كتبت “البناء” تقول: تخلّى الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي عن مقولته الشهيرة التي كرّرها عشرات المرات خلال شهور الحرب على غزة، بالقول إن الاتفاق شبه منجز وتنقصه اللمسات الأخيرة، واعترف بتعثر المفاوضات كي لا يعترف أنها متوقفة لأن الطرف المعني الذي تمثله حماس يقاطعها لخروجها عن مهمتها وسياقها، وأن الطرف المقابل يستغلّ المفاوضات لشراء الوقت لمزيد من القتل ويضع المزيد من الشروط، فقال كيربي إن المعلومات المتداولة عن وصول المفاوضات الى طريق مسدود غير دقيقة وإن إمكانية التوصل الى اتفاق لا تزال قائمة وإن إدارة الرئيس بايدن تجري الاتصالات اللازمة لتوفير فرص التقدم.
في الميدان كانت الأنباء أصدق من السياسة، حيث كشفت الوتيرة العالية للاشتباكات على كل الجبهات حجم الانسداد السياسي أمام فرص التوصل إلى اتفاق، فعلى جبهة اليمن لليوم الثالث على التوالي يعلن الجيش اليمني وحركة أنصار الله استهداف المزيد من السفن المشمولة بقرار المنع واشتعال النيران فيها، وعلى جبهة لبنان تحدّثت وسائل إعلام الكيان عن أكثر من مئة صاروخ سقطت من جنوب لبنان على مواقع ومقارّ لجيش الاحتلال، لتشمل يوماً ثالثاً من الوتيرة المرتفعة لضربات المقاومة بعد يومين شهدت ارتفاعاً في نوعية المواجهة، بعدما كان جيش الاحتلال وسّع نطاق غاراته واستهدافه لمجاهدي المقاومة والمدنيين، بينما كانت المقاومة في غزة تردّ على مجازر الاحتلال بقصف مستوطنات غلاف غزة بعد أسابيع من التوقف ونجح مقاتلو المقاومة باصطياد ست آليات بعد إصابة وتدمير أكثر من عشر آليات في اليومين الماضيين.
في لبنان أصيب الرأي العام بالصدمة مع صدور بيان شركة ميتا المالكة لشبكتي فيسبوك وانستغرام يقول إن حملة “لبنان لا يريد الحرب” أطلقتها شركة فيتناميّة تُدعى LT Media والتي استهدفت من خلالها لبنان والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقطر، وأن الحملة صرفت على الإعلانات المدفوعة ١.٢ مليون دولار لكل حملات الشركة (من ضمنها حملة لبنان لا يريد الحرب) وأن الحملة نظمت من خلال ١١٢ حساب فيسبوك و٦٥ صفحة و٤٩ حساب انستغرام.
كما لفتت “ميتا” إلى أنّ الحملة الّتي ظهرت تحت وسم “لبنان لا يريد الحرب”، والّتي أفادت وسائل إعلام لبنانيّة بأنّها منظّمة من قبل مجموعة من الشّباب ورجال الأعمال اللّبنانيّين، بدعم من مدير إحدى شركات الإعلان في الخليج العربي، تقف خلفها تلك الشّبكة في فيتنام، وينتظر اللبنانيّون تحرّك القضاء المختص لكشف المزيد بعد شهور أوحى فيها بعض المعنيين بتنظيم الحملة بأنهم مجرد تعبير عن صوت لبناني صرف يحتج على فتح جبهة الإسناد لغزة من قبل حزب الله، ليظهر أن الحملة تموّلها وتشغلها جهة أجنبية قد يكون كيان الاحتلال غير بعيد عنها، بانتظار ما سيقوله القضاء.
في منصات القضاء الدولي طلب أمس، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان كريم خان من القضاة البتّ بشكل عاجل في أوامر اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وشدّد في الوقت ذاته على أنه يحق للمحكمة مقاضاة المواطنين الإسرائيليين.
وقال خان “أيّ تأخير غير مبرر في هذه الإجراءات يؤثر سلباً على حقوق الضحايا”. وأكد أن المحكمة تتمتع بالولاية القضائية على الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم وحشية في الأراضي الفلسطينية، وطلب من قضاة المحكمة رفض الطعون التي قدّمتها عشرات الحكومات والأطراف الأخرى.
وقال خان في طلبه للمحكمة “من الراسخ قانوناً أن المحكمة تتمتع بولاية قضائيّة في هذا الموقف”، رافضاً الحجج القانونية القائمة على أحكام في اتفاقيات أوسلو وتأكيدات “إسرائيل” بأنها تجري تحقيقات فيما يثار عن ارتكابها جرائم حرب.
ويقول مدّعو المحكمة الجنائية الدولية إن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وبعد مفاوضات الدوحة، عاد الرهان الأميركي الإسرائيلي على جولة مفاوضات جديدة في القاهرة لشراء المزيد من الوقت وتحميل حركة حماس مسؤولية فشل التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك عبر حصر التفاوض بمحور فلادلفيا على الحدود المصرية – الفلسطينية وسط سعي إسرائيلي للتسويق لتقدّم في مفاوضات القاهرة، إذ وصف مسؤول إسرائيلي المحادثات في القاهرة بأنها «بناءة وأدّت إلى تقليص الفجوات بين مصر و»إسرائيل» بشأن محور «فيلادلفيا»، والآن ننتظر رد حماس».
وتشير أوساط مطلعة على الحراك الدبلوماسي في لبنان والمنطقة لـ”البناء” الى أن “الجبهة الجنوبيّة باتت جزءاً من حرب غزة والصراع في المنطقة بين المحورين الأميركي – الإسرائيلي الغربي والمحور الإيراني – العراقي – السوري – الفلسطيني – اليمني وحزب الله في لبنان، وبالتالي لا حلّ للوضع في الجنوب قبل إبرام اتفاق للحرب الدائرة في غزة، وهذا ما اقتنع به الأميركيون والإسرائيليون أيضاً، ما يعني أن التصعيد سيبقى سيد الموقف على الجبهة الجنوبية وكذلك في المنطقة حتى الانتخابات الأميركية المقبلة حتى تأتي إدارة أميركية جديدة ربما تعدّل في إدارة الحرب في غزة أو تكون أكثر تشدداً، لكن المنطقة حتى ذالك الحين ستقف على حافة الحرب الشاملة لكن الأرجح أن لا تقع بسبب التعقيدات والتداعيات التي تنتج عن هذه الحرب، لا سيما أن لا مصلحة للإدارة الأميركية الحالية باندلاع الحرب الشاملة في المنطقة قبيل شهرين ونيّف من الانتخابات.
وفي المقابل لا مصلحة أميركية بالضغط على رئيس “إسرائيل” لوقف الحرب لضرورات انتخابيّة، بل أقصى ما يمكن أن تقوم به الإدارة الحالية هي لجم نتنياهو من شنّ عدوان شامل على لبنان لأنها ستؤدي الى حرب شاملة في ظل استعداد جبهات عدة للدخول في هذه الحرب إذا وقعت”.
ميدانياً، واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، حيث أغار طيرانه على بلدة طيرحرفا في القطاع الغربي، ما أدّى إلى سقوط 3 شهداء.
كما نفذت مسيّرة إسرائيلية عدواناً جوياً، حيث شنت غارة مستهدفة منزلاً في بلدة عيتا الجبل في قضاء بنت جبيل بصاروخين موجّهين، أدت في حصيلة أولية إلى استشهاد شخصين أحدهما طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، بحسب مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة.
كما استهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة في بلدة بيت ليف. واستهدفت غارة دراجة نارية في عيترون بصاروخ موجّه أدّى الى استشهاد شخص وجرح آخر بحالة خطرة.
كما استهدفت غارتان إسرائيليتان ميس الجبل وتعرضت تلة العزية باتجاه بلدة ديرميماس لقصف مدفعي.
وألقت درون إسرائيلية عدداً من القنابل على ضهور كفركلا. وطاول القصف المدفعي أطراف بلدتي كفرشوبا وكفرحمام، وأطلق جيش الاحتلال نيران رشاشاته الثقيلة في اتجاه بلدة عيتا الشعب في القطاع الأوسط.
كما قصفت محيط بلدة الناقورة وجبل اللبونة في القطاع الغربي، حيث أطلقت غالبية مراكز “اليونيفيل” في جنوب الليطاني صفارات الإنذار.
في المقابل أطلق حزب الله صلية صاروخيّة باتجاه جبل ميرون.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتراض صواريخ فوق جبل ميرون في الجليل الأعلى، تزامناً مع اندلاع حرائق نتيجة دفعة صاروخية أطلقت من جنوب لبنان، وذلك بعد دوي صفّارات الإنذار بكثافة في المنطقة الحدودية.
ونقلت “القناة 12 الإسرائيلية” عن المتحدث باسم جيش الاحتلال قوله: “رصدنا إطلاق 5 صواريخ من لبنان على ميرون واعترضنا بعضها من دون إصابات”.
وأشارت صحيفة “يسرائيل هيوم” الى سقوط صاروخ اعتراضي بالخطأ داخل “إسرائيل” أثناء اعتراض صواريخ من لبنان. وفي السياق، نقلت القناة 12 عن جيش الاحتلال إطلاق أكثر من 100 صاروخ منذ الصباح من لبنان على “إسرائيل”.
ونعت “المقاومة الإسلامية” ثلاثة من شهدائها هم: عقيل قاسم غريب “أبو طالب” مواليد عام 1990 من بلدة طير حرفا في جنوب لبنان، وحسن وسام حرقوص “أبو مهدي” مواليد عام 2005 من بلدة طورا في جنوب لبنان، وقاسم صالح حرقوص “فداء” مواليد عام 2004 من بلدة طورا في جنوب لبنان.
وحضرت التطورات الأمنية في الجنوب في السراي الحكومي، في اجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، وبحث معه في آخر الاتصالات الدبلوماسية المتعلقة بموضوع التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان” اليونيفيل”، إضافة إلى مواضيع إدارية تخصّ الوزارة.
وعلمت “البناء” أن مجلس الأمن الدولي سيمدّد للقوات الدولية في الجنوب وفق الصيغة المعتمدة بالعام الماضي بعدما رفض لبنان مقترحاً أميركياً لإدخال تعديلات تقنية ولوجستية تتعلق بعمل القوات الدولية وحرية تحركها وصلاحياتها.
وكان بوحبيب أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الإيراني عباس عراقجي لتهنئته بتوليه منصبه الجديد، متمنياً له النجاح في مهامه. وأعرب عن تطلعه للتعاون مع الوزير عراقجي لخدمة مصالح البلدين. بدوره، شكر وزير الخارجية الإيراني الوزير بوحبيب على تهنئته له بتوليه منصبه الجديد، وأعرب عن تطلعه لأن يكون التعاون جيداً لتحقيق مصالح البلدين والشعبين اللبناني والإيراني، ومصالح دول المنطقة.
وقال الوزير عراقجي إنّه سيزور لبنان بالتأكيد، وهو يتطلع أيضاً للقاء وزير الخارجية اللبناني في طهران في أقرب وقت ممكن.
في جديد أزمة الكهرباء وبعد أن قدّم الرئيس ميقاتي إخباراً الى النيابة العامة التمييزية في موضوع أزمة انقطاع التيار بشكل تام عن مختلف المناطق اللبنانية قبل أيام، وبناء على قرار النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، انتقل القاضي الحجار إلى السراي، واستمع الى رئيس الحكومة في موضوع الإخبار المذكور.