مقالات

إبادة الفلسطينيين في غزة تخرج طلبة الجامعات الأميركية من صفوفهم رغم القمع المفرط

منسوب الإجرام الذي مارسته آلة القتل الاسرائيلية في غزة، والتي حصدت فيه من الأرواح خلال 220 يوما قرابة ال 35 الف شهيد وأكثر من مئة الف من الجرحى ، استطاع أن يفضح “تلفيقة” الهولوكوست الاسرائيلية، ورواية الظلم الخيالية التي عاش عليها الاميركيون والغرب عقودا من الزمن، وبعد طوفان الاقصى تم استبدالها بهولوكوست حية وحقيقية يشاهدونها كل يوم على شاشات التلفزة وتنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بتوقيع الكيان الاسرائيلي.

لا مبررا إنسانيا لاجرام الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بمساندة ودعم اميركا ..وهو ما دفع الطلاب الأميركيين الى مهاجمة حكومتهم بسبب دعمها غير المحدود واللامتناهي للكيان الإسرائيلي في كل الصعد متسائلين عن حقيقة تعرض اسرائيل لمحرقة، خصوصا انها تبيد شعبا بكامله من أجل تثبيت وجودها بحجة القضاء على مقاومة انبثقت من رحم الشعب للدفاع عنه.

بداية التظاهرات وتمددها

السابع عشر من أبريل 2024 كانت جامعة كولومبيا الشهيرة في اميركا على موعد مع أول تظاهرة طلابية مطالبة برفع الظلم عن غزة ، وكرت سبحة التظاهرات في جامعات أخرى حتى شملت ما يزيد على 120 جامعة داخل أميركا.

في البداية حاولت رئيسة جامعة كولومبيا مصرية الأصل نعمت شفيق ان تسيطر على الحراك عن طريق المنهج الأمني لكنها فشلت، وانعكس تحركها على محاولة ضبطه، وبنتيجة ذلك كان ان انضم بقية طلاب الجامعات الأمريكية للحراك وهم يرون زملاء لهم تعتقلهم الشرطة مكتوفي الأيدي،وقد تجاوبت مع الحراك جامعة نيويورك، وانتقلت الظاهرة إلى هارفرد وييل ومعهد ماستشوستس للتكنولوجيا وبراون وجامعات كاليفورنيا وتكساس وغيرها.

وتتواصل الاحتجاجات وتتفاعل حيث أقدم طلبة جامعة”أن واي يو”على تغيير اسم مكتبة “بوست” في نيويورك وأطلقوا عليها إسم “ديانا تماري صباغ” تذكيرا بمكتبة غزة (نفس الإسم) التي دمرها الإستعمار الصهيوني…وذلك بعد اسبوع من ممارسة العنف المفرط ضدهم ..وفي دول أخرى، طلبة ‎جامعة سيول في ‎كوريا الجنوبية اقاموا مخيماً تضامنياً مع ‎فلسطين، ومن اجل حرية فلسطين اصبح عدد الجامعات المقاطعة لإسرائيل رسميا في اسبانيا حتى كتابة هذه الاسطر 76 جامعة.

استخدام القوة المفرطة في بلد يدعي الحريات

لم تكن “مهسا أميني” تعلم أن اميركا ستحزن عليها وتقيم من اجلها العزاء في كل دول العالم، عبر تحريك تظاهرات، رفضا للتضييق على الحريات بزعم أن موت “اميني” جاء بسبب التضييق عليها واجبارها على وضع الحجاب، وهو ما نفته السلطات الايرانية والتقارير الطبية التي عاينت حالة “اميني” جملة وتفصيلا، الا أن اميركا الراغبة في إشعال الفتنة داخل “ايران” حاولت إقناع العالم بأن السبب هو قمع الحريات ولأنها كانت تكذب سرعان ما خمدت الاحتجاجات وانتهت ،أما اليوم هي نفسها اميركا تقمع طلابها لأنهم طالبوها بوقف الابادة الجماعية لأهالي فلسطين، وعبروا عن مطالبتهم عبر مظاهرات سلمية ، لم تشهد اي أحداث عنف في البدايات، الا ذاك الممارس من قبل الاجهزة الامنية الاميركية في مختلف الجامعات منها جامعة كولومبيا وجامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلس ودالاس ـ تكساس وغيرها الكثير. واستخدمت الغازات المسيلة للدموع في 100 جامعة أو كلية، وهو أمر غير مسبوق ، واعتدت على الطلاب والاساتذة واعتقلتهم بتهمة معاداة السامية وحركت مشروع يسمى “كناري” من أجل الاضرار بسمعتهم، لثنيهم عن تحركهم، وكذلك هو مشروع يبرر اعتقالهم، كثيرة هي المحاولات لانهاء الحراك الا ان جميعها حتى الآن يبوء بالفشل ..وبعد أكثر من ثلاثة اسابيع لا تزال تتفاعل وتتمدد، خصوصا بعد ورقة الاتفاق الأخيرة الذي قبلتها المقاومة الفلسطينية حماس ورفضها الكيان الاسرائيلي علما أن رئيس الولايات المتحدة الاميركية جو بايدن كان قد وصفها ب”الجيدة”.

وتشير تقديرات الى اعتقال اكثر من 2400 شخص منذ بداية الاحتجاجات.

بدعة توقيف بعض المساعدات العسكرية للكيان الاسرائيلي نتيجة التظاهرات

بعد سبعة اشهر من الدعم العسكري للكيان الاسرائيلي، وبعد مساعدة عسكرية بقيمة 26 مليار دولاء ، وبعد قتل الآلاف ، وارتكاب الابادات ، انتشار جثث الاطفال اشلاء في الطرقات، وبعد هدم آلاف المساكن على رؤوس قاطنيها، ومحو عائلات بكاملها من السجلات الادارية، وبعض القضاء على البشر والحجر في غزة ، وبعد اطباق الحصار عليها ومنع اهلها من الوصول الى الخبز والماء، هدد بايدن بوقف بعض المساعدات العسكرية لاسرائيل اذا ما استهدفت المدنيين في رفح، دون ادنى اشارة الى المدنيين في مناطق أخرى، أو الى الغاء العملية العسكرية في رفح من أساسها، لأنها منطلق لمزيد من الابادات، وهو ما بث روحا جديدا في الاحتجاجات الاميركية والعالمية لمزيد من المطالبة والضغط، خصوصا مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في اميركا.

وقد حقق الحراك في عدد من الجامعات مطالبه، وما زال يحمل رسائل مهمة على الادارة الاميركية ان تفهمها جيدا، الاول هو ان هذا الحراك يستطيع ان يطيح بإدارة بايدن في الانتخابات المقبلة اذا ما تواصل بهذا الزخم واذا ما استمرت اميركا بدعم اسرائيل بالسلاح لقتل الاطفال، ويستطيع ايضا ان يوصل رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السجن، وجيلا بعد جيل مشروع بناء دولة اسرائيل على أرض وفوق أشلاء الفلسطينيين سوف ينتهي ..فما هي الاجراءات التي على ادارة بايدن ان تتخذها تجاه الاحتجاجات الطلابية قبل ان تصل نقطة اللاعودة؟

ريم عبيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى