حذّر جيش العدو الإسرائيلي، أمس، نحو 30 جندياً وضابطاً شاركوا في القتال في قطاع غزة من السفر إلى الخارج بعدما تقدمت مجموعات مؤيدة للفلسطينيين في أوروبا بشكاوى ضدهم بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في 21 تشرين الثاني أوامر اعتقال ضد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت اللذين ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
ونصح الجيش الإسرائيلي جنود الاحتياط الذين قاتلوا في غزة بالتحقق مع وزارة الخارجية بشأن مستوى الخطر في أي بلد يرغبون زيارته.
وطلب من ثمانية جنود سافروا إلى الخارج العودة فوراً الى فلسطين المحتلة خشية اعتقالهم أو استجوابهم في الدول التي كانوا يزورونها، ومن بينها قبرص وسلوفينيا وهولندا.
وقد تم التعرف في هذه الدول على الجنود الإسرائيليين من خلال مقاطع فيديو وصور التقطوها أثناء عدوانهم على غزة ونشروها بأنفسهم على الإنترنت.
وتظهر المقاطع المصوّرة الجنود اثناء ارتكابهم جرائم قتل وتدمير شامل وسرقة وتعذيب المعتقلين وتهديدهم والحط من كرامتهم وغيرها من الأفعال التي يعاقب عليها القانون الدولي.
إخضاع المدعي العام الدولي للتحقيق بسبب مزاعم تحرّش
وتشعر قيادة جيش الاحتلال بالقلق من أن بعض كبار الضباط، بمن فيهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي، قد يواجهون ملاحقة قضائية في المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت الشهر الماضي أوامر اعتقال ملزمة لـ 124 دولة ضد نتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وقد شُكّل فريق إسرائيلي بقيادة وزارتي العدل والخارجية و«قسم القانون الدولي» في جيش العدو، ويضم ممثلين من جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) والموساد، لإجراء تقييمات بناءً على مكان خدمة الجندي وفرص اعتقاله أو احتجازه في كل دولة. كما كلّفت الحكومة الإسرائيلية محامين محليين في عشرات البلدان لمراقبة التشريعات والإجراءات القضائية التي تتعلق بملاحقة إسرائيليين.
وفي ما يتعلق بأوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، تضغط المخابرات الإسرائيلية على المدعي العام الدولي كريم خان لدفعه الى التراجع عن ملاحقة نتنياهو وغالانت. وتوظف المخابرات الإسرائيلية أذرعتها من داخل المحكمة في لاهاي وفي الأوساط الإعلامية لنشر مزاعم حول سوء سلوك جنسي لخان بحق إحدى المحاميات.
وكلّفت المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي مراقباً خاصاً تابعاً للأمم المتحدة لتولي التحقيق في مزاعم سوء السلوك الجنسي التي وجّهت ضد كريم خان في أيار الفائت قبل تقديمه طلب إصدار أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت. وقد نفى خان بشكل قاطع الاتهامات التي وُجّهت إليه بمحاولته إكراه مساعدة له على إقامة علاقة جنسية.
وأبلغ خان الجمعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية المؤلفة من 124 دولة موقّعة على نظام روما الأساسي (نظام المحكمة) خلال اجتماعها السنوي الذي يعقد هذا الأسبوع (بين 2 و7 كانون الأول) في لاهاي أنه يتولى تحقيقات «حساسة سياسياً في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية» وقعت في أوكرانيا وغزة وفنزويلا وعدد من الدول الإفريقية.
لكن بعض المشاركين في الاجتماع قالوا لـ«الأخبار» إن العديد من الأسئلة تطرح على هامش الاجتماع بشأن التحقيق الصحافي الذي أجرته وكالة «أسوشيتد برس» في تشرين الأول الفائت بشأن اتهامات وجّهت الى خان بأنه حاول إكراه محامية على إقامة علاقة جنسية وتحرش بها ضد إرادتها على مدى عدة أشهر.
وأعلنت الدبلوماسية الفنلندية التي ترأس حالياً هيئة الرقابة على المحكمة الجنائية الدولية، بايفي كوكورانتا، أن مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة سيتولى التحقيق في المزاعم بشأن خان.
ويتوقّع أن تسعى الاستخبارات الإسرائيلية الى التدخل في التحقيق وحثّ المحققين على إدانة خان، علماً أن إسرائيل كانت قد بدأت في شن حملة واسعة ضد المحكمة الجنائية الدولية منذ أن اعترفت بفلسطين كعضو موقّع على نظام روما الأساسي.
وفي عام 2015 فتحت المحكمة تحقيقاً أولياً في الجرائم والارتكابات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. واستهدفت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية على مدى العقد الماضي كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك سلف خان، فاتو بن سودا، التي تعرّضت لتهديد مباشر من الموساد بحسب ما نقلت صحيفة «غارديان» اللندنية عنها (27 تشرين الثاني).