أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كما يفرض عقوبات على المحكمة إذا حققت أو حاكمت أشخاصا محميين من واشنطن أو حلفائها.
-المعروف ان هذا القرار جاء بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية، أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وابادة جماعية في غزة. كما يعتبر اجراء استباقيا يمنع المحكمة الجنائية الدولية مستقبلا من ملاحقة مسؤولين وجنود أميركيين، متورطين في جرائم حرب ضد دول غزتها امريكا واعتدت عليها، خارج نطاق القانون الدولي.
-القرار يبعث برسالة تأييد قوية لزعماء “إسرائيل”، بانهم فوق القانون، وانهم تحت الحماية الامريكية، وليس بمقدور اي جهة اممية او دولية، محاكمتهم او ملاحقتهم، مهما ارتكبوا من جرائم او فظائع ضد الانسانية، وان لا قانون يعلو فوق القوة الامريكية.
-من المؤكد ان نتنياهو وعصابته الارهابية، الملاحقة من قبل القانون الدولي، سيعتبرون القرار بمثابة ضوء اخضر كبير لهم، لمواصلة جرائم الحرب التي يرتكبوها في غزة، دون خوف من اي ملاحقة قانونية، من اي جهة كانت، وبذلك تكون امريكا قد افهمت شعوب العالم، انها لا تعير اهمية لاي قانون او محفل دولي، وانها تتعامل مع العالم معاملة السيد مع العبد، فقط لمجرد انها تمتلك النفوذ والقوة العسكرية.
-المضحك، ان الرئيس الامريكي جو بايدن، الذي أيّد وساند ودعم قرار المحكمة الجنائية الدولية، عندما اصدرت امرا باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على خلفية الحرب في اوكرانيا، رغم ان الاخير بشهادة الغربيين انفسهم، لم يرتكب في اوكرانيا ، واحد بالمائة مما ارتكبه نتنياهو في غزة، وطالب دول العالم بتنفيذ مذكرة الاعتقال بحق بوتين، عندما قررت المحكمة ملاحقة نتنياهو، نراه ينفي قيام “إسرائيل” بتجويع الفلسطينيين، مؤكدا ان “المحكمة الجنائية الدولية شيء لا نعرفه، ولا نعترف به”!!.
-وفي اجراء يكشف حجم استهتار امريكا بالقانون الدولي، وعدم مبالاتها بارواح عشرات الالاف من الاطفال والنساء، التي ازهقها نتنياهو، وجه الكونغرس الامريكي دعوة للقاتل نتنياهو الى القاء كلمة امامه، الامر الذي يعتبر بمثابة اعلان واضح ان امريكا شريكة مباشرة في جرائم الابادة التي يرتكبها نتنياهو في غزة.
-ليس هذا فقط، فقد كافأت امريكا نتنياهو على جرائمه واحتقاره للعدالة الدولية، عندما قررت لجنة المخصصات في مجلس النواب الأميركي ان تضع مقترحاً لميزانية الدفاع لعام 2025 بقيمة 833 مليار دولار، يتضمّن أموالاً لشراء مزيد من طائرات “أف – 35” والمساعدات لـ”إسرائيل”، لمواصلة دورها الخبيث والشرير في المنطقة، دون اعتناء حتى للراي العام الامريكي الذي رفض تبعية امريكا العمياء لنتنياهو، الذي لا يقيم وزنا للمصالح الامريكية، ويحتقر كل امريكي، حتى لو كان بايدن.
-الغريب ان كل هذه المكافآت المجزية التي تقدمها ادارة بايدن لنتتياهو، نرى الاول يعترف في حوارٍ مع مجلة “التايم” الأميركية، ان نتنياهو “يُطيل أمد الحرب في غزة من أجل المحافظة على حياته السياسية، وان هناك أسباباً كثيرة تؤكد هذه الاستنتاج”، بينما يخرج علينا اعضاء ادارته ليقولوا للعالم ان حماس هي التي تماطل وترفض وقف اطلاق النار، بينما ان اول من لطم بايدن على فمه واخرسه، عندما اعلن مبادرته لوقف اطلاق النار، هو نتنياهو.
-رغم كل الفظائع والمآسي التي شهدتها غزة، الا ان مظلومية الشعب الفلسطيني، كشفت وبشكل واضح جدا، ان امريكا هي “اسرائيل”، وان “اسرائيل” هي امريكا، وان هذا التوأم السيامي، لا يمكن فصلهما عن بعض، وان من العار ان يفتح العرب وبعض المسلمين حسابا لدى الامريكيين، بوصفهم محايدين ازاء القضية الفلسطينية، وان هذه المظلومية اماطت اللثام عن وجه امريكا، فاذا بها وجود متوحش متعطش للدماء، لا يقيم وزنا لاي قيم انسانية او اخلاقية، ولن يردعها عن توحشها، الا القوة، وهذه الحقيقة كانت ومازالت من اهم الاسباب التي كانت وراء بزوغ محور المقاومة، الذي يتحدث مع الثنائي السيامي المشوه والمتوحش، باللغة الجيدة التي يفهمها.