ازدحم المشهدان السياسي والامني نهاية الاسبوع بالتطورات الدراماتيكية، لا سيما مع توسع رقعة الاستهدافات الاسرائيلية التي بلغت العمق اللبناني وتحديدا اقليم الخروب، في تطور هو الاول من نوعه لجهة المكان، اما في السياسة فملأ الساحة وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان بمواقف تتصل بالوضعين اللبناني والفلسطيني، مشيرا الى ان التطورات الفلسطينية تبدو متجهة نحو حل سياسي، فيما اكد استمرار دعم ايران للبنان والمقاومة.
واضح ان الرد على زيارة عبد اللهيان لم يتاخر كثيرا، اذ جاء في كسر خطر لقواعد الاشتباك، حيث عمدت المسيرات الاسرائيلية الى توجيه ضربة الى مسؤول في حماس في العمق اللبناني، وهو ما حاول البعض فصله عن المسار الدبلوماسي والتاكيد على ان العملية تاتي في اطار استمرار محاولات استدراج الحزب، في وقت تدل فيه سلسلة من المؤشرات على أن خيار الحرب ما زال يتقدَّم على مسار الهدنة أو وقف النار أو الصفقة او التسوية.
شكلا توقف المتابعون عند امرين اساسيين، ان الزيارة تاتي بعد “عجقة” الموفدين الغربيين الذين حطوا في بيروت ناقلين الرسائل، حيث تحاول طهران خلق توازن دبلوماسي، ومن جهة ثانية، انها لم تات بالتزامن مع زيارة الوسيط الاميركي، على ما درجت العادة مع اندلاع حرب طوفان الاقصى، اذ ان الاخير غادر تل ابيب الى لندن دون المرور ببيروت، بايعاز من ادارته في موقف احتجاجي على تصريحات الحكومة اللبنانية حول التسويات المطروحة، وهو ما كان له دوره ايضا في شطب لبنان من جدول مواعيد الوزير بلينكن، رغم ان هوكشتاين اتصل “بنظيره” اللبناني وابلغه نتائج محادثاته غير الموفقة في “اسرائيل”.
اما في المضمون فقد توقف المتابعون امام مجموعة من النقاط ابرزها:
– تاكيده ان بلاده لا تريد الحرب، رغم الهجمة الاميركية التي تطالها، في العراق تحديدا مع استهدافها المباشر لكتائب حزب الله المسؤول عن التنسيق بين المقاومة العراقية والحرس الثوري، وهذه المرة الثانية بعد مقتل المهندس، وما يحمله ذلك من دلالات، كما في اليمن، وبواسطة “العدو الإسرائيلي” في سوريا ولبنان، وهو موقف ايراني متقدم، رغم المحاولات لجر الجمهورية الاسلامية الى مواجهة محدودة.
– محاولة ايحائه بان طهران قادرة على ضبط اطراف المحور في حال عمدت واشنطن الى الضغط على “اسرائيل” لوقف حربها على غزة. وفي هذا الاطار تؤكد المعلومات ان الاخير لم يحمل معه اي مبادرة او اقتراح، بدليل انه لم يلتق الامين العام لحزب الله سوى مرة واحدة خلافا للمرة السابقة حيث التقاه ثلاث مرات في اقل من 48 ساعة، وسط اصرار على ان حزب الله غير معني باعطاء اي ضمانات “لاسرائيل”.
-اشارته الى ان امن لبنان من امن ايران، وهي ليست المرة الاولى التي يعلن فيه ذلك.
فهل يعني ذلك ان اي استهداف للبنان سيجعل طهران تتدخل مباشرة في الصراع؟ الاكيد ان طهران لن تسمح بضرب درة تاج المحور، في ظل السعي لتحييد حزب الله عن اي ضربات اميركية، مع ما يعنيه ذلك من اهمية لدور لبنان في المحور.
-اعلانه الدعم الكامل لحارة حريك “الحكيمة”، في موقف يزيل الالتباسات التي تحدثت عن خلافات مع طهران حول آلية خوض المواجهة وحدودها، حيث لحزب الله القرار في حدود معركته، وفقا للمعطيات الميدانية التي يراها مناسبة، وفقا لما ينقل عن احد قياديي المقاومة.
اوساط دبلوماسية كشفت ان زيارة عبد اللهيان، الذي يصفه الغرب بوزير خارجية الحرس الثوري، الى بيروت هي استطلاعية، اولا، اذ ترغب طهران في الاطلاع على كسب على فحوى الرسائل الغربية ومداها وجديتها ومناقشة تداعياتها.
وثانيا، الوقوف على مدى استعدادات حارة حريك لمواجهة اليوم الثاني لوقف العمليات العسكرية وكيفية مواجهة الوضع السياسي الذي قد يستجد، اما ثالثا فهو الارادة بخلق توازن على الساحة اللبنانية مع الغرب.