كتبت صحيفة “البناء”: رغم كل التسريبات المبرمجة للإيحاء بأن واشنطن غير راضية عن خطوات حكومة كيان الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، وأن الرئيس الأميركي جو بايدن فوجئ بالاغتيالات، وأن نتنياهو يسعى لتوريط واشنطن بحرب كبرى لا تريدها، واصلت وزارة الدفاع الأميركية حشد قواتها في البر والبحر والجو بتوفير مظلة الحماية التي طلبها نتنياهو في مواجهة الردّ الآتي حكماً من إيران واليمن ولبنان، كما قال قادة إيران والمقاومة. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها استكملت استعداداتها لحماية كيان الاحتلال بأعلى جاهزية ممكنة، بينما تعاملت قوى المقاومة مع الكلام الأميركي عن الغضب من نتنياهو بصفته نوعاً من المناورة السياسية لإضعاف رد قوى المقاومة وإيران، وتوفير شبكة الأمان السياسية والأمنية التي يحتاجها الكيان. وتساءلت المصادر المتابعة للمواقف الأميركية، عن معنى الكلام الأميركي عن حق الدفاع عن النفس لكيان الاحتلال، إثر تفجير مجدل شمس، ولم يكن كيان الاحتلال يحتاج إلى أكثر من هذا الكلام كضوء أخضر للقيام بعمليات الاغتيال واعتداءاته على بيروت وطهران، وهذا الضوء الأخضر كان تتمة لتفاهمات جرت في واشنطن خلال زيارة نتنياهو ويبدو أن موسكو عرفت بها وفضحتها في كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام الرئيس السوري بشار الأسد في قمة استثنائيّة تحت عنوان التصعيد مقبل الى المنطقة، قبل تفجير مجدل شمس.
وها هو التصعيد قد جاء ونحن في قلبه بذريعة تفجير مجدل شمس وتحت غطاء الكلام الأميركي عن الدفاع عن النفس.
الهدف الملازم لحماية كيان الاحتلال بدا أنه حماية بقاء القوات الأميركية في سورية والعراق، وخوض حرب تثبيت هذا الاحتلال، وهذه الحرب المقرّرة يخوضها نتنياهو بالأصالة عن الكيان وحكومته وبالوكالة عن واشنطن، أسوة بما جرى في حرب تموز 2006 ورسمت أهدافها يومها كونداليسا رايس لولادة شرق أوسط جديد، بينما تخاض اليوم بصمت أميركي، لكن بأهداف أبعد من المنطقة محورها السعي لقطع الطريق على تقدّم روسيا والصين استناداً إلى هزيمة تلحقها إيران وقوى المقاومة بأميركا والكيان في المنطقة.
وبعدما كانت واشنطن قد قررت تجاهل صراعات الشرق الأوسط وتجميدها للتفرغ لمواجهة روسيا والصين، صارت معادلات المعركة مع روسيا والصين ترسم في المنطقة وحروبها.
بالتوازي، نشطت في المنطقة الحركة الدبلوماسية العربية والأوروبية لترجمة الأهداف الأميركية بتخفيض حدود الردّ المقرّر من إيران وقوى المقاومة، تحت شعار ضبط النفس وتسهيل التوصل لحل سياسي، بينما أعلنت إيران بلسان قادة الحرس الثوري جاهزية الرد، وانتظار القرار السياسي بالتوقيت، وبتوقيت لافت أعلن البنتاغون وقوع إصابات بين الجنود الأميركيين في قاعدة عين الأسد في العراق بصواريخ للمقاومة العراقية، بينما قالت صحيفة الواشنطن بوست إن طائرة أميركية مسيّرة قد اغتالت أحد قادة حركة انصار الله اليمنية المتخصص بإطلاق الطائرات المسيّرة خلال وجوده في بغداد للتنسيق مع المقاومة العراقية.
فيما يعيش كيان الاحتلال والمحور الأميركي – الغربي الداعم له تحت وطأة وثقل انتظار الرد الإيراني ومحور المقاومة على اغتيال قائدين كبيرين في المقاومة، تتجه الأنظار الى الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم في أسبوع القيادي في الحزب فؤاد شكر.
ويتحدّث السيد نصرالله في القسم الأول من الخطاب وفق ما علمت «البناء» عن السيرة الجهادية الطويلة للشهيد شكر وإنجازاته ودوره في قيادة المقاومة على مستوى التخطيط والتنفيذ وصناعة عوامل القوة العسكرية ومعادلات الردع ضد العدو الإسرائيلي والحركات الإرهابية في لبنان وسورية والعراق، وأيضاً دور القائد شكر في التنسيق بين جبهات محور المقاومة لا سيما في الحرب على غزة. كما يستعرض السيد نصرالله آخر التطورات على الساحة الفلسطينية والتصعيد الإسرائيلي وحالة الذعر والاستنفار التي تسود الكيان الصهيوني جراء انتظار الردّ.
كما يتطرّق السيد نصرالله الى التهديدات الإسرائيلية بعدوان استباقي على لبنان لفرض معادلة جديدة على المقاومة، كما سيؤكد السيد نصرالله على الردّ على اغتيال فؤاد شكر وعلى استعداد محور المقاومة للردّ على الردّ حتى لو انزلق الوضع الى الحرب المفتوحة أو الشاملة.
وتوافرت معلومات وأجواء مفادها أن رسائل عدّة وصلت إلى إيران تطالبها بأن يكون ردّها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية «مقبولاً» ولا يستفز «إسرائيل» لتجنّب احتمالات الحرب الواسعة.
لكن على ما يبدو فإن محاولات احتواء ما حصل فشلت، إذ أفاد ديبلوماسي غربي لـ«هآرتس» العبرية بـ«فشل جهود التهدئة مع إيران»، لافتاً إلى توقع «رد خلال يومين»، كاشفاً عن استعداد «لأيام من تبادل الضربات في المنطقة».
لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبلغ وزراء خارجية دول مجموعة السبع أن هجوم إيران و»حزب الله» على «إسرائيل» قد يبدأ يوم الاثنين (اليوم) حسبما أفاد موقع «أكسيوس» الإخباريّ.
وذكر التقرير نقلاً عن مصادر لم يسمّها أن «بلينكن أبلغ نظراءه في مجموعة السبع أن هجوم إيران وحزب الله على «إسرائيل» قد يبدأ الاثنين (أمس)».
وأشارت المصادر لـ «أكسيوس» إلى أن بلينكن قال إن «الولايات المتحدة تعتقد أن إيران وحزب الله سينتقمان، لكن ليس من الواضح بعد ما هو الشكل الذي سيتخذه الانتقام.
وفي سياق ذلك دعت عدد من الدول الأجنبية والعربية رعاياها إلى مغادرة الأراضي اللبنانية. في السياق، حثت الخارجية اليابانية رعاياها في لبنان على المغادرة. كذلك، دعت تركيا مواطنيها إلى مغادرة لبنان.
ميدانياً، خرق طيران الاحتلال الحربي جدار الصوت بشكل عنيف فوق الجنوب وبيروت محدثاً دوي انفجار هائل.
واستأنف حزب الله عمليّاته، صباح أمس، وفي أولى عمليّاته شنّ «هجوماً جوياً بِسربٍ من المسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة الفرقة 91 المُستحدَث في ثكنة إيليت، مُستهدفاً أماكن تموضع واستقرار ضباطها وجنودها وأصابها بشكلٍ مباشر، وأوقع فيهم عدداً من القتلى والجرحى».
واعلن أيضاً أنه استهدف «موقع المالكية بِمسيرة هجومية انقضاضية فأصابت أهدافها بِدقة».
وردت «إسرائيل» باستهداف مسيّرة محيط الجبانة قرب الساحة في بلدة ميس الجبل، مما أدى الى سقوط شهيدين ووقوع عدد من الإصابات، تم نقلها الى مستشفى تبنين. وفي وقت لاحق، نعت جمعية كشافة الرسالة الإسلامية الشهيد محمد فوزي حمادي (أبو زينب) وهو مسعف في الدفاع المدني من بلدة ميس الجبل مواليد 12-10-1982، مشيرة إلى أنه استشهد أثناء قيامه بواجبه الوطني والإنساني دفاعاً عن لبنان والجنوب. كما نعى حزب الله علي غالب شقير «جهاد» مواليد عام ١٩٩٦ من بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس.
كما أغار الطيران المسيّر بصاروخين على منطقة درب الحورات في ميس الجبل.. وأغار العدو الإسرائيلي على رب ثلاثين، وتعقيباً، صدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن الغارة العدوة التي وقعت في البلدة أدت إلى جرح شخص نقل إلى المستشفى وحالته مستقرة.
من جهته، أعلن حزب الله أنه استهدف ثكنة زرعيت بالقذائف المدفعية.
أيضاً أعلن انه استهدف موقع رأس الناقورة البحري بالقذائف المدفعية الثقيلة.
ومساء امس، أعلن الإعلام الحربي في «حزب الله»، أنه «دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، ورداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة، وخصوصاً الاغتيال الذي نفّذه في جبانة بلدة ميس الجبل، شنّ مجاهدو المقاومة الإسلامية هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على قاعدة جبل نيريا (مقر قياديّ كتائبيّ تشغله حالياً قوات غولاني) مستهدفة أماكن تموضع ضباطها وجنودها وأصابت أهدافها بدقة وحققت فيهم إصابات مؤكدة».
رسمياً، تلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً من وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي جرى خلاله البحث في الوضع في لبنان والتطوّرات في المنطقة.
وكان تشديد على ضرورة وقف التصعيد واللجوء الى الحلول السلميّة وتطبيق القرارات الدوليّة وفي مقدّمها القرار 1701.
وكان رئيس الحكومة عقد سلسلة لقاءات واجتماعات في السراي.
وفي هذا الإطار، استقبل الرئيس ميقاتي سفير سلوفاكيا ماريك فارغا في لبنان في زيارة وداعيّة.