كتبت “الأنباء” تقول: في ظل التطورات المتسارعة إقليمياً وفي أكثر من اتجاه، انعقدت قمّة جدّة بحضور مختلف الدول العربية، وحملت معها من المفاجآت ما حملت، لكن كما كان متوقعاً غاب لبنان بشكل شبه تام عن القمّة التي لم تتطرّق في مباحثاتها وبيانها الختامي إلى الملف اللبناني سوى من باب الدعوة إلى انتخاب رئيسٍ للجمهورية، ما يُشير إلى أن الموقف العربي من لبنان لم يتغيّر، وما من جديد مُنتظر.
وقد استطاعت السعودية تحويل هذه القمّة إلى مناسبة لتسليط الضوء على الدور الذي تلعبه، خصوصاً مع زيارة الرئيس الأوكراني فولودومير زيليسنكي بشكل مفاجئ والمشاركة في قمّة جدّة، حيث ألقى كلمة تطرّق فيها إلى الحرب الدائرة في بلاده مع روسيا. فيمت من جهته، أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة إلى الجامعة العربية، أكّد فيها على الدور العربي والعلاقة بين روسيا والدول العربية، وعلى إيجابية موسكو في حل صراعات المنطقة، لاسيما في سوريا، ليبيا والسودان.
وإذ لا ينفصل المسعى السعودي الأخير عن المساعي السابقة التي خاضها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ بدء الحرب الروسية – الأوكرانية في التوسّط من أجل الإفراج عن أسرى حرب، مروراً بالتخفيف من تبعات الاشتباك الدولي على أسواق النفط، وصولاً إلى محاولته التوسّط بين الطرفين للوصول إلى التسوية وانهاء الحرب، انطلاقاً من موقع وسطي وغير محسوب على أحد، فإن الناشط السياسي أمين البشير أشار إلى أن القمّة أتت كجزء من ثمار التوافقات الإقليمية الحاصلة في المنطقة، وعي عكست محاولات السعودية لعب أدوار إقليمية ودولية تتخطّى حدود العالم العربي، ومحاولاتها تصفير مشاكل المنطقة وتحقيق الانجازات الدولية مع محاولتها التوسّط بين أوكرانيا وروسيا.
إلا أن لبنان يبقى الذي بقي بمنأى عن أي قرار فعلي في القمة ،، تمنّى له القادة العرب انتخاب رئيسٍ للجمهورية، ولم يتطرّقوا إلى المأزق السياسي الحاصل في البلاد أو الأزمة الاقتصادية التي تزداد سوءاً، والتي تطرّق إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في كلمته، طالباً من المجتمع العربي مساعدة لبنان لتخطي محنته.
البشير تطرّق في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى هذا الموضوع، ولفت إلى أن “غياب لبنان عن كلمات القادة العرب ومباحثاتهم وبيان القمّة العربية الختامي محزن ومخزٍ”، لكن سببه أن “ما حدا من الزعماء العرب قابضنا جد”، وهم يقولون “إذا انتم لا تريدون مساعدة أنفسكم لماذا نساعدكم؟ فليستثمر مسؤولوكم في بلادكم قبل أن نستثمر نحن كعرب”، خصوصاً وأن ميقاتي الذي ألقى كلمة لبنان الرسمية أحد أبرز الأغنياء في المنطقة وليس لبنان”.
كما نقل البشير معلومات عبر “الأنباء” تُفيد باحتمال تشكيل لجنة عربية بعد انتهاء القمّة لزيارة لبنان ومراقبة الوضع عن قرب وتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية بهدف انهاء الشغور الرئاسي، وثمّة محاولات عربية وإيرانية للتأثير على حلفاء كل طرف في لبنان من أجل خفض السقوف.
إلى ذلك، عمّت التظاهرات العديد من المدن السورية رفضاً لمشاركة الأسد في القمّة العربية، على اعتبار أنّه لا يُمثّل الشعب السوري الذي قتله وهجّره النظام السوري، وفي هذا السياق، لفت البشير إلى أن “المشاركة حصلت في ظل استياء شعبي، لكن المجتمع العربي بات يتعامل مع الأسد كأمر واقع، بهدف التخفيف من عذابات السوريين وإيجاد الحل لأزماتهم، ولا ينفصل التعاطي مع سوريا عن المقاربات السعودية الجديدة في المنطقة”.
في المحصّلة، فإن الرسالة العربية تجاه لبنان لم تتبدّل، ولسان حالها ساعدوا نفسكم حتى نساعدكم، واستجداء العرب للمساعدة لن ينفع، فالمطلوب إجراءات سياسية واقتصادية انقاذية جدّية، عسى أن تفلح المبادرة العربية المرتقبة في فتح كوّة بجدار الأزمة.