مقالات
نفاوض تحت سقفَيْ وقف العدوان وحفظ السيادة | قاسم: ثمن ضرب بيروت وسط تل أبيب
على وقع زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتين إلى لبنان في سياق المفاوضات حول وقف إطلاق النّار، وعلى إيقاع التطوّرات الميدانيّة في الجنوب، حيث يتصدّى المقاومون لجيش الاحتلال الذي يعجز عن تثبيت جيشه على الأرض، أطلّ الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
مجموعةٌ من العناوين، طرحها قاسم حول مُجمل التطوّرات منذ بداية المعركة وتطوّراتها الميدانيّة وصولاً إلى المقترح الأميركي، داحضاً بإطلالته ما حُكي عن تمنّيات غربيّة بإرجائها إلى ما بعد الرد الإسرائيلي على مقترح وقف إطلاق النّار، بل إنّ الأمين العام كان حازماً من دون مواربة، في الردّ على الاعتداءات الإسرائيليّة على منطقتي رأس النبع وزقاق البلاط، موجّهاً رسالة المقاومة الحاسمة لتثبيت مُعادلة بيروت – تل أبيب لردع العدو، بقوله: «العدو ضرب واغتال واعتدى على قلب العاصمة بيروت، لذا لا بدّ أن يتوقّع بأن يكون الرد على وسط تل أبيب، لا يمكن أن نترك العاصمة تحت ضربات العدو الإسرائيلي ويجب أن يدفع الثمن، والثمن هو وسط تل أبيب. آمل أن يفهم العدو بأنّ الأمور ليست متروكة».
هذا الحزم انطبق أيضاً على حديثه عن مقترح وقف إطلاق النّار عندما رسم الخطوط الحمر التي لن تقبلها الدّولة اللبنانيّة ولا حزب الله في ما يتعلّق بخرق السيادة اللبنانيّة.
واختصر قاسم كلّ الكلام والمقترحات بالشّعار الذي رفعه: «نحن بين خيارين السلّة أو الذلّة، السلّة بحمل السيف والقتال، الذلّة بالاستسلام فلا يبقى لنا شيء، وهيهات منّا الذلّة ولن نقبل، ولذلك نحن مستمرّون في الميدان».
هي الإطلالة الثانية لقاسم في ذكرى مرور أسبوع على أربعين رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، الشهيد السيد هاشم صفي الدّين، وفيها استعرض الأمين العام محطّات المعركة منذ فتح جبهة الإسناد وصولاً إلى تفجير أجهزة «البايجر» واغتيال الأمين العام الشهيد السيّد حسن نصرالله، ليُشدّد على استرجاع المقاومة لصمودها وعافيتها، من دون أن يغفل عن شرح التطوّرات الميدانيّة والتأكيد على صمود المقاومين، والحفاظ على قدرتهم في إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلّة وبوتيرة غير روتينيّة، ومن الحافة الأماميّة.
وعن الوضع الدّاخلي شدّد قاسم على «أنّنا نؤمن بتكاتف الجيش والشعب والمقاومة، وهو الرصيد المتبقّي الذي نستطيع من خلاله أن نبني وطننا.
وكذلك، 4 أمور ضعوها عندكم لبعد وقف العدوان: سنبني بالتعاون مع الدولة وكل الشرفاء والدول والقوى التي ستساعد من أجل إعادة الإعمار، سنقدّم مساهمتنا الفعّالة لانتخاب رئيس الجمهورية من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستوريّة، وستكون خطواتنا السياسيّة وشؤون الدولة تحت سقف الطائف بالتعاون مع القوى السياسيّة، كما سنكون حاضرين في الميدان السياسي بقوّتنا التمثيليّة والشعبيّة وحضورنا الوازن لمصلحة الوطن». وشدّد على «أنّنا لم نغيّر ولم نبدّل في مواقفنا ولن نغيّر ولن نبدّل في هذه المواقف الوطنيّة، الشريفة، المقاومة».
«نفاوض تحت سقفين»
وأسهب قاسم في الحديث عن الورقة الأميركية، مشيراً إلى «أنّنا استلمناها وأبدينا ملاحظات عليها، لدينا مُلاحظات ولدى الرئيس نبيه بري مُلاحظات، أي إنّ ملاحظاتنا كلها بين المقاومة والدولة متناغمة ومتوافقة، وهذه الملاحظات قُدّمت للمبعوث الأميركي وتمّ النقاش معه فيها بالتفصيل، نحن قرّرنا ألا نتكلم في الإعلام لا عن مضمون الاتفاق ولا عن الملاحظات، فلنترك هذا النقاش بشكل هادئ لنرى هل سيصل إلى نتيجة أم لا».
وأضاف: «إنّ الطرف الإسرائيلي يتوقّع أن يأخذ بالاتفاق ما لم يأخذه في الميدان، وهذا غير ممكن، والملاحظات التي أبديناها تدلّ على أنّنا موافقون على هذا المسار للتفاوض غير المباشر من خلال الرئيس بري إذا كان الطرف الآخر يريد هذا، أعلمونا أنّه يريد هذا، وسنرى ما هي النتيجة».
وأكّد أن «لا أحد يستطيع أن يضمن لأنّ الموضوع مرتبط بالرد الإسرائيلي وبالجدية التي تكون عند (رئيس وزراء الكيان بنيامين) نتنياهو. لكن ليكن معلوماً بأن تفاوضَنا تحت سقفين، سقف وقف العدوان بشكل كامل وشامل، والسقف الثاني هو حفظ السيادة اللبنانية، أي لا يحق للعدو الإسرائيلي أن ينتهك وأن يقتل وأن يدخل ساعة يشاء تحت عناوين مختلفة، يجب أن يكون لبنان مَصوناً».
وأكّد قاسم «أنّنا أعدَدنا لمعركة طويلة ونحن نتفاوض الآن ولكن ليس تحت النار كما يقولون لأنّ إسرائيل أيضاً تحت النار. بمعنى آخر نحن قررنا أن يكون هناك مساران يسيران معاً، مسار الميدان الذي يكون بشكل تصاعدي بحسب المعطيات الميدانية ومستمر بالصمود والعطاء، والمسار الثاني مسار المفاوضات أي لا نعلّق الميدان على المفاوضات، فلو افترضنا أنّ المفاوضات لم تنجح خلال فترة من الزمن، نحن مستمرون في الميدان نجحت أو لم تنجح، إذا نجحت عندها يكون الميدان جزءاً من نجاح هذه المفاوضات».
ورداً على من يقول إنّ «الكلفة كبيرة علينا. لماذا؟ لأننا نواجه وحوشاً بشريّة إسرائيليّة تدعمها وحوش بشريّة كبرى أميركيّة، وهو يفعل هذه الأفعال كي نخاف ونرتعب ونسلّم له، لا، فشر»، مشدّداً على «أنّنا سنبقى في الميدان وسنقاتل مهما ارتفعت الكلفة، سنجعل الكلفة مرتفعة على العدو أيضاً. فلا يأتي أحد ويحمّلنا مسؤوليّة أنه انظروا ماذا يحصل فالإسرائيلي هو الذي يعتدي فليوقف اعتداءاته، وبالتالي نحن في موقع الرد والدفاع».
وتابع: «لا يمكن أن يُتوقّع من مقاومة أمام جيش عنده الإمكانات والقدرات أن تربح من دون خسائر وتضحيات، لكنّ هناك أهدافاً عند العدو، وعندما لا يحقّق العدو أهدافه يعني أننا انتصرنا».
وعن مُحاولات التوغّل في بعض القرى في الجنوب، أوضح قاسم أنّ «المقاومة ليست جيشاً، المقاومة لا تعمل على أن تمنع الجيش من التقدّم، المقاومة تُقاتل الجيش حيث يتقدّم، فلو دخل الجيش إلى قرية أو أكثر سيكون المقاومون في داخل الوديان، داخل المغارات، وراء الأشجار، في بعض البيوت، في بعض الأماكن المحصّنة، يختفون، فإذا دخل الجيش التحم به وقاتلوه، هذا هو عمل المقاومة وهذه طريقة المقاومة في عملية المواجهة، ولذلك ليس مهماً أن يُقال إنّه دخل إلى قرية أو خرج من قرية أو اقترب من قرية، المهم السؤال الأساسي، كم قُتل له في هذا اليوم؟ وكم جُرح له في هذا اليوم؟ وأين تصدّى له المجاهدون؟».