مقالات

معتز عزايزة آخر المغادرين: هل تُضعف الكيان جبهة غزة الإعلامية؟

لم يكن متوقعاً أن يرتمي معتز عزايزة (1999) في أحضان «الجزيرة» فور خروجه من غزة أول من أمس، على اعتبار أن المصوّر الفلسطيني الذي واكب العدوان الإسرائيلي على القطاع على مدار 109 أيام متواصلة (الأخبار 13/12/2023)، لا يعمل لمصلحة المحطة القطرية، بل متعاقد مع جمعيات المجتمع المدني.

لكن عزايزة الذي يتابعه أكثر من 18 مليوناً على إنستغرام، وصل إلى مطار الدوحة ومنه مباشرة إلى استديوات «الجزيرة» لينطلق من هناك في إجراء المقابلات.

أمر دفع الناشطين إلى طرح العديد من التساؤلات حول أسباب ظهوره على «الجزيرة» بهذه السرعة، متسائلين عن حقيقة انضمامه إلى القناة أم كونها الطرف الأساسي في الوساطة الهادفة إلى إخراجه من غزة.

وبدأ الحديث حول انصياع الشبكة للضغوط الأميركية والإسرائيلية الرامية إلى تفريغ غزة من إعلاميّيها منعاً من نقل صورة الجرائم التي يرتكبها العدو ومواصلة تحريك الرأي العام العالمي.

جاء ظهور عزايزة على المحطة بعد أيام قليلة على إعلان مراسل «الجزيرة» في غزة وائل الدحدوح، عن خروجه منها لتلقّي علاجه في الدوحة بعدما استهدفه العدو قبل أكثر من شهر وتسبّب في إصابة في يده (الأخبار 18/12/2023)، بينما استُشهد زميله المصوّر سامر أبو دقة (1978ـــ 2023) وسط معلومات عن عدم قرب عودة «أبو حمزة» إلى غزة بسبب علاجه الذي يستغرق وقتاً طويلاً.

في هذا السياق، أعلن معتز عزايزة أول من أمس عن انتهاء مهمّته كصحافي ومغادرته غزة بعدما واكب العدوان منذ اندلاعه في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، من دون أن يكشف عن وجهته المقبلة.

في فيديو لا يخلو من الاستعراض، خلع المصوّر سترته الصحافية الواقية للرصاص، مودّعاً أصدقاءه وأرفقه بتعليق قال فيه «لقد اضطررت للإخلاء لأسباب كثيرة، تعلمون جميعاً بعضها لكن ليس كلّها.

شكراً لكم جميعاً. صلّوا من أجل غزة». لم تمرّ ساعات حتى أعلن وصوله إلى قطر. ومن مطار الدوحة مباشرة إلى استديوات «الجزيرة»، هكذا كانت رحلة معتزّ الذي لم ينتظر وقتاً كي يظهر على الشاشة الصغيرة.

حلّ ضيفاً على «الجزيرة مباشر» في حوار مع أحمد طه، متحدثاً عن رحلته في تغطية العدوان والجريمة التي ارتُكبت بحق عائلته التي استشهدت، وكذلك المشاهد التي أثّرت فيه من بينها استشهاد جنين في بطن والدته.

لم يكتف بتلك المقابلة، بل نشر فيديو من كواليس إطلالة المحلل العسكري الأردني لـ«الجزيرة» فايز الدويري، في دلالة على أنّ عزايزة صار من «أهل البيت»، بينما سخر بعضهم من تحويل قصة معتز إلى فيلم على نتفليكس!

في هذا الإطار، يتردّد في الأوساط الإعلامية أن «الجزيرة» انصاعت للضغوط الأميركية والإسرائيلية بتفريغ غزة من الناشطين والإعلاميين والمصورين.

وستُعلن مجموعة من المصورين والمؤثرين تباعاً ترك غزة والانتقال إلى الدوحة التي ستتحول إلى تجمّع للناشطين الفلسطينيين.

بالتالي، تنجح إسرائيل في فرض تعتيم على ما يحدث هناك، وخصوصاً مع منعها الصحافيين الأجانب من دخول القطاع.

على أن تبدأ لاحقاً مرحلة ما بعد العدوان في الخطة التحريرية الجديدة لـ «الجزيرة»، وتتمثل في العمل على محو صورة الجرائم الصهيونية من ذاكرة المشاهدين، ومواصلة لعبة استضافة المحللين الإسرائيليين من جهة، والأطراف السياسية الفلسطينية من جهة أخرى.

ومع أنّ معتز عزايزة ووائل الدحدوح كانا جزءاً أساسياً في نقل محرقة غزّة، إلا أنّه لا يزال هناك شهود كثيرون (راجع الكادر) مصرّون على نقل المذابح الجارية ولن يسمحوا بإطفاء الكاميرات!

 بعد خروج وائل الدحدوح ومعتز عزايزة من غزة، بدأت الأنظار تتحوّل نحو مصورين وناشطين على صفحات السوشال ميديا يمتلكون ملايين المتابعين حول العالم.

وبدأت الحملات لمتابعة مصوّرين فلسطينيين ينقلون صور الوقائع في غزة، ومصرّين على البقاء فيها رغم المصاعب التي يتعرضون لها.

من بين هؤلاء بيسان عودة (الصورة) التي تعتبر من أهم صنّاع المحتوى الفلسطيني، لا تزال على أرض غزة تنقل مجريات الميدان.

كذلك، هناك صالح الجعفراوي الذي يستفزّ الصهاينة دوماً بعبارات تدل على شجاعته من بينها «لا أخشى الموت وسأظل شوكة في ظهرهم».

أما الصحافية هند الخضري، فلفتت الأنظار بالصور التي تنشرها.

ويبقى مراسل قناة «الجزيرة» أنس الشريف الذي أثبت مراراً بعد فقدان عائلته، أن مهامه الإعلامية مستمرة في غزة رغم الجراح الصعبة.

زينة حداد – الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى