كتبت صحيفة “البناء”: بدأ ليل أمس، تطبيق وقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، بمساعٍ سعودية أميركية، تؤكد أن ما كتبته الـ واشنطن بوست حول الحاجة الأميركية للسعودية على صعد متعددة من تزويد أوروبا بالنفط وفتح أسواقها للاقتصاد الأوروبي الهشّ، الى تأمين أعلى قدر من الاستقرار الممكن في المنطقة، لتفادي توترات قابلة للتوسع وتهديد سلاسل توريد الطاقة إلى أوروبا، خصوصاً في الممرات المائية الحساسة كالبحر الأحمر، وما قالته الواشنطن بوست عن الخلاف الأميركي السعودي حول سورية، “إن الدول العربية وعلى رأسها السعودية تحكم بدقة على موقف الولايات المتحدة من التطبيع مع سورية، وهو أنّها لا تريد وضع بصماتها عليه، ولا تريد دعمه، لكنها لن تفعل أي شيء لمنع حدوثه”. كما نقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في البنتاغون، يرأس برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي.
بالتوازي بدا الرئيس التركي رجب أردوغان مرتاحاً لفرص فوزه في الجولة الانتخابية المقبلة الأحد المقبل، بعدما أعلن المرشح الثالث في الجولة الأولى سنان أوغان، الذي لن تتاح له المشاركة في الدورة الثانية، عن دعمه لـ أردوغان بوجه منافسه كمال كليجدار أوغلو، وهو ما كشف برأي بعض المراقبين في تركيا عن صفقة أجراها الأميركيون مع أردوغان على حساب حليفهم كليجدار، مضمونها دفع أوغان لدعم أردوغان مقابل ضبط أردوغان لإيقاع حركته حول سورية بالتنسيق مع واشنطن، خصوصاً بصدد الالتزام بالانسحاب التركي الذي تطلبه سورية، بربطه بالانسحاب الأميركي، وهو ما يفسّر برأي هؤلاء المراقبين الموقف العالي السقف الذي صدر عن الرئيس السوري في القمة العربيّة حول خطر العثمانية بنكهة إخوانية.
على مستوى المنطقة أيضاً تواصلت التعليقات الإسرائيلية على مناورة المقاومة التي جرت تحت شعار “سنعبر قادرون”، وتركزت التعليقات على نقطتين، الأولى أن المناورة تعني أن وحدة الساحات التي بشر بها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باتت حقيقة قائمة، والثانية أن شعار المناورة والتكتيكات القتالية التي شهدتها تقول بأن قضية العبور الى داخل الجليل باتت خطراً داهماً يعادل خطر الصواريخ الدقيقة أو يفوقه.
لبنانياً، أنهت الحكومة جلسة المشاورات التي تناولت موضوعي الموقف من وضع حاكم المصرف المركزي بعد إصدار مذكرة توقيف بحقه من القضاء الفرنسي وتبلّغها رسمياً من الإنتربول، وقضية النازحين السوريين في ضوء ما تجمع من معطيات خلال القمة العربية وقراراتها والتعاون السوري العربي في هذا الإطار، وقالت مصادر وزارية إن الجلسة انتهت باللا قرار في القضيتين، وإن لا سبب للمماطلة باتخاذ موقف، لكنها ترجّح أن السبب يعود إلى الرغبة بالتشاور مع الجانب الأميركي في القضيتين.
وفيما لا تزال الأنظار الداخلية ترصد مفاعيل القمة العربية في جدة واللقاءات الرئاسية التي حصلت على هامشها لا سيما بين الرئيس السوري بشار الاسد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على الداخل اللبناني، خطف المشهد الداخلي حدثان: الأول المناورة التي نفذها حزب الله في الجنوب، والثاني مفاعيل مذكرة التوقيف الدولية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وفي تطورات الملف الثاني، أشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن لبنان غير ملزم بتطبيق مذكرة التوقيف بحق سلامة لكون القضاء اللبناني يسمو على القضاء الدولي بهذا الملف لا سيما أن القضاء اللبناني ادعى على سلامة بالقضايا ذاتها التي ادعى فيها القضاء الأوروبي، وبالتالي الأمر بات بعهدة القضاء اللبناني ما يعني أن الأجهزة الأمنية لا تستطيع تنفيذ مذكرة التوقيف إلا بإشارة قضائيّة». ولفتت المصادر الى أن «الملف الآن بيد المدعي العام الاستئنافي القاضي غسان عويدات والنيابة العامة المالية».
