أخبار لبنان

الزراعة في خطر!

تأثيرات العدوان الإسرائيلي على القطاع الزراعي في لبنان لن تنتهي بوقف إطلاق النار، بل ستستمرّ للموسم المقبل على الأقل بسبب اضطرار المزارعين للنزوح وعدم حصاد مواسمهم وحرث اراضيهم وزراعتها للموسم المقبل طوال فترة العدوان.

هذا يعني، بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن معيشة شريحة من السكّان سوف تتأثّر بهذه الحرب لفترة من الزمن.

ولا سيما العاملين في الزراعة والمزارعين والمُستهلكين من ذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون على المنتج المحلّي لتأمين القسط الأكبر من حاجاتهم الغذائية، وفق ما ذكر تقرير نشره موقع “صفر” المعني بالملفات الإقتصادية.

يأتي هذا في ظل انكفاء الدولة المستمرّ عن القيام بأي من أدوارها الاجتماعية والاقتصادية، سواء في دعم المجتمعات المحلّية أو دعم النشاطات الاقتصادية التي ترتفع الحاجة إليها في فترات الحرب، وفي ظل الخوف الناجم عن امتداد هذه التأثيرات إلى مواسم أخرى.

لا سيما في المناطق التي تعرّضت للقصف بقنابل الفوسفور الأبيض المضرّ للتربة.

ويبيّن مسح أجرته:

وزارة الزراعة في العام 2021، أن مجمل مساحة الأراضي الزراعية يبلغ حوالي 268,887 هكتاراً، من ضمنها 151,918 هكتاراً هي عبارة عن أراضٍ مروية، تتركّز بشكل رئيس في المناطق الوسطى من بعلبك وزحلة والبقاع الغربي وتُزرع بالفاكهة وكروم العنب والخضروات والمحاصيل الدرنية.

فضلاً عن بعض المناطق الساحلية بين صيدا وصور حيث تُزرع أشجار الحمضيات والموز وأشجار الفاكهة الاستوائية والخضروات.

أمّا المحاصيل غير المروية الشائعة في الجنوب والبقاع فتشمل كلاً من الزيتون والحبوب والبقول والتبغ.

في تقييم سريع لآثار الحرب على الزراعة وسبل العيش في لبنان، أجرته منظّمة الزراعة والتغذية للأمم المتّحدة عبر تحليل صور الأقمار الاصطناعية، عرّضت الحرب الإسرائيلية ما لا يقل عن 130 بلدية لخطر كبير جرّاء الأضرار التي لحقت بالأراضي والأصول الزراعية فيها.

هي بمعظمها بلديات تقع في أقضية بعلبك والهرمل والنبطية ومرجعيون، التي تضمّ بالأساس نسبة كبيرة من السهول الخصبة والأراضي الزراعية والحقلية.

وتعتبر بلديات الهرمل وبوداي وبعلبك وسرعين التحتا والنبي شيت والخيام ومرجعيون الأكثر عرضة للخطر.

وقبل تصعيد العدوان، أظهر مسح أجرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتّحدة في آذار 2024 أن الحرب كان لها بالفعل تأثير شديد على المزارعين والأراضي الزراعية في لبنان.

وأبلغ الكثير من المزارعين في المناطق المتضرّرة عن أضرار لحقت بمحاصيلهم أو اضطرارهم لترك حقولهم بسبب الحرب، ووردت تقارير عن تضرّر البنية التحتية الزراعية مثل أنظمة الريّ والدفيئات الزراعية.

في المناطق الجنوبية، على سبيل المثال، تضرّرت محاصيل القمح والزيتون والتبغ بشكل كبير.

وبسبب انعدام الأمن، قال الكثير من المزارعين إنهم لم يتمكّنوا من الزراعة أو الحصاد كالمعتاد، ما أدّى إلى انخفاض الإنتاج وتكبّد خسائر مالية.

وفي الحصيلة، تقول الفاو إنه بحلول تشرين الثاني الماضي، أفاد جميع المزارعين تقريباً في جنوب لبنان أنهم لم يتمكّنوا من الوصول بأمان إلى أراضيهم، فيما أبلغ ثلثا المزارعين في لبنان عن أضرار مُتفرقة لحقت بأراضيهم ومزارعهم.

وفي الفترة المُمتدّة بين 23 أيلول 2024 والأول من تشرين الثاني 2024، تشير تقديرات الفاو إلى أن إسرائيل استهدفت الأراضي الزراعية بنحو 366 ضربة جويّة من ضمنها 74 ضربة طالت أراضٍ مروية.

تركّزت الأراضي الزراعية الأكثر تضرراً في يحمر، والبازورية، وسرعين التحتا، والنبطية الفوقا، وقبريخا، فيما تركّزت الأراضي الزراعية المروية الأكثر تضرراً في المنصوري، وعين أبو عبد الله، والنبي عثمان، وحوش سنيد، والخضر وصور.

وبحسب الفاو، تعتبر الأنشطة الزراعية الأكثر عرضة للخطر بناءً على التقويم الزراعي لهذه المناطق، هي حصاد العنب والبطاطس، وزرع محاصيل الخضار والدرنات في أواخر الصيف في قضاء بعلبك.

وحصاد الزيتون والحمضيات والموز والأفوكادو والفواكه الاستوائية الأخرى، وزرع محاصيل الخضار والحبوب في أواخر الصيف في أقضية صور والنبطية ومرجعيون.

وبخلاف الأضرار التي لحقت بالمحاصيل، واجه منتجو الماشية أيضاً تحدّيات كبيرة.

والواقع أن القصف العنيف طال الأراضي العشبية التي تعرّضت لنحو 221 غارة، وكذلك الأراضي الحرجية التي تعرّضت لنحو 173 ضربة في مناطق متفرّقة منذ تصعيد العدوان وحتى بداية تشرين الثاني الماضي.

وتتركّز معظم الأراضي العشبية والحرجية المتضرّرة في المناطق الجنوبية والساحلية من لبنان، وهي بغالبيتها غابات بلّوط، أما المناطق المتضرّرة الرئيسة في بعلبك والبقاع والجنوب فتستخدم لرعي الماشية.

علماً أن الأراضي الحرجية الأكثر تضرراً موجودة في جباع وعلما الشعب ومجدل زون، في حين تقع المراعي الأكثر تضرراً في شبعا ودير سريان وصفد البطيخ وطاريا.

تكمن أهمّية هذه المناطق باستخدامها كمراعٍ للماشية.

وبإضافة هذا العامل إلى فقدان الحيوانات بسبب النزوح، أو نقص الوصول إلى الأعلاف أو إلحاق الضرر بزرائب الحيوانات، فهذا يعني تضرّر هذا الفرع من القطاع الزراعي، وبالتالي تراجع المنتجات الغذائية التي يؤمنها من لحوم وأجبان وألبان.

لبنان ٢٤

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى