اخبار اقليمية

تشكيك إسرائيلي في جدوى سياسة الاغتيالات

في مقابل الترحيب الذي أبداه مسؤولون إسرائيليون كثيرون بعمليتي الاغتيال في طهران وبيروت، اللتين استهدفتا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والقائد العسكري الكبير في حزب الله، فؤاد شكر؛ شكّك عدد من الخبراء والمعلقين الإسرائيليين بجدوى مثل هذه العمليات، كون التجارب السابقة لم تمنح “إسرائيل” المكاسب المنتظرة منها.

وفي هذا السياق، أشار الوزير السابق، رئيس حزب ميرتس سابقاَ، نيتسان هوروفيتش في مقابلة أجراها مع القناة “الـ 12” الإسرائيلية، إلى أنّ “الأهداف الكبيرة للحرب حتى الآن لم تتحقق، ومثل هذه العمليات التكتيكية (كالاغتيالات) لا تخدم الأهداف الاستراتيجية، فهي لا تعيد المستوطنين في الشمال إلى منازلهم.

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي “أمان” سابقاً، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي حالياً، اللواء احتياط، تامير هايمن، أشار في مقال نشره في موقع القناة “الـ 12” الإسرائيلية، إلى أن اغتيال شكر لن يحدث فارقاً كبيراً في النواحي المادية الأدائية لحزب الله؛ كما أن اغتيال هنية لن يُغير بشكلٍ جوهري شيئاً في أداء حماس من الناحية العسكرية، لكن باغتيالهما ازداد خطر اندلاع حرب إقليمية.

بدوره، رأى نائب رئيس هيئة الأركان العامة في “الجيش” الإسرائيلي سابقاً، اللواء احتياط دان هرئيل، أنّ الحكومة الإسرائيلية، بقرارتها، أدخلت الإسرائيليين إلى قتال في 7 ساحات، وهي لا تنجح بإنهاء المعركة في غزّة، بل دخلت في حرب استنزاف ليس لها نهاية، ولا يوجد فيها حسم واضح. وأضاف هرئيل أنّ “النتيجة اليوم ليست جيدة (للإسرائيليين)، فنحن ببساطة نجلس وننتظر ليضربوننا”.

وفي حديث أجراه مع القناة “الـ 13” الإسرائيلية، قال العقيد احتياط كوبي ميروم إنّ “هذه الاغتيالات “لم تغير الواقع الاستراتيجي لإسرائيل” بشكلٍ قاطع، فـ “إسرائيل” تخوض مع إيران حرباً منذ أكثر من 10 أشهر، وهذه الحرب حسب رؤيتهم ناجحة جداً، كون “إسرائيل” غارقة في حرب على 7 ساحات، بشكلٍ يُنهك فيه جيشها.

وفي مقال نشرته في موقع القناة “الـ 12” الإسرائيلية، رأت المسؤولة الكبيرة سابقاً في هيئة الأمن القومي، والباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي حاليا، أورنا مزراحي، أنّ اغتيال المسؤولين الكبار في المنظمات المعادية لـ “إسرائيل”، ليس من المتوقع أن يُحدث تغييراً استراتيجياً، كما أنه لن يُنهي الحرب في غزة أو في الشمال. مزراحي شدّدت على أن التجارب السابقة أثبتت أن اغتيال المسؤولين الكبار لا يُحدث تغييراً على المستوى الاستراتيجي، بل فقط يعطي شعوراً بالرضا على المدى القصير.

وإضافة إلى الخبراء الإسرائيليين، حذّر عدد من كبار المعلقين الإسرائيليين، كمحلل الشؤون السياسية في صحيفة “معاريف”، بن كسبيت، من أن مثل هذه الاغتيالات لا تحقق النصر، بل فقط تدخل البهجة إلى قلوب الإسرائيليين. فيما رأى محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل أنّ اغتيال هنية وشكر أثار نزاعات حادة جداً في “إسرائيل” حول صوابية هذا الأمر (بسبب التداعيات والكلفة التي تترتب عليه).

وبدوره، أشار مراسل الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة “هآرتس” أيضاً، يوسي ميلمان إلى أن الاغتيالَين اللذَين نُفذا هذا الأسبوع، لا يُغيران الواقع أو قواعد اللعبة المستمرة منذ 10 أشهر، محذّراً من أن “إسرائيل” لا تملك أهدافاً استراتيجية تضمن إنهاء الحرب، وهدف هذه الاغتيالات هو فقط الانتقام وإرضاء رغبات الجمهور الإسرائيلي، لدرجة أن “إسرائيل” وقعت في حب الاغتيالات، وربما أصبحت مدمنة عليها.

وحذّر ميلمان من أن عمليات الاغتيال هذه لن تؤدي إلا إلى رفع إيران وحزب الله من مستوى عزمهما على مواصلة الكفاح ضد “إسرائيل”، كما حصل في العام 2008، حين “اعتقدت إسرائيل أن التخلص من عماد مغنية سيضرّ بحزب الله بشدّة، لكن لم يمضِ وقت طويل قبل أن تثبت الحقيقة عكس ذلك. لقد تطلب الأمر بعض الوقت لتعافي حزب الله، ثم أصبح تنظيماً أقوى وأكثر فعاليةً وفتكاً”.

ولفت ميلمان إلى أن هذه الاغتيالات زادت من مخاطر اندلاع حرب إقليمية، وبعّدت إمكانية استعادة الأسرى، أو وقف الحرب، وعودة “إسرائيل” التوّاقة إلى الهدوء، إلى الحالة الطبيعية، لا بل زادت الخشية من أن الأمور قد تخرج عن السيطرة تماماً، بشكلٍ يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة سيموت فيها الآلاف من الإسرائيليين، وأكثر.

الميادين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى