مقالات

كيف تتعاطى أميركا وفرنسا والسعودية مع استحقاق الانتخابات النيابيّة في أيار؟ 

كيف يتعاطى بعض الدول المؤثرة على لبنان مع استحقاق الانتخابات النيابية المنتظرة في ايار المقبل؟

يتأثر لبنان في العديد من الاستحقاقات لتأثيرات وتدخلات خارجية، لا سيما في ظل سياسة الساحة المفتوحة السائدة منذ عشرات السنين.

ولعل النموذج الصريح لهذه التدخلات في كل العهود هو التدخل المباشر في انتخاب رؤساء الجمهورية، وفي كثير من الاحيان في اختيار رؤساء الحكومات وتشكيل الوزارات .

كما تبرز هذه التدخلات من قبل بعض الدول المؤثرة في محاولة رسم السياسة العامة للبنان ، وفي ممارسة ضغوط مباشرة لفرض شروط عليه تنتهك سيادته كما يتجلى اليوم بسياسة الاملاءات التي تحاول الادارة الاميركية تكريسها لفرض تنازلات تخدم بالدرجة الاولى العدو الاسرائيلي ومشروعها في المنطقة .

ووفقا لأحد السياسيين المخضرمين فان هذه التدخلات تشتد وتضعف بالنظر الى متانة او هشاشة الوضع الداخلي اللبناني ، فكلما توسعت الخلافات بين القوى والاطراف السياسية كلما ازدادت فرص التدخلات الخارجية والعكس بالعكس .

ويرى ان الانقسام الحاد في لبنان اليوم يفسح في المجال امام زيادة وتيرة التأثيرات من بعض الدول المؤثرة بنسب متفاوتة واشكال مختلفة، لافتا الى اشارة الرئيس بري لقوة تأثير وحدة اللبنانيين ومتانة الجبهة الداخلية بقوله مؤخرا “اعطني وحدة من اللبنانيين اعطيك النصر الاكيد على اسرائيل “.

ويعتبر المصدر المخضرم ان حجم التدخلات والتأثيرات على لبنان اليوم كبير جدا ، مشيرا الى ان الادارة الاميركية تمارس هذا التأثير اكان من خلال الضغط المباشر على الدولة ، ام من خلال دعم بعض القوى والجمعيات والمجموعات اللبنانية تحت شعار اضعاف نفوذ حزب الله .

ويلفت الى ان المواقف العلنية لهذه الدول المؤثرة تكاد نسخة موحدة “نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية”، لكنها في الواقع والتجربة تمارس ادوارا مؤثرة في معظم الاستحقاقات في لبنان بنسب متفاوتة وباساليب مختلفة .

وتركز هذه الدول في هذه المرحلة في جدول تاثيرها في موضوع نزع سلاح حزب الله، ووتتعاطى مع القضايا الاخرى ومنها الاستحقاق الانتخابي النيابي بطريقة غير مباشرة او بـ “كفوف ناعمة”.

ولا شك ان الولايات المتحدة الاميركية هي ابرز الدول التي تحاول التأثير في لبنان في هذه المرحلة الى جانب المملكة العربية السعودية، والتأثير التقليدي الفرنسي المرتكز على العلاقة التاريخية مع لبنان .

وتركز ايران منذ بداية دخولها الى الساحة اللبنانية على مسألة اساسية تتعلق بدعم المقاومة في وجه “اسرائيل” من خلال علاقتها القوية والمميزة مع حزب الله .

وينقل احد النواب عن مصادر دبلوماسية ان الولايات المتحدة الاميركية لا تتعاطى او تنظر الى الاستحقاق الانتخابي النيابي من خلال التعامل مع تفصيل كيفية مشاركة المغتربين اللبنانيين في الاقتراع اكان من خلال انتخاب ٦ نواب اضافيين في بلدان الانتشار ام من خلال الاقتراع لـ ١٢٨ نائبا في هذه البلدان، وان كانت لا تخفي انحيازها الى القوى المناهضة لحزب الله مثلما فعلت في انتخابات العام ٢٠٢٢.

ويضيف ان بعض النواب او الشخصيات والهيئات، الذين راجعوا مسؤولين من الدرجة الثانية وربما الثالثة في الادارة الاميركية لجس نبضهم في كيفية التعاطي مع الاستحقاق الانتخابي، سمعوا منهم كلاما عاما مفاده ان الادارة الاميركية مع اجراء الانتخابات في موعدها من دون الدخول في التفاصيل.

