مع تسارع وتيرة الأحداث الأمنية في الداخل السوري وتناقل الأخبار والفيديوهات التي توثّق سيطرة الفصائل المسلحة على حلب وحماه وصولاً إلى ريف حمص، ارتفع منسوب القلق في القرى والبلدات الحدودية الملاصقة للشريط الحدودي مع سوريا. وازداد الخوف مع انسحاب الجيش السوري، تحديداً الفرقة الرابعة المولجة حماية الحدود وتسليمها لفرقة «الهجانة» مع تواجد عناصر قليلين غير قادرين على ضبط الحدود لجهة منطقتي الدريب الأوسط والدريب الأعلى وصولاً إلى جبل أكروم، ما أعاد إلى الأذهان صورة الفوضى العارمة التي شهدتها المنطقة الحدودية الممتدة على مسافة تزيد عن 25 كلم في عام 2011، عقب سيطرة «جبهة النصرة»، و«الجيش الحر» على عدد من البلدات الحدودية.
ولم يمر وقت طويل حتى عادت هذه الفوضى لتطلّ برأسها. فبعدَ إعلان الأمن العام اللبناني عن إغلاق المعابر الرسمية الشرعية في الشمال حتى إشعار آخر، واستهداف العدو الصهيوني معبر العريضة الحدودي ليل أمس الأول بثلاث غارات، عقب افتتاحه قبل أيام من قبل وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية في محاولة لتسهيل عودة اللبنانيين الذين نزحوا إلى سوريا أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وخروجه من الخدمة لينضم إلى معبري «العبودية» و«جسر القمار» في وادي خالد واللذيْن كانت المقاتلات الإسرائلية قد استهدفتهما في وقت سابق، بدأ الفلتان عند الحدود والمعابر الترابية غير الشرعية التي تربط لبنان وسوريا، وذلك لجهة السماح للمئات بالعبور عند مقلبي النهر وبشكل طبيعي من دون أي إشكالات، حيث انتعشت حركة السماسرة والمهرّبين الذين عمدوا إلى تسهيل نقل العائلات السورية في اتجاه الداخل اللبناني. وكذلك الحال بالنسبة إلى حركة العبور في منطقة جبل أكروم حيث يعبرون حاجز السهلة من دون أي عقبات.
وفي هذا السياق، أكّدت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار»، أن «العديد من المهربين يعمدون إلى تمرير الركاب ليلاً عبر الحواجز الأمنية وذلك عبر كلمة السر المعهودة (خط عسكري)»، وهذه الخدمة تكون كلفتها مرتفعة أضعافاً مضاعفة على الركاب، بخلاف أولئك الذين يعبرون سيراً على الأقدام.
وعن وجهة الوافدين من سوريا، تؤكد المصادر أن «معظمهم كانوا في اليومين الماضيين في حماة، ومع اقتراب الفصائل المسلحة من حمص شهدت المنطقة عبور عائلات من طوائف معينة من مدينة حمص إلى الداخل اللبناني، وهؤلاء عادة تكون وجهتهم جبل محسن في طرابلس». وتتوقع المصادر ارتفاع أعداد النازحين في الساعات المقبلة وهم بغالبيتهم من اللبنانيين المقيمين في الريف الغربي لمحافظة حمص، وتحديداً في بلدات: الجوبانية، دبين، الفتاية، الناعم، وهؤلاء تربطهم علاقات وطيدة مع قرى وبلدات وادي خالد. كما تتوقع نزوح أعداد كبيرة من قاطني بلدات ريف القصير مع تواتر الأخبار عن اقتراب المسلحين من هذه البلدات التي يُرجّح أن تشهد معارك عنيفة بسبب التداخل الطائفي والمذهبي، ما يحتّم على هؤلاء النزوح في اتجاه البقاع الشمالي.