كتبت “الأنباء” تقول: هزّ “طوفان الأقصى” الذي شنّته حركة “حماس” فجر السبت، فكرة الدولة العميقة لإسرائيل التي قامت على اعتماد البطش والعدوانية وادّعاء التفوق العسكري، فكسرت “حماس” بعمليتها النوعية كل قواعد الاشتباك، وضربت عمق الأراضي المحتلة، واقتحمت المستوطنات براً وبحراً وجواً واوقعت المئات بين قتلى وأسرى وجرحى.
لم تواجه إسرائيل خسائر كهذه منذ عقود، وبالتحديد منذ 50 عاماً في حرب أوكتوبر عام 1973، وبالتالي فإن الأنظار ستتّجه في الأيام المقبلة إلى شكل الرد الإسرائيلي ومجريات المعارك التي لم تنتهِ بعد، في ظل توقعات بأن تكون الحرب طويلة.
الرئيس وليد جنبلاط جدّد التحية للشعب الفلسطيني المُقاوم، وشدّد على أن “حركة التاريخ مهما طالت، فهي مع حرية الشعوب وسيأتي اليوم التي ستعود فلسطين ومقدساتها الى أصحابها العرب”، مُعتبراً أن “إدانة فرنسا وبريطانيا وأوروبا لعملية “حماس”، نقطة عار جديدة في سجلهم الأسود، ففلسطين والقدس ستبقيان للعرب والمسلمين”، ثم وجّه جنبلاط نداء الى المجندين قهراً من العرب الدروز في جيش الاحتلال داعياً إياهم إلى رفض الاشتراك في الحرب ضد “حماس”.
وعلى الجانب اللبناني من الحدود، أطلق “حزب الله” صواريخ نحو مواقع الاحتلال في مزارع شبعا، كانت بمثابة رسائل سياسية وعسكرية، مفادها أن الحزب على جهوزيته، وأن مشروع توحيد الساحات غير مستبعد اذا ما اضُطر الأمر، خصوصاً وأن رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين قال للفلسطينيين “سلاحنا معكم.. ونحن لسنا على الحياد”، ممّا دفع بقيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى الحشد عند الحدود مع لبنان وتفريغ المستوطنات الشمالية من ساكنيها.
أستاذ العلاقات الدولية خالد العزّي أشار في معرض تعليقه على الحدث الفلسطيني إلى أن “القضية الفلسطينية لا تزال أولوية، وذلك بسبب رفض إسرائيل تنفيذ القرارات الدولية، وهذا الرفض يدفع إلى التوتر، ثم إن المشكلات الداخلية التي تعاني منها إسرائيل على صعيد الخلافات السياسية والاخفاقات الأمنية تزيد من سوء حال تل أبيب”، لافتاً إلى أن ما حصل هو “عملية عظيمة بالشكل تُمثّل أسلوباً من أساليب المقاومة الفلسطينية”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، تطرّق العزّي إلى مضمون هذه العملية، ورأى أنها “استثنائية وغير مسبوقة، فتحت باب الصراع بين على مصراعيه، وقد تفتح الباب على صراع إقليمي، لأن علاقات “حماس” ليست مخفية، وهي بنفسها جاهرت بها في وقت سابق”.
ولفت العزي إلى أن “الاتحاد الأوروبي أعلن دعمه لإسرائيل، وكذلك الولايات المتحدة التي أجازت بالدعم والسلاح وحق اسرائيل بالدفاع، مقابل غياب عربي وتركي عن دعم “حماس”، ما يعني أن إسرائيل نالت دعماً دولياً معنوياً ومادياً مع إرسال واشنطن السلاح لتل أبيب” في مقابل غياب اي دعم عن الفلسطينيين. وبناء لذلك اعرب العزي عن اعتقاده أنه “من المرتقب أن يغطّي المجتمع الدولي، وبشكل خاص الولايات المتحدة كل ما سترتكبه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وحركة “حماس” والبنية التحتية”.
وإزاء الاخفاق المخابراتي الإسرائيلي الذي حصل، اعتبر العزّي أن شكل الرد الإسرائيلي في الأيام المقبلة “سيكون بضخامة هذه العملية خصوصاً وأن إسرائيل تُريد رد الاعتبار بعد الإهانة”، واستعرض أشكال الرد المحتمل، الذي قد يكون “ضربات جوية، عملية برية ضد غزّة، استهداف قياديي “حماس”، إطلاق مسيّرات، أو حتى الرد في سوريا أو بالداخل الإيراني”.
وعن تدخل “حزب الله” بالحرب، ذكّر العزي بزيارة الموفد الأميركي للطاقة آموس هوكشتاين قبل أسابيع، وأشار إلى أن “ثمّة اتفاقا أميركياً إيرانياً على ضمان أمن الجبهة الجنوبية اللبنانية، ولهذا السبب فإن هذه الجبهة لم تتحرك إلّا بعدد قليل من القذائف، وهذا يعني أن لا وحدة للجبهات، ولا مشاركة لحزب الله بالحرب”.
إذاً، فإن المنطقة أمام منعطف مصيري بعد العملية النوعية التي نفذتها “حماس”، وستكون للحرب أبعاد إقليمية عدّة، لكن كل الحسابات الخارجية لا تُلغي أحقية القضية الفلسطينية ووجوب النضال من خلال الكفاح المسلّح لتحقيق الهدف الأهم وهو قيام دولة فلسطين المستقلة.