تملأ المبادرات الفردية والجماعية فراغ الدولة وتسد تقصير أو غياب مؤسساتها في تأمين الخدمات للمواطنين جراء الانهيار المالي والضائقة المعيشية التي تعصف بلبنان في أسوأ أزمة في تاريخه، وقد امتدت مؤخرا لتشمل ظواهر لافتة باتت منتشرة في المدن والبلدات على اعتبار أنها لم تعد في سلم أولوياتها.
الكلاب الشاردة واحدة من هذه الظواهر، تكاثرت جراء تخلص أصحابها منها نتيجة الكلفة المالية في توفير طعامها وشرابها وعلاجها، وباتت تملأ الشوارع والساحات في صيدا ومنطقتها وغيرهما، وتسبب الرعب والخوف للمواطنين في حال لم عدم الهجوم عليهم وإصابتهم بمكروه.
وقد أطلقت مجموعة من الناشطين في صيدا مبادرة من أجل جمعها وإيوائها وتوفير الرعاية لها وخاصة تلك التي تنتشر قرب الملعب البلدي شمالا، وعلى طول الكورنيش البحري وصولا إلى القلعة البحرية وبعض الأماكن السياحية من أجل المحافظة على تنشيط الزيارات إليها.
ويقول الناشط البيئي ورئيس “جمعية أصدقاء زيرة وشاطئ صيدا” ربيع العوجي لـ نداء الوطن”، أن مجموعة من الشباب والصبايا واظبوا منذ شهور على رعاية الكلاب الشاردة بمحيط الملعب البلدي بعدما تخلى عنهم أصحابهم بسبب الأزمة المعيشية، واليوم أطلقوا مبادرة لنقل أكثر من عشر كلاب إلى مأوى في الغازية يعود إلى محمد حلبي، وقد تكفلت بتأمين عملية النقل، على أن تستمر المبادرة نحو أماكن أخرى وفق الإمكانيات وخاصة في المناطق السكانية والسياحية.
وتشكل الكلاب الشاردة في المدينة ظاهرة لافتة، وكثيرا ما قامت مجموعات منها بالهجوم على المواطنين وباتت تصل إلى باحات المباني والطوابق الأرضية بحثا عن الطعام، وحتى الآن لا توجد إحصائية محددة ولكنها بالعشرات وتنتشر في شمال وجنوب المدينة تحديدا ولم تستطع البلدية معالجتها نتيجة تدخل جمعيات الرفق بالحيوان دون أن تقدم بديلاً.
ويقول الناشط وائل قصب لـ “نداء الوطن”، لقد وجدنا صعوبة في إيجاد مأوى لهم وتعهدنا بالتبرع بخزان مياه وطبالي خشب ومبلغ من المال، لأن صاحب المأوى حبلي أبلغنا أنه لم يعد بمقدوره استيعاب المزيد، جراء كلفة رعايتها، وندعو أصحاب الكلاب إلى عدم رميها في الشوارع والمساهمة بوضعها في مأوى خاص ونتمنى من المقتدرين المساهمة في تحمل بعض النفقات من أجل التخلص من هذه الظاهرة نهائياً.
والمبادرة ليست الوحيدة في صيدا، إذ أنه وبعد تفاقم مشكلة تراكم النفايات في بلدة الهلالية وقيام عدد من السكان بقطع الطريق، أطلق رجل الأعمال مرعي أبو مرعي مبادرة لرفع النفايات من مختلف شوارعها، بدءا من شارع مرعي أبو مرعي الرئيسي وصولاً إلى أحيائها وطرقاتها الفرعية وبين منازلها وذلك على نفقة مؤسسة أبو مرعي الخيرية.
وأجرى أبو مرعي، اتصالا هاتفيا مع صاحب شركة NTCC ماهر السايس، وطلب منه إرسال سيارات لرفع النفايات، علما أن السيد أبو مرعي قد أطلق مبادرة عامة منذ أشهر تتمثل بدفع دولار واحد – ثمن منقوشة، من كل مواطن للمساهمة في رفع النفايات من البلدات في ظل العجز المالي للبلديات، وقد تلقفت بعضها هذه الفكرة وعملت بها وتخلصت من مشكلة تراكم النفايات فيها.
بالمقابل، أعلن رئيس بلدية الهلالية سيمون مخول أن رفع النفايات يتم مرتين أسبوعيا نظرا لأن الموارد المالية معدومة ولم نقبض المستحقات الخاصة من الصندوق البلدي المستقل. قائلا “أتفهم تحرك الأهالي، ونحن في البلدية نواجه أمراً غريباً هو أنه كل مرة يتم رفع النفايات من شوارع البلدة نفاجأ في اليوم التالي أن أكوام النفايات عادت من جديد وبشكل كبير، ما يدفعنا للاعتقاد بأنه يتم التخلص من النفايات من خارج الهلالية ورميها في البلدة وهذا ما سنعمل على كشفه بالتعاون مع الأهالي والقوى الأمنية”ـ شاكرا أبو مرعي على مبادرته، ومؤكداً “أننا سنضع خطة دائمة من أجل ألا تتكدس النفايات من جديد”.