاطي الأهالي مع هذه الثانويات على أنها ثانويات جديدة وغير معروفة بالنسبة إليهم، وبالتالي فإن التعليم من بعد، بحسب مدير ثانوية المربي محمد فلحة في ميس الجبل، فرج بدران، هو «الخيار الأمثل وقد نجح، العام الماضي، ضمن حدود معينة مع تراكم الخبرات في هذا المجال منذ كورونا، وفي إمكان الوزارة تعزيزه بتنفيذ تعاميمها ووعودها بدعم الطلاب والأساتذة بمقومات الصمود من مبالغ مالية وأجهزة إلكترونية».
ولفت بدران إلى أن قرار الوزارة إلحاق الأساتذة بالمدارس الموجودة في مناطق النزوح لم يشمل الأساتذة المتعاقدين والمستعان بهم، ما أفقد بعضهم مصدر رزقه الوحيد. علماً أن معظم هذه الثانويات «الحدودية» تضررت بشكل كبير وتحتاج إلى إعادة ترميم قد تستغرق وقتاً، إذا توقفت الحرب.
أما في ثانويات بعض القرى الجنوبية المحاذية مثل شقرا ومجدل سلم التي بقيت مفتوحة، العام الماضي، وتابع فيها الطلاب عامهم الدراسي بصورة شبه طبيعية، فإنها تستعد لاستقبال الطلاب هذا العام أيضاً، والأمل معقود، كما قال مدير ثانوية شقرا وليد الأمين، على عودة جزء من الطلاب إلى الثانويات الرسمية نتيجة ارتفاع الأقساط وانتظام العام الدراسي السابق في الثانويات الرسمية وسيره من دون إضرابات وتعطيل.
إلا أن الأمين تحدث عن توجّس الأهالي من توسع المعارك، وأشار إلى أن «النزوح من التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي يمكن أن يحصل هذا العام في قرانا تحديداً، وإن كان يستبعد أن تكون هناك هجمة على هذا الصعيد».
الثانويات «الحدودية» تطالب بإبقاء التعليم من بعد وتعزيزه
في المقابل، رأى رئيس المنطقة التربوية في الجنوب، أحمد صالح، أن الوضع الأمني هو المحدد لوجهة وزارة التربية، فأهالي التلامذة في المدارس والثانويات الرسمية المقفلة وعددها 12 ثانوية و7 مدارس هم حكماً نازحون وسيتدبرون أمورهم في أماكن نزوحهم، تماماً كما حصل العام الماضي، وليست هناك حتى الآن أي إجراءات جديدة لهذا العام، مشيراً إلى أن الإدارات تداوم كل ثلاثاء، وأعمال التسجيل انطلقت عملياً في الصيف، وهناك ثانويات رسمية اكتمل عدد طلابها.
و«أوعزنا إلى المديرين بإمكانية أن تزداد أعداد التلامذة المسجلين في المدارس الرسمية بنسبة 20 في المئة».
وعن اعتماد المدارس كمراكز إيواء للنازحين إذا تطورت الحرب، قال صالح إن عدداً قليلاً من المدارس والمهنيات الرسمية لا يزال يؤوي نازحين حالياً، إلا أن الوزارة، في الاجتماعات التنسيقية مع باقي الإدارات الرسمية، وإن أبدت استعدادها لاستقبال الأهالي النازحين، تمنت تجنب هذا الخيار واستبداله بإقامة مخيمات وما شابه، مشيراً إلى هناك 115 مدرسة و 36 ثانوية في المنطقة لا قدرة لها على استيعاب أعداد كبيرة من النازحين.