كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: رغم قرار محكمة العدل الدولية في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وأهميته، لكنه بقي قاصراً عن تقديم موجبات فعلية توقف الاحتلال الإسرائيلي من مواصلة جرائم الإبادة، ومن المتوقع من تل أبيب أن تضرب به عرض الحائط وتستمر في حربها ضد الشعب الفلسطيني، إذ إن تاريخها الحافل بانتهاك القوانين والأعراف الدولية يؤكد ذلك، فضلا عن أن ردود الفعل التي صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين على قرار المحكمة واستمرار جيش العدو بالقتل العمد للمدنيين في قطاع غزة غداة القرار، يشير بوضوح إلى أن الكيان الإسرائيلي لن يلتزم بما دعت اليه المحكمة.
وإذ كانت الولايات المتحدة وبعض حلفائها قد شجعوا تل أبيب على حرب الإبادة من خلال الدعم الأعمى وغير المشروط الذي منحوها إياه بعد ٧ اكتوبر، فإن هذه السياسة الإجرامية لقيت من واشنطن وبعض دول الغرب مساراً آخر عبر تعليق تمويل وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين “الأونروا” بحجة التحقق من مشاركة موظفين في الوكالة في أحداث ٧ أكتوبر، وما يعنيه القرار من تأثير على عمل “الأونروا” في الأشهر القادمة مع ما يكابده سكان القطاع من أوضاع انسانية صعبة وصلت الى حد المجاعة.
أما على جبهة جنوب لبنان فاحتدام المواجهات العسكرية بين حزب الله واسرائيل واتساع رقعتها، جعل الأنظار تتركز أكثر نحو الجنوب لاسيما مع التهديدات المتصاعدة من قبل القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل.
مصادر أمنية أشارت عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى “خطورة الوضع الميداني في الجنوب في ظل المعلومات عن تعزيز إسرائيل لقواتها في شمال فلسطين المحتلة بمواجهة حزب الله الذي بدأ باستخدام صواريخ ذكية ومسيّرات تصيب أهدافها بدقة لأول مرة، ما يدفع إلى الاعتقاد أن التصعيد الميداني على طرفي الحدود الجنوبية أصبح يلامس الخطوط الحمر، وهو بمثابة النار التي تسبق العاصفة، إلا إذا نجحت الضغوط الدولية لإجبار رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب التي يرأسها للتخفيف من نواياه العدوانية تجاه لبنان والاستعاضة عنها بالعودة الى مفاوضات ترسيم الحدود البرية وتطبيق القرار ١٧٠١ وحل النقاط المختلف عليها بمقابل وقف جديّ لإطلاق النار في غزة”.
المصادر كشفت أن “نتنياهو الذي تعهد لأهالي الأسرى الإسرائيليين بالعمل على تحريرهم بكافة الوسائل العسكرية والدبلوماسية، أصبح على قناعة تامة أن توسيع الجبهات وإطالة أمد الحرب في غزة وفي جنوب لبنان يصبّ في خدمته في نهاية الأمر، لأنه يعتقد أن خروجه من المعركة منتصراً يكمن فقط في حال تمكن من تحجيم الدور العسكري لحركة حماس وحزب الله، وهذا كفيل بتعزيز موقفه السياسي. هذا يعني أن الحرب بالرغم من حجم الخسائر التي تكبدتها إسرائيل في عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة، مستمرة، وهو ما يسعى إليه نتنياهو”.
المخاوف المتزايدة من اتساع نطاق الحرب عبّر عنها النائب بلال الحشيمي في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية بقوله إن “الخوف من اتساع المواجهات الميدانية في جنوب لبنان أصبح في محله، نتيجة تصميم نتنياهو على إيجاد نصرٍ ما يحفظ له مستقبله السياسي، وهذا ما يفسّر الضغوط الدولية باتجاه المسؤولين اللبنانيين لعدم السماح لحزب الله بأن يُستدرَج من قبل إسرائيل إلى الحرب، خاصة إذا كان ينوي مهاجمة اسرائيل وتجاوز الحدود باتجاه فلسطين المحتلة، ما قد تضعه إسرائيل في خانة إعلان الحرب بموازاة عملية طوفان الأقصى التي أجبرت العالم كله على الوقوف معها”.
ورأى الحشيمي “أننا أمام رئيس وزراء عدو ليس عنده ما يخسره، وهو يحاول استفزاز حزب الله بكل الوسائل”، معتبراً أن “الحزب يعرف ماذا يخطط له نتنياهو ولهذا السبب يقود المواجهات مع اسرائيل بتعقّل رغم الكلفة الباهظة التي تكبدها في المواجهات مع العدو”.
وذكّر الحشيمي بأن “نتنياهو الذي يشن حرباً مدمرة على غزة منذ ١١٥ يوم أودت بحياة أكثر من ٢٥ الف شهيد وتدمير ثلاثة أرباع قطاع غزة تدميراً كاملاً بما فيها المستشفيات والمدارس وجميع المؤسسات الرسمية والخاصة ومكاتب الأونروا وأحياء سكنية بأكملها، اكتفت محكمة لاهاي فقط بإدانة اسرائيل من دون المطالبة بوقف إطلاق النار، وهذا يعني انها ما زالت تحظى بدعم دولي اعلامي وسياسي ولوجستي منقطع النظير”.
وأضاف الحشيمي: “إن لم ننتبه الى واقعنا فقد يصيبنا ما يصيب غزة والعالم يقف متفرجا”. وبناء لذلك تطرق الحشيمي إلى الملف الرئاسي معلّقاً على تحرك اللجنة الخماسية وعما اذا هناك بوادر حلحلة، فرأى أن اللجنة “لن تصل إلى نتيجة لأنها بدأت مساعيها لانتخاب الرئيس منذ شباط الماضي، أي منذ سنة، ولم يتغير شيء، لا بل فإن الأمور تزداد تعقيداً”، متمنياً من ناحيته انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، متسائلاً عن “مصير الأجوبة التي سُلمت الى الموفد الفرنسي رداً على أسئلته حول مواصفات الرئيس”.
الحشيمي اعتبر أنه “إذا كانت الادارة الاميركية تريد فعلاً انتخاب رئيس جمهورية فقد ينتخب بأقل من أسبوعين، وتجربة التمديد لقائد الجيش جوزف عون خير دليل على ذلك”، مشيراً إلى أن “الجهود الأميركية تتركز حالياً على تطبيق القرار ١٧٠١ أي في المنطقة التي يسيطر عليها حزب الله، وهذا يستدعي التفاوض مع إيران وليس مع حزب الله، لأنها القوة الوحيدة التي بإمكانها ان تقول لحزب الله انسحب من هذه النقطة الى تلك، وأميركا تعرف ذلك جيدا”، ولهذا يستبعد الحشيمي انتخاب رئيس.
على أي حال يبقى الواقع المحلي ثقيلاً بالأزمات ثقل المخاطر التي تزداد من احتمالات توسع الحرب، ولأجل ذلك لا بد من انتهاج مقاربة عاقلة داخليًا لمعالجة الأزمات المحلية، لا لإيجاد حلول لهموم الناس وتحصين مؤسسات الدولة وحسب، بل تحسباً لمخاطر الحرب أيضاً.