وفهم هؤلاء ان الادارة الاميركي لا تركز اليوم على الاهتمام بتفاصيل الاستحقاق، وانها ربما في وقت لاحق تعطي اشارات معينة لبعض المقربين في لبنان باوائل العام المقبل.

وفي الوقت نفسه تشير المصادر الديبلوماسية، وفقا لما ينقله النائب، الى ان الادارة الاميركية مستمرة في التواصل مع قوى وشخصيات ومجموعات لبنانية في اطار تعزيز الجبهة المناوئة لحزب الله، لكن هذا التواصل تراجعت وتيرته مؤخرا لاسباب تتعلق بالترتيبات والتغييرات التي تجريها ادارة الرئيس ترامب في دول المنطقة والتي لم تنته فصولها بعد.

من جهة ثانية ينقل مصدر سياسي عن مسؤولين فرنسيين ان باريس تعتبر ان الانتخابات النيابية في لبنان شأن داخلي، وهي لا تتدخل في تفاصيل الخلافات بشأن قانون الانتخابات لا سيما الخلاف القائم اليوم حول كيفية مشاركة المغتربين في الانتخابات.

وتدعم فرنسا اجراء الانتخابات في موعدها ، وتبدي في هذا المجال تقديم المساعدة والدعم لانجاز هذا الاستحقاق الانتخابي من دون ان يعني انها تقوم بوساطة محددة في شان الخلافات القائمة بين القوى السياسية اللبنانية حول هذا الاستحقاق او مسألة انتخاب المغتربين، كما تردد مؤخرا.

وووفقا للاجواء التي ينقلها المصدر ، تؤيد فرنسا وتدعم مشاركة المغتربين في الانتخابات، لكنها تحرص على معالجة هذا الموضوع بين اللبنانيين.

ويقول المصدر ان فكرة تسوية هذا الخلاف بصيغة تعتمد على الغاء المقاعد الستة المخصصة للخارج ومشاركة المغتربين في الانتخابات داخل لبنان وصلت الى مسامع سفراء الدول المؤثرة المذكورة، ويبدو انها الصيغة المرجحة للخروج من دائرة الخلاف القائم.

وبالنسبة لموقف المملكة العربية السعودية يقول مصدر نيابي مطلع ان السفير وليد البخاري يحرص في لقاءاته مع المرجعيات والقوى والنواب السنة وبعض الطامحين للترشح على عدم الخوض في الوقت الراهن في التفاصيل المتعلقة بالاستحقاق الانتخابي النيابي، مكتفيا بتكرار الموقف السعودي التقليدي بان هذا الاستحقاق شأن داخلي لبناني لا تتدخل فيه المملكة.

ويلاحظ المصدر ان السعودية لا تتبنى حتى الان اي مرجعية او شخصية سنية محورية في معركة الانتخابات في ايار او في الحركة السياسية بشكل عام كما كان يحصل في الماضي تجاه الرئيس الشهيد رفيق الحريري ثم نجله الرئيس سعد الحريري قبل ان تنقطع العلاقة معه.

ويشير الى ان السعودية تحاول ان ان تكون وعاء يتسع للجميع في الطائفة السنية لا سيما بعد التطورات الكبيرة التي حصلت جراء الحرب الاسرائيلية على لبنان وسقوط نظام الاسد في سوريا.

ويستدرك قائلا انه منذ ان رفعت السعودية رعايتها ودعمها للرئيس سعد الحريري انتهجت قيادة المملكة نهجا جديدا في التعاطي مع لبنان ومع الساحة السنية، وهي اليوم تفضل كسب ولاء الجميع من دون مرجعية لبنانية وسيطة.

وتدعم الرياض الرئيس نواف سلام اولا في اطار الدعم التقليدي لهذا الموقع وثانيا لادائه الذي يترجم بنسبة عالية سياستها تجاه لبنان. لكنها لا تتعاطى معه او تسعى الى ان يتحول الى المرجعية السنية المحورية في الاستحقاق الانتخابي في ايار لانها تفضل الاستمرار بالسياسة التي انتهجتها بقيادة وادارة ولي العهد الامير محمد بن سلمان.

  محمد بلوط ـ  الديار

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى