كتبت “الديار” تقول: انعقدت القمة العربية الـ32 في جدة في المملكة العربية السعودية والتي ادار القمة ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الامير محمد بن سلمان بشكل منظم وناجح.
وكانت مشاركة الرئيس السوري بشار الاسد الحدث الابرز في القمة لناحية عودة سوريا الى الجامعة العربية حيث ان الجميع رحبوا بدور سوريا العربي البارز وقد اكد على هذا الامر خطاب الاسد الذي قال ان سوريا ماضيها وحاضرها ومستقبلها عربي «لكنها عروبة انتماء، لا عروبة احضان».
وبهذه الكلمات اراد الرئيس السوري ان يقول ان عودة سوريا الى احضان العرب كلام مرفوض من سوريا مشيرا الى ان هناك فرقا كبيرا بين الاحضان التي هي مؤقتة وبين الانتماء العربي الذي تمثله سوريا والذي هو دائم. وفي خطابه، اعطى الاسد الاشارات لمن يريد ان يفهم ان مواقف سوريا لم تتغير. وهنا لا بد من التذكير ان سوريا كانت من بين الدول السبع التي اسست الجامعة العربية.
والحدث الملفت ايضا هو اشراك الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي في القمة العربية في السعودية فقد شكل مفاجاة كبيرة على المستوى الديبلوماسي والدولي والعربي. وعرض زيلينسكي مشكلة اوكرانيا على القمة العربية وتوجه بالشكر الى المملكة العربية السعودية على موقفها من خلال الوساطة بين اوكرانيا وروسيا بشان الاسرى الاوكرانيين. اما خطاب المندوب السوداني فكان له وقع مختلف حيث هدد بابادة قوات الدعم السريع المتمردة على قوات الرئيس السوداني الشرعي وهو عبد الفتاح البرهان.
من جهته ركز رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في كلمته في القمة العربية على الشغور الرئاسي والازمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وتداعيات ازمة النازحين السوريين على لبنان في حين كانت خطابات زعماء العرب الاخرين عادية وقد شددت على الثوابت العربية.
وفي السياق ذاته، ومن خلال ما تسرب عن مؤتمر جدة فان السعودية لن تقدم اي مساعدات او تدعم اي دولة عربية الا بعد ان ترى ان خط هذه الدولة العربية يتلاءم مع الاجماع العربي وضد الفساد وضد الانشقاقات العربية وفقا لديبلوماسي سعودي رفيع المستوى.
وتابع الاخير ان السعودية لن تقوم باعطاء «شيكات على بياض» كما كانت تفعل سابقا بل ستكون المساعدات المالية من قبل المملكة العربية السعودية مشروطة والرياض ستراقب وستتأكد ان الشروط التي وضعت تم تنفيذها.
ويبقى اخيرا ان نقول ان مؤتمر القمة العربية كان ناجحا حيث تمكن ولي العهد السعودي من اعادة الوهج للقمم العربية كما استطاع ان يعزز موقع العرب ودورهم الاقليمي في المنطقة توازيا مع الدور الايراني والتركي.
واختتمت القمة العربية باعلان جدة الذي شدد على تكثيف الجهود للتوصل الى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية والى انتخاب رئيس للبنان وتشكيل حكومة لبنانية في اسرع وقت. كما تضمن اعلان جدة احترام قيم وثقافات الآخرين، واحترام سيادة واستقلال الدول وسلامة أراضيها، كما رفض دعم تشكيل الجماعات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.
ورحّب الإعلان باستئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة، وشدد على تكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على تجاوز أزمتها.
اللقاءات التي حصلت على هامش القمة العربية
في تفاصيل القمة، علمت الديار ان الاجتماعات الثنائية التي عقدت على هامش القمة العربية توازي الخطابات التي ألقيت في القمة والاجتماع الابرز الذي اثار الاهتمام هو الذي حصل بين ولي العهد السعودي والرئيس الاسد.
وفي ما يعني لبنان، سبق القمة تأكيدات بان اجتماع الاسد-بن سلمان سيتطرق الى الملف اللبناني وقضية النازحين السوريين.
