كتبت صحيفة “النهار”: لا يحتمل استهداف “اليونيفيل” في الجنوب، على غرار ما حصل على دفعتين في الساعات الأخيرة، الاستعانة بمهزلة الاختباء وراء “الأهالي”، خصوصا في ظروف حربية بكل معايير المواجهات الحربية التي يشهدها الجنوب وحيث السيطرة المطلقة لـ”حزب الله”.
ولذا السؤال المباشر الذي يتعين على “الحكومة”، ان وجدت لنفسها الجرأة أولا والدور المشروع الطبيعي ثانيا، ان توجهه علنا وضمنا الى الحزب الذي هو مكون أساسي فيها هو : هل قرر الحزب الاجهاز على اخر “شواهد” واثار ومعالم القرار الدولي 1701 المعلق والمجمد والمحال على “التقاعد” القسري منذ 8 تشرين الأول الماضي؟ وبمعنى أوضح يتكرر السؤال المعروف الجواب: هل الحزب الذي قرر على نحو احادي متفرد إطلاق “ميني حرب” تحت شعار مشاغلة إسرائيل تخفيفا لحربها على غزة، اتخذ القرار التالي الان بممارسة التضييق على “اليونيفيل” لاهداف لن يكون اقلها اطلاق رسائل مباشرة او غير مباشرة الى إسرائيل والمجتمع الدولي بجاهزية الحزب لانهاء كل مفاعيل القرار 1701 كوسيلة من وسائل المواجهات الميدانية الجارية ؟
الواقع ان ممارسة التضييق على “اليونيفيل” بايعاز واضح من “حزب الله”، وعلى غرار الاستهدافات السابقة التي طاولت القوة الدولية في بلدات وقرى حدودية ، حمل منسوبا عاليا من الريبة عززه الصمت المعهود للحكومة والوزارة المعنية أي وزارة الدفاع، عن هذا التطور الخطير الذي يأتي فيما يكرر المسؤولون الرسميون الشعارات الخشبية عن تمسك لبنان بتنفيذ والتزام القرار 1701 ويحملون إسرائيل حصرا تبعات انتهاك القرار وتقويضه.
وفيما سجل احتدام متواصل للمواجهات الميدانية بين إسرائيل و”حزب الله”، اعلنت “اليونيفيل” أن “جندي حفظ سلام أصيب الليلة الماضية، بعد أن تعرضت دورية تابعة لها لهجوم من قبل مجموعة من الشباب في بلدة الطيبة في جنوب لبنان، كما تضررت آلية في الحادث”. واعتبرت أن “الاعتداءات على الرجال والنساء الذين يخدمون قضية السلام ليست فقط مدانة، ولكنها تشكل أيضاً انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 والقانون اللبناني. إن حرية حركة قوات حفظ السلام أمر حيوي خلال عملنا على استعادة الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق”.
ودعت “السلطات اللبنانية إلى تحقيق كامل وسريع وتقديم جميع الجناة إلى العدالة”. وختمت “ما زال حفظة السلام التابعين لليونيفيل يتابعون مهامهم، وسنواصل عملنا الأساسي في المراقبة ووقف التصعيد”.
وتجدد استهداف القوة الدولية مع اعتراض مجموعة من الشبان من بلدة كفركلا طريق دورية تابعة لـ”اليونيفيل” من الكتيبة الفرنسية أثناء مرورها في البلدة وأجبرتها على التراجع بعد ضرب آليتها بعصا حديد. وحل الموضوع بعد التواصل مع المعنيين من دون وقوع إصابات في الحادث. وأعلنت نائبة مدير مكتب “اليونيفيل”الاعلامي كانديس ارديل انه “حوالي الساعة التاسعة صباحاً، تم اعتراض طريق جنود حفظ سلام لمدة أربع دقائق تقريباً خلال مرورهم في كفركلا، وذلك بينما كانوا في طريقهم إلى مقرّنا في القطاع الشرقي”. وأضافت ” إننا نواصل تأكيد أهمية حرية حركة اليونيفيل بينما نعمل على استعادة الأمن والاستقرار في جنوب لبنان”.
اما في التطورات الميدانية فعاود الطيران الحربي الاسرائيلي غاراته على بلدات وقرى حدودية شملت أطراف بلدة عيتا الشعب والصالحاني بين راميا ومروحين في القطاع الغربي ودبل وحانين. واغارت مسيرة على منطقة الوعر الواقعة ما بين بلدتي راميا وبيت ليف.وطاول القصف المدفعي أطراف بلدات: ياطر ، شيحين الجبين ومجدلزون وحولا من جهة مركبا وسهل مرجعيون وخراج بلدة راشيا الفخار. وعصرا جدد الطيران الاسرائيلي غاراته على بلدة عيتا الشعب. واعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي ان سلاح الجو شن هجوماً استباقياً جنوب لبنان واستهدف بنية تحتية ل”حزب الله”. وتعرض الوادي الواقع بين بلدتي حومين التحتا وصربا ومزرعة الخريبة مساء لسلسلة غارات جوية نفذتها مقاتلات حربية ومسيرات ألقت عددا من الصواريخ الثقيلة التي احدث انفجارها دويا هائلا تردد صداه في مناطق اقليم التفاح والنبطية والزهراني وادى الى تحطم زجاج عشرات المنازل في الحي الفوقاني في بلدة حومين التحتا والمقابل لمكان الغارات.وافيد عن تعرض الحي السكني الجنوبي في بلدة مارون الراس لقصف مدفعي متقطع.
وافادت القناة 12 الإسرائيلية عن إطلاق نحو 20 صاروخا من لبنان باتجاه كريات شمونة.
في المقابل، اعلن “حزب الله” استهدافه لمجموعة مواقع وتجمعات عسكرية إسرائيلية منها موقع السماقة في مزارع شبعا وتجمع للجنود في ثكنة هونين وثكنة راميم العسكرية وانتشار للجنود في محيط ثكنة ميتات والية عسكرية داخل ثكنة راموت نفتالي . واصدر الحزب بيانا موجها إلى “أبناء القرى الامامية التي تجري في محيطها اعمال للمقاومة” دعاهم فيه الى فصل الكاميرات الخاصة امام منازلهم ومتاجرهم ومؤسساتهم عن شبكة الإنترنت والمساهمة في إعماء العدو اكثر عن بعض ما تقوم به المقاومة ومجاهديها من أنشطة او تحركات في المنطقة”.
ميقاتي وكاميرون وكولونا
وفي سياق ديبلوماسي متصل بالوضع في جنوب لبنان اعلن مكتب الإعلام لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ان ميقاتي استقبل في دارته في لندن وزير خارجية بريطانيا ديفيد كاميرون وجرى عرض للعلاقات بين البلدين والوضع في جنوب لبنان وغزة.
وجدد رئيس الحكومة “المطالبة بوقف العدوان الاسرائيلي على غزة وجنوب لبنان”، معتبرا “أن استمرار الاستفزازات الاسرائيلية في جنوب لبنان قد يؤدي الى تدهور الاوضاع واندلاع حرب شاملة في المنطقة ككل”. ودعا “الى ممارسة اقصى الضغوط لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان”. وكرر التأكيد “ان المدخل الى وقف الحرب في غزة يبدأ بوقف اطلاق النار ومن ثم الانتقال الى التفاوض الى حل على اساس الدولتين واعطاء الفلسطيننين حقوقهم”. وأكد” ان من شأن استمرار المساعدات البريطانية للجيش أن تدعم جهود المؤسسة العسكرية وعملها في هذا الظرف الصعب”.بدوره اعتبر كاميرون “إن تصعيد الصراع من غزة إلى لبنان أو البحر الأحمر أو عبر المنطقة ككل، من شأنه أن يرفع مستوى المخاطر وانعدام الأمن في العالم”.
وقال: “أنا ممتن لرئيس الوزراء اللبناني لمناقشة هذه القضايا الحاسمة معي اليوم ولجهود لبنان لمنع مثل هذا التصعيد”. كما جرى اتصال بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عبّر خلاله ميقاتي عن “قلقه لتصاعد العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان واستهداف المدنيين على نطاق واسع”.واعتبر ان “من شأن هذا التمادي في الاعتداءات ان يدخل لبنان في مواجهة شاملة قد تطال كل دول المنطقة”.وطلب “الضغط على اسرائيل لوقف انتهاكاتها المتمادية”.