كتبت صحيفة “النهار”: وسط دوامة عبثية من الانتظار وتبادل تسجيل المواقف في حلقة مفرغة يشكلها مشهد الفراغ الرئاسي المفتوح على مزيد من المجهول والغموض، كان طبيعيا ان تشغل ازمات الواقع الانهياري الوسط الحكومي والرأي العام المحلي علما ان جوانب أساسية من هذه الازمات كازمة الكهرباء تتصل بتصفيات حساب وتجاذبات سياسية ضمن التركيبة الحكومية نفسها.
وإذ تنحسر نسبيا حرارة السجالات المتعلقة بالملف الرئاسي أعلنت السفارة الفرنسية في بيروت وصول القائم بالاعمال لدى السفارة السفير هيرفي ماغرو بعد نحو عشرين يوما من مغادرة السفيرة السابقة آن غريو والتقى على الأثر وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في زيارة تعارف.
وجاء وصوله غداة لحظة احتدام وانقسام نيابي وسياسي اثارتها رسائل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى النواب تمهيدا لعودته الى بيروت في أيلول المقبل في زيارة ثالثة له في اطار تكليفه ملف ازمة الانتخابات الرئاسية.
وبدا واضحا ان الاشتباك الكهربائي حول تمويل بواخر الفيول لم يضع اوزاره بعد، بل ظل مفتوحا اذ أخفق اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بملف الكهرباء بعد ظهر امس في السرايا برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في التوصل الى حل لهذا الملف بعدما رفضت اللجنة طلب وزارة الطاقة الاعتمادات المطلوبة لباخرتي الفيول العالقتين وسط الاشتباك. وأفادت مصادر اللجنة ان الاجتماع لم يخرج بأي اتفاق لا على سفينة الغاز اويل ولا على الفوترة بالدولار ولا على صرف ليرات الجباية إلى دولار .
وأفاد البيان الرسمي الصادر عن السرايا انه ” تقرر الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تحديد التعرفة الجديدة على اساس آخر سعر صرف حدده مصرف لبنان (لمنصة صيرفة) وذلك اعتباراً من إصدار 1/7/2023. كما والطلب اليها تمديد العمل بقرار مجلس الادارة والمتعلق بتعديل التعرفة الكهربائية. وتقرر الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تكثيف التواصل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدفع المستحقات المتوجبة على أماكن تواجد النازحين السوريين”.
وفي موضوع باخرة الغاز اويل “تقرر الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تحديد كمية مخزونها من الغاز اويل ومدى توافر الأموال لديها لفتح الاعتمادات المطلوبة من قبل وزارة الطاقة والمياه ليُصار في ضوء ذلك إلى بحث الموضوع في الاجتماع المُقبل للجنة لإتخاذ القرار المناسب وفقاً للآلية التي تقررت في الاجتماع السابق للجنة بتاريخ 12/4/2023 .
واكدّت اللجنة أن ما تقدّم لا يُعتبر، وبأي شكل من الأشكال، بمثابة موافقة من قبلها على طلب فتح الاعتمادات المطلوبة للغاية المذكورة لاسيما في ضوء عدم التزام الوزارة بقرار اللجنة لناحية وجوب الاستحصال منها على قرار مسبق وواضح في هذا السياق، ويبقى للوزير في مطلق الأحوال، وتداركاً لأي ضرر لا تُسأل عنه الدولة، حرية التصرف بالباخرة وفقاً لما يراه مناسباً”.
وكانت وزارة الطاقة استبقت اجتماع اللجنة وردت على ما وصفته “سلسلة مغالطات” حول باخرة الفيول التي فجرت خلافا بينها من جهة ووزارة المال والسرايا من جهة ثانية.
واعتبر وزير الطاقة وليد فياض أنه “كان عرضة لسيل من المغالطات والتضليل، وان ما اشيع حيال شرائه الفيول بقرار شخصي، هو محض افتراء، إذ أن القرار هو تنفيذ حرفي لقرار مجلس الوزراء بتمويل خطة الطوارئ عبر سلفة تعطى لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 300 مليون دولار، علما ان المراسيم صدرت بالجريدة الرسمية”، موضحا أنه “تم إجراء مناقصة أول مرة، ولكن السعر كان مرتفعا، فأعدنا اجراءها لتخفيض السعر ونجحنا في توفير أكثر من 2 مليون دولار، وكل هذه العملية كانت عبر هيئة الشراء العام وتحت اشرافها”.
أما عن عدم حصوله على موافقة اللجنة الوزارية، فيوضح انه راسل الامانة العامة لمجلس الوزراء “التي أبلغتنا بنتيجة التلزيم الموقت فور صدور نتيجة المناقصة، وانتظرت مبادرتها الى دعوة اللجنة الوزارية كونها برئاسة رئيس الحكومة، وعندما انقضت المهلة القانونية 10 ايام ثبتت النتيجة وأبلغت الامانة العامة مجددا بذلك”.
السجال الرئاسي
في المشهد السياسي وعقب انتقادات رئيس مجلس النواب نبيه بري لرافضي الحوار، اعتبر عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط أن “رئيس المجلس يخالف الدستور فهو مضطر أن يدعو الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية” موضحا أن “عدم الدعوة الى جلسة تشريعية مخالف للدستور والحوارات وأي مبادرات أخرى هي خارج إطار الدستور”. وعن التفاوض بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” تمنى “ألا تنجز الصفقة التي تدمر لبنان والتي تؤدي الى المزيد من الانحلال وهي إن حصلت تكون محاصصة جديدة وبيعة جديدة للبلد”.
واعلن “لن نكون مسهلين لوصول رئيس من محور الممانعة يؤدي الى تمديد الازمة، وندرس كل الخطوات” .
في المقابل، توقف المكتب السياسي لحركة “امل” أمام التطور الأخير للمبادرة الفرنسية وردود الفعل عليها وأكد “ترحيبه بأي جهد صادق لخدمة لبنان، وإن الأساس هو التركيز على إنجاح الحوار وإلتقاء مكونات المجلس النيابي لمناقشة السبل من أجل إنجاحه وصولاً إلى توافقٍ على إنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية”.
وشدد على أن “إحترام وإعلاء الممارسات المؤسساتية وجعل الدستور وباقي القوانين والتشريعات في صدارة إهتمام القيادات الوطنية سوف يمنحنا جميعاً ثقة اللبنانيين الذين يتوقون إلى الدولة بوصفها مصدراً للرؤية والقدرة والعدالة، وهو ما يفوّت الفرص على محاولات إرباك الساحة الوطنية بخضات أمنية متنقلة في ظل إستباحة الفضاءات الإلكترونية والإعلامية المتفلته من كل الضوابط والمسؤوليات”.
عون وملف الكحالة
على صعيد المتابعات للاحداث الأمنية الأخيرة ولا سيما منها حادث الكحالة التقى قائد الجيش العماد جوزف عون امس في مكتبه في حضور مدير المخابرات العميد الركن طوني القهوجي النواب: غسان حاصباني، أشرف ريفي، سليم الصايغ، الياس حنكش، بلال الحشيمي، وضاح الصادق، مارك ضو.
وأكد النواب “دعمهم للجيش منوهين بأدائه وحكمته في معالجة مختلف الحوادث الأمنية، وآخرها حادثة بلدة الكحالة كما شددوا على أهمية دور الجيش في المحافظة على الأمن والاستقرار في لبنان”.
كما استقبل عون وفدًا من أهالي بلدة الكحالة في حضور مدير المخابرات، وتم تداول شؤون البلدة وما حصل فيها، إضافة إلى هواجس أبنائها. وأشاد أعضاء الوفد بدور الجيش خلال المرحلة الراهنة، مؤكدين “أهمية العلاقة التاريخية بين البلدة والمؤسسة العسكرية، والحرص على استمرار هذه العلاقة المبنية على الاحترام، ومتابعة الملف قضائيًّا”.
وفي ترجمة للأجواء الإيجابية صدر بيان مساء عن بلدية وأبناء الكحالة وفعالياتها جاء فيه: “عقدت لجنة المتابعة اجتماعها لمناقشة الاجتماع الذي عُقد مع قائد الجيش وحضور مدير المخابرات، وبعد التوضيحات التي حصل عليها الوفد وبعد التداول وتسهيلاً لمسار التحقيق التي ما دمنا نطالب به سيحضر الشبّان المعنيين للإدلاء بإفادتهم كشهود”