وفي ما يعني لبنان من القمة العربية، رأت مصادر ديبلوماسية انه من الطبيعي ان يساهم لقاء الرئيس السوري وولي العهد السعودي الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين فضلا انها ستنعكس حكما على الدولة اللبنانية في ظل التشابك في العلاقات السورية-اللبنانية.
وتابعت ان القمة العربية ستعيد احياء العلاقات بين سوريا ولبنان كما ان الرئيس ميقاتي ابلغ الوزراء بانه سيزور دمشق وسيتم تحديد الموعد في جلسة الحكومة في 26 ايار والتي سيسبقها لقاء تشاوري قبل يومين في حضور وزراء التيار الوطني الحر .
والجدير بالذكر ان وزارء تكتل لبنان القوي قرروا حضور لقاءات تشاورية للوزراء وليس جلسات لحكومة تصريف الاعمال.
وفي المعلومات ان مسؤولين سوريين عندما علموا بان الرئيس ميقاتي ينوي زيارة دمشق كان جوابهم «اهلا وسهلا» بكل من يريد زيارة سوريا.
ماذا يتوقع اللبنانيون من القمة العربية؟
وعلى المستوى اللبناني، قالت اوساط سياسية للديار ان اكثر ما ينتظره اللبنانيون من هذه القمة هو معالجة عودة النازحين السوريين الى اراضيهم لان هذا الملف مسؤولية عربية وليس لبنانية خاصة ان لبنان بوضعه الدقيق والتدهور المالي لم يعد يحتمل استمرار وجود النازحين على ارضه.
هل يبقى لبنان حالة استثنائية بعيدة عن اجواء التهدئة السعودية-الايرانية؟
قالت مصادر وزارية للديار انه لا يمكن توقع ان تذهب الامور الى ترجمات عملية سريعة رغم التقارب السعودي-الايراني انما المنطقة تتجه الى تصفير الخلافات وتبريد المزيد لساحات الاشتباكات.
لقاءات القوات اللبنانية والوطني الحر مبالغ فيها
والى ذلك، حصلت الديار على معلومات مؤكدة بأن ما سرب عن لقاءات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر امر مبالغ فيه جدا وما جرى اقتصر على عمليات جس نبض من قبل الفريقين لكن هذه اللقاءات لم تؤد الى اي تفاهم حول الاسماء لرئاسة الجمهورية حتى ان المرشح جهاد ازعور قال للمقربين منه بانه لن يتم التواصل معه من القوات والوطني الحر بشكل مباشر ورسمي حول ترشيحه علما ان ازعور لا يفضل ان يكون مرشحا لفريق ضد فريق.
ونتيجة الفشل في توحيد المعارضة لقواها وعدم الاتفاق على مرشح معين اضافة الى التباين مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي صرح انه لن يكون طرفا مع التيار الوطني الحر او القوات اللبنانية وفي ظل عدم تمكن الثنائي الشيعي من تأمين 65 صوتا لفرنجية فان التوجه بات نحو الخارج وكل القوى الداخلية تنتظر ما سيصدر عن القمة العربية.
فهل سيكون الملف اللبناني اولوية في القمة؟ وهل سيكون هناك توجه مغاير للسعودية بعد القمة العربية في لبنان رئاسيا؟ وعليه، هناك معلومات تشير الى انه من المحتمل ان يتدخل الرئيس المصري والرئيس السوري وولي العهد السعودي في الملف الرئاسي اللبناني بشكل اوسع واعمق من النهج الحالي اذا بقيت القوى الداخلية غير قادرة على اتمام الاستحقاق الرئاسي.
تعامل القضاء اللبناني مع مذكرة الانتربول بحق حاكم مصرف لبنان
على صعيد آخر، وبعد اصدار الانتربول الدولي مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال مصدر قانوني لـ «لديار» ان القانون العام في لبنان يمنع تسليم رعاياه الى دولة اجنبية لمحاكمتهم وبالتالي يتم تسليم مذكرة الانتربول الصادرة بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى النيابة العامة التمييزية حيث يجري التحقيق على ضوء هذا الملف.
