عرضت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني شهادة لشاب من غزة (21 عامًا) تعرض لاستخدامه كدرع بشري لأكثر من 40 يومًا من قبل جيش الاحتلال، حيث عانى من التنكيل والتجويع والاعتداء.
وفي التفاصيل، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني إن قوات الاحتلال أجبرت الأسير على ارتداء الزي العسكري، ووضعوا عليه كاميرا، ورافقته طائرة مسيَرة.
وأكدت الهيئة ونادي الأسير أنه في حال رفض الأسير استخدامه درعا بشريا كان يتعرض “للضرب الوحشي ويُحرم الأسير من الأكل وقضاء الحاجات الأساسية”، فضلا عن إصابته بطلق ناري ومنعه الجنود لفترة من العلاج.
واستعرضت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني شهادة للشاب الغزي “م. د.” البالغ من العمر 21 عاما، الذي استخدمه جيش الاحتلال درعا بشريا لأكثر من 40 يوما، هو ومعتقل آخر كان معه.
وأفاد المصدر ذاته بأن الشاب الفلسطيني، الذي كان يعمل في نقل البضائع بمعبر كرم أبو سالم، تعرض لـ”عمليات تنكيل والتعمد بقهره وإذلاله والاعتداء عليه وتجويعه وإرهابه وتهديده”، وذلك بعد اعتقاله هو ومجموعة من المواطنين من طرف جنود الاحتلال خلال يونيو/حزيران الماضي، إذ تعمّد الاحتلال إبقاءه في نقطة تمركز تابعة لقوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي بين محور فيلادلفيا ورفح.
ووفق شهادة الشاب الغزي، فإن قوات الاحتلال استخدمته “درعا بشريًا بشكل يومي، عبر عدة أساليب، كوضعه على مقدمات السّيارات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، وهو مقيد الأيدي والأرجل، وإجباره على ارتداء الزي العسكري لجيش الاحتلال وتزويده بكاميرا”.
وحسب الشهادة المرعبة للشاب، فإنه في حال رفضه مجاراة جنود الاحتلال كان يتعرض “للضرب، وكانت ترافقه طيارة مسيرة لتوجيهه خلال حركته”، وخلال مدة الأسر، أكد الشاب أن جنود الاحتلال مارسوا بحقّه “سياسة التّجويع، كما حرمه من استخدام دورة المياه، أو الاستحمام، واستمر ذلك على مدار مدة اعتقاله، إلى أن أصيب في السادس من أغسطس/آب الجاري، بطلق ناري في صدره، وبقي لنحو نصف ساعة دون علاج”.
ووجد الشاب الفلسطيني نفسه في اليوم التالي في مستشفى “سوروكا” الإسرائيلي، حيث مكث لمدة 3 أيام، إلى أن تم إطلاق سراحه في التاسع من أغسطس/آب، عبر معبر كرم أبو سالم، ونُقل عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى ناصر الطبيّ، قبل أن تُظهر الفحوصات أن الإصابة سببت له “كسرا في صدره، وإصابة أخرى في الرئة، ولا يزال مخرج الإصابة مفتوحا، وهو بحاجة إلى علاج حثيث”.
من جهتهما، اعتبرت الهيئتان المعنيتان بشؤون الأسرى الفلسطينيين أن الشاب الغزي تعرض لـ”جريمة حرب مركبة ومرعبة، بدءا من عملية اعتقاله واستخدامه كدرع بشري طوال هذه المدة والتنكيل به وتعذيبه وإذلاله، وإصابته لاحقا، وإطلاق سراحه من المستشفى، من دون استكمال علاجه”.
ودعت الهيئتان مرة أخرى المؤسسات الحقوقية الدولية لـ”استعادة دورها اللازم والمطلوب أمام حرب الإبادة المستمرة والجرائم الممنهجة التي ينفذها الاحتلال بحقّ الأسرى والمعتقلين، وتحمل مسؤولياتها اللازمة”، وشددتا على ضرورة تجاوز “حالة العجز المرعبة التي تلف دورها، وتجاوز هذا الدور القائم فقط على رصد الجرائم والانتهاكات وإصدار المواقف والبيانات، إلى مستوى يؤدي إلى محاسبة الاحتلال والقوى الداعمة له”.
وقبل أيامٍ قليلة، كشف تحقيق أجرته صحيفة “هآرتس” أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الفلسطينيين، بينهم أطفال ومسنون، دروعًا بشرية في عمليات عسكرية بشكل منهجي لتمشيط الأنفاق والمباني في قطاع غزة.
وفي التفاصيل، أوضحت الصحيفة العبرية، عن الأشخاص الذين تستخدمهم قوات الاحتلال كدروع بشرية في غزة، “في البداية، من الصعب التعرف عليهم.
هم عادةً في العشرينات من العمر، محاطون دائمًا بجنود برتب مختلفة، ويرتدون في الغالب زي الجيش الإسرائيلي. ولكن عند التركيز على تفاصيلهم، يُلاحظ أنهم لا يرتدون أحذية عسكرية، وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم، ووجوههم تعكس الخوف”.
ووفقا للصحيفة، فإن جنود وضباط الجيش الإسرائيلي يطلقون على هؤلاء الفلسطينيين تسمية “شاويشيم” (جمع لكلمة شاويش)، وقالت: “يتم تجنيدهم دون أن يكون لهم أي حق في الاختيار في وحدات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، بهدف وحيد: أن يكونوا دروعًا بشرية للجنود في عملياتهم”.
ونقلت الصحيفة عن جنود قولهم: “قالوا إن حياتنا أهم من حياتهم”، وأنه “في النهاية، من الأفضل أن يبقى جنودنا أحياء، وأن يتفجروا هم بالعبوات الناسفة”.
وبحسب الشهادات التي حصلت عليها “هآرتس”، فإن هذه الممارسات تحدث في جميع أنحاء قطاع غزة خلال الأشهر الأخيرة، بعلم كبار الضباط، وصولًا إلى مكتب رئيس الأركان.
وأضافت “يتكرر هذا السيناريو مرارًا وتكرارًا: يقوم الجنود بتحديد المواطنين الغزيين ‘المناسبين‘ لهذه المهام، ويتم إحضارهم إلى الوحدات والكتائب العاملة في القطاع؛ ونقلت الصحيفة عن جندي يشارك في عملية “اختيار” الدروع البشرية من الفلسطينيين، قوله “نشعر بنوع من الفخر في ما نفعله”.
غالبًا ما يكونون رجالًا كبار السن وقال أحد المصادر إن “القيادات العليا تعلم بذلك”، ومع ذلك، لم تمنع هذه المعرفة الجيش من ادعاء البراءة عندما نُشر توثيق قبل نحو شهرين، يظهر جنود الجيش الإسرائيلي وهم يُلبسون معتقلين فلسطينيين ويربطون لهم كاميرات، ويرسلونهم إلى منازل مدمرة ومداخل الأنفاق، وكل ذلك بأيدي مكبلة بالأصفاد.
ونقلت الصحيفة عن جندي من لواء نظامي شارك في استخدام الغزيين كدروع بشرية، أنه “في الجيش الإسرائيلي يعرفون أنه ليس حدثًا منفردًا من قائد سرية شاب وغبي يقرر التصرف بمفرده”.
وأظهرت المحادثات التي أجرتها صحيفة “هآرتس” مع جنود وقادة في الجيش الإسرائيلي أن الفلسطينيين الذين يشتخدمون كدروع بشرية غالبًا ما يكونون رجالًا كبار السن.
ومع ذلك، هناك شهادات تشير إلى استخدام مراهقين أو مسنين في بعض الحالات (“في بعض الأحيان كان يتم إجبار المسنين على دخول المنازل”، وفقًا لما رواه جندي في إحدى القوات).
هذا وفي عملية ‘الدرع الواقي‘ (التي شنها جيش الاحتلال على الصفة الغربية المحتلة خلال أحداث الانتفاضة الثانية وتخجيجا في آذار/ مارس) عام 2002، كانت هذه ممارسة شائعة في الجيش.
عُرفت بشكل أساسي باسم ‘إجراء الجار‘ الذي يتمثل باستخدام الجنود للسكان المدنيين في الضفة الغربية لتمشيط المنازل خشية أن تكون ملغومة، أو دخول الفلسطينيين إلى المنازل قبل قوات الجيش للبحث عن مطلوبين”.