أربعون يوماً يا سيد وأنت غائب عنا، حاضر في أعماق وجداننا، روحاً ونفساً وإنسانية.
اثنتان وثلاثون سنة، رافقناك على الدرب في جميع المحطات المفصلية من بناء تاريخنا المعاصر بأيدينا نحن، مدماكاً فوق مدماك، ولبنة فوق لبنة.
بيننا وبينك حوار صامت سبق وقام قبل انتقالك إلى العلياء وسيستمر.
اسمح لي في هذا اليوم أن أسرّ إليك بمسألتين، أرى من واجبي التكلم عنهما.
الجميع كان ينتظر كلماتك المفصلية، لتوضيح الأمور وتحديد الموقف ليعرف «كيف يُفكّر السيد»، وليوجّه البوصلة.
لكن كان هناك من كان يقول، وأنا منهم، لا تنتظروا، قوموا بالواجب، اطرحوا على أنفسكم ما كنا نعتبره التساؤل الأصح، كيف نفكّر إلى جانب السيّد، كيف نعمل في جميع الميادين لمواكبة هذا الفعل الجبّار واسمه المقاومة، والذي حَمَلتَ نَفَسَه ورُوحَه وما زلت، وبقوة مضاعفة، بعد استشهادك.
كتبتُ في أعقاب حرب 2006 في مجلة الدراسات الفلسطينية، من وحي يقين قديم، قدم صيرورة الوعي لديّ، من أن الساحات من لبنان إلى فلسطين والمشرق، بل الميدان الأساسي في المعمورة ساحات موحّدة في وجه المشروع الكولونيالي الصهيوني الشيطاني.
قلت بـ «تجديد نفس المقاومة، وتحديد الواجب بالعمل بروحها، وبناء الإنسان والقدرات والحجر… والمستقبل».
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحن على هذا العهد، وعلى هذا الدرب نبقى.
تحيّة إلى روحِك وإلى أرواح جميع الشهداء في مسيرة انتصار الحق على الباطل، انتصار إنسانية الإنسان على التوحُّش، انتصار الحياة، والعزة والكرامة.