وهنا النيابة العامة تستجوب حاكم مصرف لبنان بشان التهم المنسوبة اليه وتقوم بالتحقق من صحة هذه التهم او عدم ثبوتيتها. وتابع المصدر القانوني انه في حال ثبتت التهمة على حاكم مصرف لبنان عندها تدعي النيابة العامة عليه وتوقفه وتحيله الى محكمة الجنايات في لبنان.
ويذكر ان حاكم البنك المركزي رياض سلامة علق على مذكرة الانتربول في تصريحات خاصة لمراسلة سي ان بي سي عربية في بيروت بأن هذا الإشارة جاءت بناءً على طلب القاضية الفرنسية، والتي استندت لتغيبه عن جلسة الاستجواب التي حددتها في 16 ايار 2023.
وأضاف سلامة في تصريحه لـلمحطة بأنه لم يحضر جلسة الاستجواب لعدم إخطاره تبعاً لأصول القواعد والقوانين المرعية الإجراء، وأنه سيتقدم باستئناف لإلغاء هذه الإشارة.
القوات اللبنانية: باسيل تراجع بحواره مع المعارضة لعدم قطع الخيوط الاخيرة مع حزب الله
بدورها، لفتت مصادر القوات اللبنانية للديار ان امرين اساسيين حصلا في الاونة الاخيرة. الامر الاول، هو الموقف السعودي الذي كان يراهن عليه الرئيس نبيه بري بان الرياض ستؤيد الجهود الفرنسية لانهاء الشغور الرئاسي وهذا ما لم يحصل.
الامر الثاني، هو التقاطع غير المتوقع والمباشر بين معظم مكونات المعارضة وبين التيار الوطني الحر وتقدمت هذه الامور الى حد ازيلت فيها الفيتوات وتم الاتفاق على بعض اسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية ولكن الامور توقفت لان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا يريد ان يذهب ابعد من ذلك علما ان الاخير هو من كان يدعو المعارضة الى التلاقي معه ويقول انه يريد الحوار ويؤيد اللقاءات المسيحية ويصور نفسه امام اللبنانيين انه منقذ الرئاسة ولديه الحلول.
واضافت المصادر القواتية ان المعارضة عندما اظهرت ليونة على تقاطع على اسماء توافقية مع الوطني الحر تراجع النائب جبران باسيل في الحوار مع المعارضة حيث من المرجح ان باسيل لم يعتقد ان المعارضة يمكن ان تتوافق معه.
وهنا استحق باسيل المسألة حيث من الواضح ان حزب الله ارسل له رسالة واضحة المعالم ان هذا التقاطع بين تياره وبين المعارضة اذا تم ترجمته عمليا اي الوصول الى مرشح واحد عندها ستنقطع اخر الخيوط بين باسيل وحزب الله. وعليه، جمد النائب باسيل تواصله مع المعارضة، وهنا قالت المصادر القواتية انها لا يمكن ان تقول ان الامور عادت الى الوراء كما ليس باستطاعتها القول ان الامور تقدمت الى الامام.
وعليه، لا يزال المشهد الرئاسي جامدا ولا تغيير نوعي انما المعطى الجديد والوحيد الذي دخل على المشهد هو التواصل بين المعارضة والتيار الوطني الحر ولكن لا يمكن قياس الامور قبل الوصول الى خواتيمها.
اما عن قول رئيس القوات اللبنانية ان الرئيس السوري لن يحضر القمة وما حصل هو العكس، اوضحت المصادر القواتية ان الدكتور جعجع تكلم عن معطى متحول حيث كانت المعطيات العربية انذاك تقول ان التمثيل السوري سيقتصر على حضور وزير الخارجية السوري كمراقب في القمة العربية.
واشارت المصادر الى ان هذه المعطيات تغيرت مضيفة ان من كان يتوقع ان الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي سيحضر القمة العربية، ولذلك اعتبرت المصادر القواتية ان الانتقاد الموجه لدكتور جعجع في غير محله اما موقف حزب القوات اللبنانية لم يتبدل من النظام السوري وهو موقف لبناني ولا علاقة له بمشاركة الاسد في الجامعة العربية.