إلا أن أوساطاً سياسية كشفت أن «لا قرار لبنانياً بتوقيف سلامة ولا بإقالته كما لن يقدم استقالته طوعياً، بل سيبقى في منصبه حتى انتهاء ولايته في 31 تموز المقبل وسيمارس صلاحياته بشكل قانوني»، كما أكدت بأن «الأميركيين لم يرفعوا التغطية عن الحاكم رياض سلامة ولم يتخلوا عنه ولا زال يحظى بالحماية الأميركية، وبعد نهاية ولايته لن يتم توقيفه وإما سيجري تهريبه الى الخارج الى دولة لا تنفذ مذكرات الأنتربول بسبب عدم وجود اتفاقات معه، أو سيبقى في منزله في ظل حماية أمنية ومتابعة قضائية وتأخذ التحقيقات المحلية مسارها معه».
وحضر ملف سلامة في الاجتماع الوزاري التشاوري الذي عقد في السراي الحكومية أمس، برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وقد حصلت مشاورات ومناقشات في ملفي النازحين وملف الحاكم في ظل انقسام حاد بين الوزراء في موضوع سلامة، بحسب ما علمت «البناء»، ولم يتم حسم الموضوع بانتظار جلسة مجلس الوزراء المقبلة، وتمحور الخلاف الوزاري بين مؤيد لطرح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بتنحية سلامة وآخر يؤيد بقاءه في منصبه لحين صدور القرار القضائي.
وأعلن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري تعليقاً على المذكرة القضائية بحق الحاكم أن «ما نخشاه ان يتدحرج الوضع وان تقوم دول أوروبية أخرى بالخطوات الفرنسية نفسها، لذا يجب ان يُدرك الحاكم الوضع ويستقيل».
ويعقد مجلس الوزراء جلسة الجمعة المقبل وفق معلومات «البناء».
وأبلغ ميقاتي الوزراء خلال الاجتماع التشاوري نيته الدعوة إلى جلسة حكومية مخصصة لبحث ملف النازحين، متمنياً على كل القوى المشارَكة فيها، وطلب من الوزراء «تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة في موضوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة»، واضافت: «ميقاتي طلب إلى الوزراء إعطاء الأولوية لمؤسسات الدولة وفي طليعتها مصرف لبنان والالتزام بما يقرره القضاء».
وكان قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل ابو سمرا كلف وإنفاذاً للاستنابة القضائية الفرنسية فصيلة الأشرفية وفصيلة انطلياس تبليغ كل من رجا سلامة وماريان حويك موعد جلسة باريس في 10 حزيران المقبل.
وأشارت مصادر إعلامية الى أن القضاء الفرنسي حدد جلسة لرجا سلامة في 31 أيار ولمساعدة حاكم مصرف لبنان ماريان حويك في 13 حزيران المقبل.
وتطرّق رئيس الحكومة الى الأوضاع في الجنوب، خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا في السراي، مشدداً «على التعاون القائم بين الجيش وقوات اليونيفيل ضمن منطقة عمليات الأمم المتحدة، والتزام لبنان القرار الدولي الرقم 1701».
وطلب «أن يبذل مجلس الأمن الدولي جهوده لتثبيت وقف دائم لإطلاق النار في الجنوب والضغط على «إسرائيل» لوقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية».
ورداً على استفسار فرونتسكا عن المناورة التي قام بها حزب الله بالأمس، قال ميقاتي «إن الحكومة اللبنانية ترفض اي مظهر يشكل انتقاصاً من سلطة الدولة وسيادتها، الا ان الإشكالية المتعلقة بموضوع سلاح حزب الله تحديداً ترتبط بواقع يحتاج الى وفاق وطني شامل، وهو أمر يجب أن يكون من اولويات المرحلة المقبلة. وفي الوقت الحاضر فإن الحكومة تشدد على الحفاظ على الاستقرار الأمني على كامل الأراضي اللبنانية وعدم القيام بأي عمل يتسبب بزعزعته».
ولفت نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشّيخ نعيم قاسم، إلى أنّ «المناورة هي رسالة ثبات وجهوزية، ثبات حقق الانتصارات، وجهوزية رادعة ومتأهبة لوقت التحرير»، مؤكّدًا أنّ «على الكيان الإسرائيلي والعالم الداعم له أن يعرِف تمامًاً أن مقاومة «حزب الله» ليست مقاومة عابرة، بل هي متجذّرة في الأرض، وهي تطمح إلى أن تحقق التحرير والاستقلال؛ وهي حاضرة لأن تبذل الغالي والرخيص لاستعادة الأرض والمعنويات والعزة والكرامة».
وشدّد على أنّ «لبنان القوي يجب أن يبقى قويًّا، ونحن دعامة من دعاماته، وإن شاء الله مع باقي اللبنانيين نساهم في بقاء قوته». وذكر أنّ «بعض أخصامنا السياسيين يبررون ضعف شعبيتهم وعدم قدرتهم على مجاراة القرارات الغربية، بأن يصوّبوا على سلاح «حزب الله»، كي يصرفوا النظر عن ضعفهم وعن عدم قدرتهم في التفاصيل اليومية أو في المواقف السياسية».
على صعيد آخر، يواصل رئيس التيار النائب جبران باسيل جولته في فرنسا، ويلتقي اليوم مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل في باريس.
وأشار باسيل الى أنه «وانطلاقاً من الذي حصل مع سلامة فإن الأهمّ هو المشروع الإصلاحي ولا نستطيع القيام به بالفاسدين أنفسهم الذين يمنعون الإصلاحات»، مضيفاً: «برأينا التوافق هو سيّد الموقف الذي يحكم الاستحقاق الرئاسي، ولكن على شخص يستطيع إخراجنا من أزمتنا»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «الموضوع ليس بالاسم والحل لا يكون بفرض شخص على آخر ومن يحكم وحيداً ولا يملك الاغلبية النيابية ولا الاكثرية المطلوبة سيفشل ونحن محكومون بالتوافق، ولكن على قاعدة الشخص الذي يقوم بالإصلاحات البنيوية للمالية العامة والاقتصاد والمؤسسات والقطاع المصرفي».
ولم يسجل أي جديد على الخط الرئاسي مع وصول جميع المبادرات والوساطات الى طريق مسدود لا سيما على خط التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، حيث تم سحب اسم الوزير السابق جهاد أزعور من التداول بسبب عدم التوافق عليه.
ويجري البحث بأسماء بديلة، لكن لا توافق حتى الساعة، وفق ما علمت «البناء».
وأكدت مصادر التغييريين لـ»البناء» أننا لم نصل مع القوات اللبنانية الى أي اتفاق ولا الى خطوط عريضة، فالتباعد سيد الموقف ولا يبدو أننا سنتوافق لكون القوات تصر على موقفها.
وعلمت «البناء» أن المشاورات تجري داخل تكتل لبنان القوي لبحث مسألة حضور أي جلسة يدعو اليها الرئيس نبيه بري لانتخاب الرئيس.
ومن المتوقع أن يعقد لقاء تشاوري بين الكتل النيابية في المجلس النيابي لوضع نقاط مشتركة والتوافق على الدعوة الى جلسة، ويقوم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بمساعٍ على هذا الصعيد.
وأكد مصدر واسع الاطلاع لـ»البناء» أن ظروف الانتخاب لم تنضج بعد وهناك تعقيدات خارجية وداخلية ما قد يطيل أمد الفراغ الرئاسي ويؤجل إنجاز الاستحقاق الى ما بعد حزيران وأكثر، ولا يمكن وضع مواعيد محددة. والأمر مرهون بجملة تطورات داخلية وخارجية لا سيما أن التفاهمات الإقليمية قد تتأخر قليلاً بالانعكاس إيجاباً على لبنان، فضلاً عن الضغوط الأميركية بظل الخلاف السعودي الأميركي في المنطقة لبنان والعامل الاسرائيلي، اضافة الى الخلاف السياسي الداخلي وتقاطع الأطراف المسيحية على رفض رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. ودعا المصدر الى ترقب حركة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري وما سيقوله للكتل النيابية في جولته الثانية المرتقبة، والرسالة التي سيحملها من قيادته بعد القمة العربية.
واعتبر الشيخ قاسم في هذا الإطار أنّ «ما يعيق انتخاب رئيس للجمهورية، هو اختلاف بعض الكتل على تقاسم المغانم، وهم لا يستطيعون الوصول إلى أسماء يمكن أن تكون مطروحة»، مشدّدًا على أنّه «كفى تحدياً بالصراخ، وكفى كلاماً في الإعلام، وهذا لا يسدّ عجز من لا يملك عدداً كافياً من النواب لانتخاب الرئيس». وأشار إلى أنّ «أي أحد لا يعجبه خيارنا، فليختر من يريد، لكن أن يصبح هدفه ألّا يدع خيارنا يصل، فهذا ضعف. وأي طريقة ستستخدم غير المجلس النيابي، لا مكان لها، وبالتالي نحن قلنا في اليوم الأول تعالوا لننتخب رئيساً بحسب الدستور، ولا تضعوا قواعد خارج الدستور، ولا يمكن لأحد أن ينتخب الرئيس إلا النواب».
بدوره، توجّه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى الأخصام السياسيين بالقول: «الآن تريدون أن تفرضوا رئيساً للجمهورية على شاكلتكم لنكرر التجربة في إحداث الهزائم وفي صنع المآسي لشعبنا ولبلدنا. نحن دعمنا مرشحا لرئاسة الجمهورية تستطيعون أنتم المكابرون أن تفتحوا معه حواراً فتأخذوا منه وتعطوه. نحن لم نرشح ولن ندعم مرشحاً يفكر بالكامل على طريقتنا وإنما ارتضينا دعم المرشح الذي يمكن أن تكون هناك نافذة وصل بينكم وبينه لحفظكم ولإبقاء الحوار قائماً في هذا البلد، وللتحرك باتجاه تصويب كل ما هدمتموه في هذا البلد في المرحلة الماضية».
وأوضح أن «الأمر لا يحتاج إلى مكابرة والوقت يضيق على الجميع ومصلحة البلد أن يأتي رئيس جمهورية يستطيع أن يتحاور مع كل الفرقاء». وأكد بأن «ما قيل عن فيتوات رفعت بوجهه قد سقطت الآن، وعلى القوى الداخلية أن تتصرف بمسؤولية فتترك الباب مفتوحاً ولو بشكل موارب، لإعادة تصويب الوضع في لبنان الذي لم يعد يحتمل إدارة الظهر على الإطلاق. ومن يراهن على أجنبي يصنع له رئيساً في لبنان فهو يراهن على سراب، فاللبنانيون هم الذين يجب أن يختاروا رئيسهم».
اضاف: «تعالوا لنتفاهم من أجل أن يكون لنا رئيس يستطيع أن يتفاهم معكم ويحقق مصلحتنا جميعاً، فينقل البلد من حال الهريان والتداعي إلى حال تسمح بإعادة البناء ولو بطريق متدرجة».
على صعيد آخر، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة رئيسها النائب ابراهيم كنعان لدرس مشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 9000 المتعلق بإنتاج الطاقة المتجدّدة، في حضور مسؤولي البنك الأوروبي للإعمار والمؤسسة الدولية للتمويل.
ويُعتبر هذا البند من الإصلاحات المطلوبة لإطلاق المشاريع الملحوظة في لبنان، بحسب مداولات النائب كنعان خلال زيارته الأخيرة لواشنطن ولقاءاته مع المؤسسات المالية الدولية. وأشار كنعان عقب اللجنة الى أن أهمية المشروع أنه يهدف إلى تأمين ٣٠% من حاجة لبنان من الطاقة بكلفة متدنية وبإمكانية انتاج أكبر من المعمول بها راهناً، وذلك يتوقف على مدى تجاوب القطاع الخاص، لأن المشروع قائم على فكرة التعاون مع القطاع الخاص