نداء الوطن: لودريان يصل الأربعاء بلا مشروع حوار أو “سان كلو” جديد الراعي: 14 حزيران إنتهاك للدستور بدم بارد
– كتبت صحيفة “نداء الوطن”: أسطوانة الحوار التي انتَظم “الثنائي” في إدارتها بقوة بعد 14 حزيران، صارت من يوميات هذا الفريق. فهو يحاول طمس وقائع الجلسة الثانية عشرة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث رجحت في تلك الجلسة كفة مرشح التقاطع جهاد أزعور الذي نال 59 صوتاً على مرشح الممانعة سليمان فرنجية الحائز 51 صوتاً، ولو مضت الجلسة في مسارها المفتوح دستورياً، لكان للبنان اليوم رئيس للجمهورية. لكن “الثنائي” آثر أن يأخذ لبنان رهينة التعطيل بطريقة إمتهنها منذ صار “حزب الله” وصياً على لبنان، بدءاً من عام 2005 بعد إنسحاب جيش الوصاية السوري تحت وطأة ثورة الأرز التاريخية.
لكن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تصدّى لهذا الفصل الجديد من التعطيل السافر، على مدى يومين. فأطل السبت الماضي في قداس ختام سينودس الكنيسة المارونية، لمناسبة مرور 15عاماً على انطلاق اعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار، وأعلن ان جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الأربعاء الماضي بكيفية إيقافها عن مجراها الدستوري والديموقراطي، جاءت لـ”تخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالمي“.
ثم أكمل الراعي موقفه في عظة الاحد، فسأل: “كيف نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتهك الدستور والنظام الديموقراطي بدم بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والإنشطار، في وقت يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخلية”؟
وفي هذا الوقت، عاود رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أسلوب تسليف “الثنائي” التنازلات، كما سيفعل اليوم في إكمال نصاب الجلسة التشريعية، التي تأتي بعد 4 أيام فقط من “مهزلة” فقدان نصاب جلسة أهم إستحقاق دستوري، كما قال البطريرك الراعي. علماً أن التذرع بموضوع رواتب القطاع العام الذي لا يختلف عليه إثنان في لبنان، كان بالامكان معالجته ضمن حكومة تصريف الأعمال، كما اقترح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. فهل هناك من توصيف آخر لسلوك رئيس “التيار”. غير أنّ “حليمة ما زالت على عادتها القديمة”؟ ولا يحتاج الامر الى تأكيد المؤكد، ألا وهو ان باسيل إضطر لسياسة “رجل في الفلاحة”، بإنضمامه الاخير الى التقاطع الرئاسي، لكن بقيت له “رجل في البور”، أي عند “حزب الله”، كما سيثبت ذلك في جلسة ساحة النجمة اليوم.
ويذكر ان باسيل عاد امس من قطر بعد زيارة إستمرت 24 ساعة التقى فيها المسؤولين الذين يتابعون الملف اللبناني، بحسب مصادره.
ويأتي إنسداد الافق الداخلي بفعل “الثنائي المعطّل” مع تطور في الموقف الفرنسي الذي عاد الى واجهة الاهتمام. وسيتجلى ذلك بعد غد الاربعاء، عندما سيبدأ الموفد الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان زيارته لبيروت. وتبدو الزيارة وفق المعلومات لـ”نداء الوطن” ذات طابع استطلاعي، تهدف الى الاستماع إلى آراء المعنيين قبل أن ينتقل لودريان إلى المرحلة الثانية من مهمته، وفيها سيقيّم المعطيات قبل وضع الاقتراحات الممكنة للخروج من الأزمة الرئاسية. ولذلك فإنّ الحديث عن طاولة حوار موسّعة ترعاها باريس، لا يزال باكراً وسابقاً لأوانه. كذلك ليس مطروحاً حالياً الحديث عن مؤتمر “سان كلو” جديد على غرار مؤتمر عام 2007، لئلا يتسبب بإرباكات لفرنسا، وبالتالي فإنّ السياسة الفرنسية حيال الملف اللبناني لن تخرج عن إطار سياسة الاستكشاف.
كما تشير المعلومات، إلى أنّ ما رشح من الإدارة الفرنسية، يدلّ على أنّ باريس لم تهمل مطلقاً مبادرتها الأولى التي تقوم على أساس ترئيس رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ولا يزال هذا السيناريو احتمالاً مطروحاً للنقاش، لكنها صارت منفتحة على طروحات وخيارات وترشيحات أخرى انطلاقاً من العقم الذي أصاب مبادرتها. ونفت ما تروّج له جماعة الممانعة في شأن الموقف الفرنسي الرئاسي، فقالت ان “فرنجية بات نصف الحقيقة“.
كذلك، إن مهمة لودريان لا تلغي دور مستشار شمال أفريقيا والشرق الأوسط برئاسة الجمهورية باتريك دوريل، المكلّف متابعة الملف اللبناني.
وبحسب المعلومات أيضاً، فإن الاميركيين الذين دخلوا في عملية البحث عن حلول للأزمات في لبنان، صاروا في قلب الصورة ولم يعودوا غير مبالين، كما كانوا من قبل. أما الفرنسيون الذين تشاوروا مع السعوديين، في لقاء الرئيس إيمانويل ماكرون مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان حول الدور الايراني، قاموا بهذه الخطوة لتوسيع نطاق الحوار الذي يمهد لعودة اللجنة الخماسية إنطلاقاً من التطورات.
وبقي الفريق السعودي المتابع للملف اللبناني كما كان، فهو يضم المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والسفير في لبنان وليد البخاري. وقد حصلت أخيراً اجتماعات في فرنسا بين لودريان والمستشار الرئاسي باتريك دوريل من جهة، والمسؤول السعودي العلولا.
وفي صلب هذا المشهد الجديد، وإنطلاقاً من الدور الحالي للبطريرك الراعي بعد زيارته الاخيرة للفاتيكان الذي يدفع للحل بقوة في لبنان، صار واضحاً انه لن يكون هناك رئيس في لبنان ضد إرادة مسيحييه