كتبت صحيفة “الديار”: اتجهت الانظار الى الدوحة بالامس، دون رهانات كبيرة بحصول تقدم جوهري على صعيد ايجاد حل للازمة اللبنانية، وبانتظار زيارة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، لاستكشاف حجم التقدم الذي حققته فرنسا على طاولة “الخماسية”.
لا شيء يوحي من البيان الرسمي، وكذلك التسريبات القليلة الآتية من قطر، بان ثمة جديدا يمكن الرهان عليه لدفع الامورسريعا نحو ايجابية تفضي الى انتخاب رئيس، والانتقال الى “سلة” الحكومة والاصلاحات قريبا. الجديد بالامس “ورقة عمل” قطرية، وبيان صدر بعد نحو 6 ساعات على انتهاء الاجتماع، “لوّح” بعقوبات على كل من يعرقل الانتخابات الرئاسية.
الثابت حتى الآن، ان باريس لن تيأس من الاستمرار في مبادرتها على الرغم من انعدام وجود طروحات واضحة سعوديا- واميركيا، والاكتفاء بدعم لفظي لمبادرتها، فيما تزاحمها قطر في طرح “الخيار الثالث” كمخرج من حالة الانسداد القائمة.
وبانتظارعودة لودريان لمعرفة ما في جَعبته، ومعنى الدعم الايجابي على ارض الواقع، قدمت وكالة “موديز” الاقتصادية صورة قاتمة عن الوضع الاقتصادي اللبناني، وقد عقد نواب حكام مصرف لبنان الاربعة اجتماعا بالامس، وضعوا خلاله تصورات اولية حول كيفية ادارة الملف النقدي في البلاد في مرحلة ما بعد خروج رياض سلامة من موقعه نهاية الشهر الجاري، حيث سيتم استعراض هذه الخطة امام لجنتي الادارة والعدل، والمال والموازنة في مجلس النواب خلال اليومين المقبلين، فيما اعلن النائب الاول للحاكم وسيم منصوري انه سيتم الغاء منصة صيرفة “تدريجيا”.
جنوبا، وفيما تتواصل الجهود الديبلوماسية لمواكبة التمديد لقوات “اليونيفيل”، يحمل الرئيس الاسرائيلي ملف التوتر على الحدود الى البيت الابيض، حيث يتصدر اجندة اجتماعه مع الرئيس جو بايدن اليوم، وسط مخاوف من خروج الامور عن السيطرة، في ظل ازمة داخلية غير مسبوقة ، ومخاوف لدى كبار المحللين الاسرائيليين من خسارة محتملة في “الكباش” البري بعد نجاح حزب الله في تعديل “قواعد الردع” لمصلحته.
“الورقة القطرية”
لم يفض الاجتماع الخماسي في الدوحة حول لبنان الى “خارطة طريق” نهائية وواضحة تخرج البلاد من حالة الاستعصاء الراهنة، ويمكن القول ان المداولات انتهت بتوافق على ان “للبحث صلة”، بعدما تتم جوجلة اكثر عمقا للافكار الفرنسية المرتبطة باقتراح اجراء حوار بين القوى السياسة اللبنانية، وما حصلت عليه باريس هو التزام بمواكبة حركة مبعوثها الرئاسي جان ايف لودريان ايجابيا، دون تقديم جديد لجهة الدعم المطلوب لزحزحة ما يراه الفرنسيون “تعنتا” عند بعض القوى السياسية اللبنانية التي ترفض الحوار.
ولفتت المصادر الى ان قطر قدمت ورقة عمل بصفتها الدولة المضيفة للقاء، وتضمنت عقد حوار تحت مظلة مجلس النواب تحت رعاية دولية واقليمية، تكون مقدمة للاتفاق على هوية الرئيس ورئيس الحكومة والاصلاحات، حيث طرحت الورقة القطرية ضرورة حصول تغيير جذري في 30 موقعا في الادارات العامة الحساسة. وكان لافتا مراعاة القطريين للحساسية السعودية، حيث تم التأكيد على تثبيت اتفاق الطائف وتطبيقه لا تعديله. اما المندوب الاميركي فقد ابدى باسم بلاده الاهتمام بالحراك الفرنسي والقطري، وابدى الحرص على انخراط السعودية في مستقبل لبنان.
الدوحة و”المرشح الثالث”
وعلم في هذا السياق، ان الدوحة تضغط باتجاه ضرورة تبني نظرية “المرشح الثالث” عبر العودة مجددا الى التسويق لقائد الجيش العماد جوزاف عون، واعتبرت ان هذه الخطوة باتت ضرورية في ظل وصول الترشيحات الموضوعة على الطاولة الى افق مسدود. وفيما “لعب” المصري دور المراقب الايجابي دون تقديم اي طروحات محددة، لم تلمس باريس وجود حماسة اميركية للتقدم بخطوات جادة وملموسة، يمكن الرهان عليها لتحريك “المياه الراكدة”، فيما “البرودة” السعودية على حالها لجهة عدم التدخل سلبا او ايجابا في الملف اللبناني. لكن كان ثمة تساؤلات محددة حول طبيعة الحوار الذي تطرحه باريس لجهة مضمونه وشكله، وفهم في هذا السياق، ان الرياض تعارض فكرة البحث في تعديل النظام اللبناني، وشددت على ان يكون الحوار محصورا في ملف الرئاسة والاصلاحات، اي ممنوع “المس” باتفاق الطائف.
لا خطة جاهزة بعد
ووفقا للمعلومات، فان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، الذي سبق أن زار السعودية، قدم امام الاجتماع شرحا مفصلا عن حصيلة جولته اللبنانية، وتلقى جرعة دعم ومساندة “لفظية”، والاجواء كانت ايجابية ويمكن القول ان الامور بدأت تأخذ منحًى جديًاً في البحث عن حلول، لكن لم يحصل اي تبنٍ لخطة جاهزة بعد لوضعها على “الطاولة”، ولهذا اتفق الحاضرون على متابعة ودعم جولات لودريان بين لبنان ودول المنطقة. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي ان باريس لن تترك لبنان، وستواصل جهودها مع شركائها الدوليين المشاركين في الاجتماع وغيرهم للتوصل الى حل للازمة الرئاسية، والمطلوب تعاون القوى اللبنانية. وكان لافتا استقبال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطرية محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني لودريان، حيث تم استعراض علاقات التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى مستجدات المنطقة، لا سيما في لبنان.
البيان الرسمي
وعلى خلاف اجتماع شباط، صدر عن المجموعة الخماسية بيان اكد أنّ المجموعة الخماسية تتابع بقلق عدم انتخاب رئيس، وشدد المجتمعون على أنه من الأهمية بمكان أن يلتزم أعضاء البرلمان اللبناني بمسؤوليتهم الدستورية، وأن يشرعوا في انتخاب رئيس للبلاد، وشددوا على انه تمت مناقشة خيارات محددة في ما يتعلق باتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يعرقلون إحراز تقدم في هذا المجال. كما اوضح البيان أنه “بغية تلبية تطلعات الشعب اللبناني وتلبية احتياجاته الملحة، فلا بد أن ينتخب لبنان رئيساً للبلاد يجسد النزاهة ويوحد الأمة ويضع مصالح البلاد في المقام الأول، ويعطي الأولوية لرفاه مواطنيه ويشكل ائتلافاً واسعاً وشاملاً لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الأساسية، لا سيما تلك التي يوصي بها صندوق النقد الدولي”. وفي هذا الإطار، أكدت المجموعة الخماسية أنّها على استعداد للعمل مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإجراءات الإصلاحية التي لا مفر منها لتحقيق ازدهار البلاد واستقرارها وأمنها في المستقبل.
من جهة ثانية، شدد البيان على الحاجة الماسة إلى الإصلاح القضائي وتطبيق سيادة القانون، لا سيما في ما يتعلق بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت عام 2020، كما أكّد المجتمعون على أهمية تنفيذ الحكومة اللبنانية لقرارات مجلس الأمن الدولي والاتفاقيات والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك تلك الصادرة عن جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي تضمن الحفاظ على الوحدة الوطنية والعدالة المدنية في لبنان.
“الانتظار سيد الموقف”
وفي هذا الاطار، ترى مصادر سياسية بارزة ان الرهان على لودريان لتحقيق خرق في الملف الرئاسي مبالغ فيه، ومن دون دعم جدي من القوى المؤثرة، ستكون جولاته المكوكية دون نتائج تذكر، والضغط على المعرقلين للانتخابات الرئاسية ليس واضحا والتلويح بعقوبات ليس جديدا، واذا لم يحصل تحول جذري في المواقف الدولية والاقليمية، فلن يحصل اي تقدم يذكر. والآن يجب انتظار وصول لودريان الى بيروت لجوجلة حصيلة اتصالاته الخارجية. وفي هذا السياق، يجب التركيز على ثلاثة امور اساسية: مضمون الحوار وشكله ورعاته المباشرين، استجابة القوى المحلية لهذه الدعوة، وطبيعة الطرح الفرنسي الرئاسي، حيث من المرجح ان تقوم باريس بابلاغ المعنيين بموقفها، بعدما انتهت الامور على “زغل” في الزيارة السابقة، وفهم كل طرف الموقف كما يحلو له او يناسبه. وريثما تتبلور هذه الامور يبقى الانتظار سيد الموقف.
حزب الله بين هرتسوغ وبايدن
في هذا الوقت، ارتفع منسوب القلق في “اسرائيل” ازاء التطورات على الحدود مع الجنوب اللبناني، في ظل ازمة داخلية عميقة تسببت بخلل دراماتيكي في جهوزية الجيش للحرب، وسط مخاوف من نجاح حزب الله في فرض قوعد اشتباك جديدة برا. وفي هذا السياق، اشارت وسائل اعلام اسرائيلية الى ان الرئيس الاسرائيلي يتسحاق هرتسوغ سيبحث اليوم في البيت الأبيض مع الرئيس الاميركي جو بايدن ثلاث قضايا رئيسية، على رأسها الانقسامات الإسرائيلية الداخلية، التوتر مع حزب الله، والملف الإيراني. ولفتت الى ان التوتر مع لبنان مقلق ويعتبر اولوية اسرائيلية في هذه المرحلة، ويجب مناقشتها مع واشنطن التي تعمل على خط التهدئة.
اخفاق امني
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية امس، عن إخفاق جنود الاحتلال في الشمال، حين اكتشف الجيش الإسرائيلي متأخراً سرقة احدى الكاميرات عند الحدود مع لبنان، ولفتت الى انه على مدى ساعات طويلة، لم تعلم قوات الاحتلال في قيادة المنطقة الشمالية بشأن تخريب كاميرات المراقبة، قرب بوابة فاطمة بالقرب من المطلة، وبشأن سرقة إحدى الكاميرات الاخرى الأربعاء الماضي. وبحسب التقرير الإسرائيلي، لاحظوا في الجيش الضرر الذي لحق بالسياج، بعد أكثر من خمس ساعات من وقوعه، وبالتالي تأخر التحقيق في الحادث بشكل كبير. وقد اعترف قائد المنطقة الشمالية اللواء أوري غوردين، أن محاولة المس بالسياج وتدمير الكاميرات، والفترة الزمنية التي مرت حتى اكتشف الجيش الحادث الخطر، وكانت خطأ، وقد اجري مسح شامل للتاكد ان عناصر حزب الله لم تتسلل…
نصرالله لم يهدر صاروخا واحدا؟!
وفي هذا السياق، قالت صحيفة “يديعوت احرنوت” انه مثل درجات الحرارة التي تعلو قبيل ذروة الصيف، هكذا تبدو الأجواء في “إسرائيل”، تتصاعد عبر حدثين دراماتيكيين وخطرين: تهديد وحدة منظومة الاحتياط كاحتجاج ضد التشريع القضائي، وضغط متزايد يمارسه حزب الله على الحدود الشمالية. وانتقدت الصحيفة تبني رئيس الأركان وقائد سلاح الجو ما اسمته “لعبة الدجاجة”، ولم يعلنا ما سيكون مصير من لا يمتثل. وقالت إذا استمرت الرسالة في غموضها، سيتسع الصدع الداخلي الذي بات لا يطاق، وسنخسر دون أن يبذر السيد نصر الله صاروخاً واحداً من ترسانته الهائلة.
من جهتها قالت صحيفة “اسرائيل اليوم” ان امتناع “إسرائيل” عن حل مشكلة الغجر لسنين طويلة – إخلاء قسمها الشمالي الموجود في أراضي لبنان ودفع تعويضات للمواطنين الذين يسكنون فيها – هو أيضاً تعبير عن قصر نظر وضعف، وربما أيضاً عن غياب ثقة من حكومة “إسرائيل” بأننا سنبقى في القرية.
