أخبار عالمية

«ديزني» تروّج للاستيطان على أنقاض غزّة!

«تعال لزيارة غزّة الجميلة. مع شواطئها المذهلة وشوارعها الساحرة: أنت تستطيع أن تقيم في أحد فنادقنا ذي الخمسة نجوم، وتتذوّق أروع ما في الشرق الأوسط من أطعمة».

بهذه الكلمات، يروّج إعلان بثته شبكة «هولو» أخيراً (مملوكة لشركة «ديزني») لكيان الاحتلال.

يبثّ الإعلان صوراً جميلة بألوانٍ زاهية كما لو أنه يقدّم مدينتَي دبي أو هونغ كونغ لناحية الشاطئ المذهل والمباني الفارهة والحياة الليلية النشطة.

يكمل الفيديو الذي نشرته صفحة «عينٌ على فلسطين» (Eye on palestine): «هذا ما كانت غزةُ لتكون عليه لولا وجود «حماس»» مع تغيير للصور المعروفة والألوان لتتحوّل إلى أشكالٍ مخيفة ووجوه شاحبة مع قتامةٍ شديدة في المناخ العام.

يظهر الفيديو المصنّع كليةً بواسطة الذكاء الاصطناعي (AI)، مدى سطحية الإعلام الغربي في تناول القضايا الكبرى، وخصوصاً موضوع المحرقة، والمقتلة، والمجزرة التي تدور في غزّة حالياً، ناهيك بحقوق الشعوب الأصلية في أرضها، قبل نقاش منطقية «دفاعها عن نفسها».

هذا النوع من البروباغندا الإعلامية لا يشكّل أي مفاجأة، كون الصهاينة لا يزالون يعملون في السرّ والعلن لتظهير سرديّتهم حول ما يحدث في غزّة وفلسطين عموماً حتى مع تزايد الأصوات حول العالم بأن ما يحدث ليس كما تروّج له وسائل الإعلام المهيمنة الشريكة في العدوان على الشعب الفلسطيني.

في المعتاد، تقوم الشركات الكبرى، وخصوصاً تلك التي تحاول كل الوقت الإشارة إلى أنّها ليست منحازة سياسياً، أن تدّعي عدم تحيزها الواضح للإمبريالية وكيان الاحتلال، لكن هذا التوحّش بات جزءاً من سمة الإعلام الغربي تزامناً مع أحداث «الطوفان» الذي هزّ كياناتهم بأكملها على ما يبدو.

لفهم أهمية هذا النوع من الفيديوات التضخيمية، يصرّ رئيس وزراء العدو نتنياهو على مشاركة أكاذيبه كلما أطلّ على الهواء، بدءاً من كذبة الأطفال المقطّعي الرؤوس وصولاً إلى أنّ ما حدث ويحدث في غزة لا يتعدّى عمليةً عسكرية «جراحية».

هذا الإصرار على الكذب يحتاج إلى دعم إعلامي كبير حتى تصبح الكذبة منطقيةً، حقيقيةً، وحتى واقعيةً.

الغريب أنّ شركة «هولو» لم تنفِ الأمر لدى تواصل أحد الأشخاص معها، بل على العكس أشارت إلى أنّه وصلها عددٌ كبير من الشكاوى بخصوص هذا الإعلان، وأنها قد تحذفه لاحقاً.

هذا الفيديو الذي انتشر بسرعةٍ كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعقبته موجةٌ واسعة من التعليقات، ليس من مجرّد مغردين عرب أو فلسطينيين، بل أيضاً من ناشطين وأفراد حول العالم. عددٌ كبيرٌ من المغردين والناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي علّقوا على الأمر، فأشار الناشط الأميركي جاستن كيلفر: «نعم هذا أمرٌ حقيقي. الصهاينة صنعوا مجموعة من الفيديوات بواسطة الذكاء الاصطناعي يلومون بها «حماس» بدلاً من لوم أنفسهم على تحويل غزة إلى معسكرات اعتقال».

بدورها، علّقت الأميركية بث هولندر: ««هولو» تنشر إعلانات مموّلة من الصهاينة، لقد كنتُ أشاهد مع صديقتي مسلسل Pretty Little Liars لأفاجأ بهذا النوع من الإعلان، لقد كانت تجربة سوريالية ومقرفة للغاية».

بدورها، علّقت الفنانة الأميركية جوليا ماي بدورها على الفيديو بالإشارة إلى أنّ «لغة وإيحاءات هذا الفيديو ديستوبية للغاية، هذا ليس المستقبل الذي أتمنى أن أعيش فيه».

ثم تابعت موجهةً كلامها إلى شبكة «هولو» بلملمة شتات أخطائها.

الناشط عمر سمرة قال بشكلٍ مباشر: «سألغي اشتراكي في شبكة «هولو» حالاً».

أمر وافقته عليه مصممة الأزياء المقيمة في أستراليا ياسمين جمال الدين؛ وصانعة الحلويات الفلسطينية الأصل والمقيمة في أميركا فاطمة محمد.

أما مهندسة الديكور المعروفة سارة مكلوهن، فقد أشارت إلى إلغاء اشتراكها في الشبكة الأم أي «ديزني» مشجّعة الآخرين على الحذو حذوها.

مغني الروك الأميركي توماس ماكروكلين أوضح: «هذا أمرٌ مقزز»، وهو ما وافقه عليه الناشط ميشال عيسى: «التحريف أمرٌ حقيقي».

وجاء تعليق مصممة الأزياء والعارضة زهراء مرجي: «هذا ما كانت غزةُ لتكون عليه لولا وجود إسرائيل».

الممثلة الكوميدية الجنوب أفريقية كانيز سوركا أشارت إلى أنّ ما شاهدته في هذا الإعلان يشبه حلقةً من مسلسل «بلاك ميرور» البريطاني الذي يتناول المستقبل بطريقة محض خيالية ويمزجها مع الواقع بطريقة مدهشة.

وأكملت: «إنه أعلى من الديستوبيا، إنه مؤلمٌ ومظلم في آنٍ معاً».

المغني ومؤدي الهيب الأميركي والمقيم في شيكاغو «كايم» علّق: «هل لكم أن تتخيلوا لو أن هذا الإعلان صُنع عن الإسرائيليين؟ حتماً ما كان سيعرض».

بدورها، أشارت الكاتبة والمحللة السياسية الأميركية لورين دوبوا إلى الإعلان بقولها: «بعيداً من قرار «هولو» السيّئ بعرض هذا الإعلان، لكن لوم «حماس» على ما حدث في غزة أمرٌ مجنون، فكيف يمكن أن تزدهر أي مدينة تحت حصار في البرّ والبحر والهواء؟ كيف يستطيعون بناء هذه الشوارع الفخمة في حين أن مواد البناء ممنوعة؟ كيف يمكن لحياة الليل النشطة هذه أن تحدث والأسلحة المدعومة بالذكاء الاصطناعي موجودة فوق الأسوار التي تحيط بالمكان؟ كيف يمكن للسياحة أن تزدهر حين تحدّد إسرائيل مَن يدخل ومن يَخرج، وممنوع أن تهبط طائرة أو ترسو سفينة من دون موافقتها؟».

أما الناشط الأميركي جوشوا بيم، فقال: «هكذا تصنع البروباغندا وتنتشر». دعمته في ذلك الناشطة الإيسلندية راكيل هوستريت بقولها: «هؤلاء هم شعب الله المختار سيداتي سادتي. لا بل هم عكس ذلك تماماً».

أما أستاذة التقنية في «جامعة أوكسفورد» جنيفر كاسيدي، فقد علّقت بثلاث كلمات على ما شاهدته: «قذرون، معدومو الإنسانية، سايكوباثيون».

ضمن الإطار نفسه، كان الصهاينة ـ وفقاً لوسائل إعلامهم ـ ينشرون الخبر التالي ربما لإكمال الجانب الآخر من الصورة: «شارك أكثر من 12 وزيراً من حكومة العدو الصهيوني، مرفقين بأكثر من عشرين عضواً في كنيست الاحتلال في مؤتمر نظم في القدس المحتلة حمل عنوان «الاستيطان يجلب الأمن»».

عرض المجتمعون الذي تداعوا أصلاً بهدف جمع أموال ودعم للمنظمات الاستيطانية في كيان الاحتلال، للدعوة إلى البدء بعملية استيطانٍ جديدة في غزة بعد انتهاء الحرب المجزرة التي ترتكبها قوّات الاحتلال هناك.

عرض المجتمعون صورةً كبيرة لأسماء المستوطنات المزمع إنشاؤها على طول القطاع المحتل والمحاصر.

هذا النوع من الجرائم الذي لا يبدو أن هناك من يحاسب عليه ما زال مستمراً بدعمٍ كبيرٍ من دول الغرب ووسائل الإعلام المهيمنة المعروفة… و«ديزني» ــ و«هولو» ضمناً ـــ لن تكون الأخيرة في دعم الإبادة الجارية اليوم مباشرةً على الهواء.

المصدر: الأخبار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى