كتبت “الأنباء” تقول: بعد إنتهاء منازلة مجلس النواب الأربعاء الماضي، وانتهاء الجولة 12 من المعركة الرئاسية المستمرة، اتجهت الأنظار إلى الخارج، وبشكل خاص فرنسا، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبحث معه ملفات عدّة، أبرزها حرب أوكرانيا ولبنان، وكان قد سبق اللقاء مشاورات بين مسؤولي قصر الإليزيه، بينهم باتريك دوريل ومسؤول الملف اللبناني في الرياض نزال العلولا والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري.
وإلى ذلك، فإن هذه اللقاءات على أهميتها لن تكون الوحيدة المعنية باهتمام فرنسا في لبنان، بل إن لقاءً آخر سيجمع المسؤول الفرنسي الجديد عن الملف اللبناني، وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، قبل وصوله إلى لبنان، لتحديد العناوين الأساسية لخطة عمله، ليحمل ما في جعبته ويزور لبنان في الفترة المقبلة.
ثمّة تعويل على الحركة الخارجية في المرحلة الآتية، لأن المساعي الداخلية أثبتت أنها غير كافية ولن نتنج رئيساً، والجلسة الثانية عشر خير دليل مع استمرار مسلسل المواجهة والتعطيل، وإلى جانب المساعي الفرنسية، فإن ثمّة حركة قطرية أيضاً مرتقبة استكمالاً للزيارة السابقة التي قام بها الوفد القطري قبل أشهر.
لكن وعلى الرغم من فشل الجلسة الأخيرة بانتخاب رئيسٍ، إلّا أنه لا بد من الإشارة إلى أن نتائج هذه الجلسة ستكون حاضرة خلال اللقاءات، لأن ما قبلها لن يكون كما بعدها، وميزان القوى الجديد الذي صار أمراً واقعاً أظهر رفضاً واسعاً تعدّى الأكثرية النيابية لسياسات الفرض التي يتبعها فريق الممانعة، ما يحتّم على باريس تبديل طريقة مقاربتها للملف اللبناني، بعد دعمها الواضح لترشيح سليمان فرنجية.
مصادر معارضة تنظر بتفاؤل للحركة الدولية الحاصلة والمرتقبة، وتُشير إلى أن “الجلسة الأخيرة ثبّتت ميزان قوى جديد، وهو 77 نائباً يرفضون منطق الممانعة ومرشّحها فرنجية، و59 نائباً يتفقون على أزعور”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، تعتبر المصادر أنه “من المفترض أن تأخذ العواصم الوقائع الجديدة والواضحة بعين الاعتبار، لتبدّل طريقة تعاطيها مع الملف، خصوصاً لجهة فرنسا التي دعمت فرنجية”.
تعود المصادر إلى تصريحات ومعلومات سابقة تم التداول بها في الإعلام حول احتمال فرض عقوبات على معطّلي استحقاق رئاسة الجمهورية، وترى أنها “وسيلة ممكنة للضغط على فريق الممانعة الذي يُعطّل نصاب الجلسات من خلال انسحابه ويمنع قيام عملية ديمقراطية”.
لكن هذه الحركة الخارجية وحدها لن تكون كافية ما لم تتكلّل بتواصل مع إيران لتضغط الأخيرة على حزب الله من أجل النزول عن شجرة فرنجية التوجّه نحو توافق معيّن، وفي هذا السياق، ثمّة تعويل لأن تتواصل كل من باريس والرياض مع طهران على اعتبار أن العلاقة موجودة وتتحسّن بين هذه العواصم.
وفي السياق نفسه، ثمّة من يربط أيضاً ملف الرئاسة اللبناني بالاتفاق النووي المحتمل، على اعتبار أن إيران تأخذ البطاقة اللبنانية رهينة لابتزاز الولايات المتحدة عبر تهديد إسرائيل وأمنها، خصوصاً بعدما أشيعت أخبار عن احتمال التوصّل إلى اتفاق مؤقّت بين طهران وواشنطن.
إذاً، وبعكس الدعاية الاعلامية والسياسية، فإن الاستحقاق الرئاسي لم يُلبنن بشكل كامل، وأطراف سياسية عدة تنتظر المستجدات الإقليمية والدولية للبناء عليها، وفي حال لم يستجد طارئ، فإن لبنان سيكون حاضراً بقوّة في المرحلة المقبلة دولياً.