خريطة طريق “نقدية”؟
اقتصاديا، يبدو ان ملف استقالة نواب حكام مصرف لبنان الاربعة قد طويت راهنا، وقد خلص الاجتماع بينهم بالامس الى التفاهم على “خريطة طريق” نقدية لادارة السياسة النقدية “للمركزي” بعد خروج الحاكم رياض سلامة الى التقاعد نهاية الجاري. ووفقا لمصادر مطلعة، لم يجر التطرق بالامس الى ملف الاستقالة، واعتبرها نواب الحكام الاربعة انها ليست هدفا بحد ذاته، والبحث يجري راهنا على كيفية التعاون مع كافة المعنيين لمعالجة الاوضاع المالية والنقدية.
وفي هذا الاطار، سيحصل اجتماع في المجلس النيابي مع لجنة المال والموازنة، والادارة والعدل، للبحث في ما هو مطلوب من البرلمان من تشريعات لمواكبة الخطط الجديدة وخصوصا مسألة سعر الصرف، خصوصا ان نواب الحاكم سبق وعقدوا اجتماعات متتالية مع ممثلين عن صندوق النقد، وتم التفاهم على اعتماد منصة عالمية في مسألة تحديد سعر الصرف.
تحذيرات “موديز”
في هذا الوقت، قدمت وكالة “موديز” الدولية للتقييم الائتماني، تقريرا اكدت فيه انها لا ترتقب أي تحسّن في تصنيف لبنان في المدى القريب، باعتبار أن أي تقدم مشروط مسبقاً بتطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عديدة من جهّة، وحصول تقدّم ملحوظ في دينامية إدارة الدين العام من جهة مقابلة. وهو ما يوجب عملياً وجود حكومة فاعلة وجهود تشريعية موازية تطلق خطة إنقاذ متكاملة، تركز خصوصاً على محفزات استعادة النمو الاقتصادي وتحديد مستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة، والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة في الموازنة العامة وضمان استدامة الدين في المستقبل.
ولفتت الوكالة الى ان80 في المئة من المواطنين اصبحوا ما دون خط الفقر، منهم 36 في المئة ما دون خط الفقر المدقع. ولم يفت الوكالة الاشارة الى استنتاجات صندوق النقد التي أكدت أن الانكماش التراكمي للاقتصاد اللبناني تخطى نسبة 40 في المئة، قياساً بقيمة الناتج المحلي قبل انفجار الأزمات في خريف عام 2019، وتدهور العملة المحليّة بنسبة 98 في المئة مع نسب تضخّم تتجاوز مستويات 100 في المئة سنوياً. وقد زادت الأعباء على البلاد مع تدفُّق النازحين السوريين إليها الذين أصبحوا يشكلون نسبة 25 في المائة من إجمالي عدد السكان.
الموازنة الى الحكومة
في هذا الوقت، تسلمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء من وزارة المالية مشروع قانون موازنة العام 2023 ، وسيصار الى عقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل، وستنعقد الجلسة الأولى في الساعة الثالثة من بعد ظهر الاثنين الواقع في 24 من الشهر الحالي. وكان وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل رفع الى رئاسة مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2023، مقارنا مع قانون موازنة العام 2022 والفروقات الحاصلة، وذلك لدرسه وإقراره وإحالته الى المجلس النيابي وفق الأصول.
خلاف مولوي -عثمان؟
في هذا الوقت، انفجر الخلاف بين وزير الداخلية بسام المولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الذي أعاد ربط شعبة المعلومات برئاسة الأركان، بعد ان الغى مولوي البرقية الصادرة عن مدير عام قوى الأمن الداخلي بربطها بشخصه بصورة استثنائية ولضرورات الخدمة. ووفقا للمعلومات، وجّه مولوي كتابا الى عثمان يطلب منه التراجع عن مخالفته القانونية للتنظيم الداخلي لقوى الامن، وطلب منه الرجوع فورا عن قراره العشوائي، وطلب الرجوع فورا عن التدابير المتخذة واعادة وصل “المعلومات” بهيئة الاركان. وبسبب عدم تحرك عثمان، اصدر مولوي القرار الذي الغى فيه البرقية التي صدرت بتاريخ 27 حزيران بسبب مخالفته القانون، وباتت المعلومات اليوم في مكانها الطبيعي؟!