صارت السرقة على غاربها في منطقة النبطية بغية شراء المخدّرات، وقد تزايدت نسبة المدمنين ومعظمهم من الشباب. يسرقون لشرائها، وربما يقتلون، فكلّ السيناريوهات متوقّعة.
بتنا قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الاجتماعي، الأمر مرهون بالوقت فقط، فكل المؤشّرات تؤكّد دخولنا في عمق التفلّت الأمني. الناس يعيشون في “جمهورية الفوضى والسرقة”. في هذه الجمهورية كل شيء مباح، يكاد لا يمرّ يوم من دون سرقة هنا أو هناك، دعارة… ويربط بعضهم السبب بالمخدّرات وبعضهم بالمراهنات الإلكترونية، لا فرق، فكلّه إدمان. قبل فترة، سرق شابان درّاجتين ناريتين، نُقلتا إلى صيدا حيث بيعتا بغية شراء المخدّرات، في حين سرق أحدهم مصاغ والدته وعمد آخر إلى سرقة عدد من مضخّات المياه في حيّه ليشتري بثمنها مخدّرات.
تزايدت السرقات تزايداً كبيراً، والكل يخشى سرقة مضخات المياه والقساطل والأسلاك، فـ”الحرامية” لا يعفّون عن شيء تطاله أيديهم، وبحسب المصادر الأمنية، فالأيدي التي اعتادت “شمّ سموم المخدّر، اعتادت السرقة”. الخوف راهناً وفق المصادر “من التدحرج نحو الأسوأ”، إذ على الرغم من ارتفاع نسبة السرقات فـ”الوضع الأمني ما زال تحت السيطرة، ما دام لم يتطور نحو الخطف والقتل”.
هل صرنا في زمن “حرامية المخدّرات”؟ لا تخفي المصادر “صعوبة المرحلة، خصوصاً مع سهولة الحصول على المخدّرات، فمعظم المروّجين من التابعية السورية، وبعضهم لبناني”.
توسّعت رقعة السرقات مع توسّع رقعة انتشار المخدّرات، ينشط المروّجون على الخط. تحوّلت المقاهي ملاذاً لهم، يصطادون الشباب واحداً تلو الآخر، يسيطرون على عقولهم، وبعدها تبدأ الكارثة.
تبكي “يسرا” بحرقة، ابنها سرق مضخّات مياه الجيران وباعها من أجل المخدّرات. اكتشفت أخيراً أنه مدمن، وهو لا يتجاوز 20 ربيعاً، تحاول أن تقنعه بالمعالجة من دون جدوى، وكأنه تعرّض لعملية غسل دماغ. تؤكد أنه اعتاد السرقة، لا يهمّه سوى الحصول على مخدّرات، من أين يأتي بها؟ ومن يسهّل ترويجها في المنطقة؟ وأين القِوَى الأمنية؟ أسئلة تطرحها بحرقة.
تكشف مصادر أمنية حجم انتشار المخدّرات في قرى النبطية، ما رفع نسبة السرقات، في تول وحاروف مثلاً معظم مضخّات المياه وأجهزة الإنترنت حتى الدرّاجات النارية تعرّضت للسرقة.
تحوّل أهالي حيّ البيّاض في حاروف نواطير بعد هجمة السارقين على منازلهم. الأمر خطير تقول مصادر أمنية، مشيرة إلى أنّ الفلتان الاجتماعي ينذر بكارثة خطيرة. وتلفت إلى أنّ سهولة الحصول على المخدّرات جعلتها تتوسّع بشكل كبير ومخيف، ما يعني أننا أمام انحلال اجتماعي خطير للغاية. وأكّدت المصادر أنّ “البطالة سهّلت الانجرار نحو الإدمان، ودفع الفلتان الأمني والاجتماعي لتوسيع رقعة مروجّي المخدّرات”. تقرّ المصادر بأنّ بعض النازحين السوريين يشكّل خطراً، إذ تنشط الدعارة على يده، فقبل أسبوع قبضت عناصر أمن الدولة على شبكة دعارة أبطالها سوريون وسوريات تعمل في منطقة النبطية، تنتهج أسلوباً ذكياً، “زواج المصلحة”، إذ يوقّع عقد قران شكلي لقاء مبلغ 200 دولار، وتبدأ بعدها نشاطات الدعارة، والمخدّرات وغيرها.
ولكن من يضع حدّاً لهذه الظواهر المخيفة؟ المصادر نفسها تقول “لا أحد”، مع تأكيدها “توسّع رقعة الخطر السوري في القرى”، وتصفهم القوى الأمنية بأنهم “قنبلة موقوتة”، والأخطر وفقها “أنه من الصعب خرقهم، فهم يشكلون حلقة مغلقة في ما بينهم، لا يمكن الإيقاع بهم، إلا إذا وقع خلاف في صفوفهم وفضحوا بعضهم بعضاً”. هذه الحلقة تشير إليها المصادر بأنها “مصدر قلق، فهي تشرّع الفلتان الاجتماعي، والأخطر أنّ مروّجي المخدّرات بمعظمهم صاروا من السوريين”.