إجماع لبناني على رفض قرار البرلمان الأوروبي دعم بقاء النازحين
أثار قرار البرلمان الأوروبي بالتصويت بأغلبيّة ساحقة على قرار يدعم بقاء النازحين السوريين في لبنان استياء اللبنانيين، واستدرج إدانات وردود فعل سياسية عدّة، تمخّض عنها إجماع، نادراً ما يُسجّل في لبنان، حول رفض القرار، الذي اعتُبر بلا قيمة قانونية وخرقاً للقانون الدولي «لتدخله في شؤون سيادية تتعلّق بدول أخرى»، وفق ما أكد رئيس «تيار الكرامة» وعضو تكتل «التوافق الوطني»، النائب فيصل كرامي. وفي هذا السياق، رأى وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين، أنّ القرار يهدف «للضغط على لبنان لعدم الذهاب بوفد وزاري رسمي إلى سوريا بهدف البدء بوضع بروتوكول وتنفيذ آلية للإعادة الآمنة للنازحين إلى ديارهم».
هذا التصويت استحضر اتفاقاً خطياً رسمياً أشار إليه النائب جميل السيد «وقّع سنة 2003 باسم الحكومة اللبنانية مع مفوّضية الأمم المتحدة للاجئين، ينصّ على أنّ لبنان ليس بلد لجوء، وأنّ من حق الدولة اللبنانية ترحيل أيّ طالب لجوء أو نازح إلى بلده إذا لم تستطع المفوّضية توطينه في بلد ثالث خلال فترة سنة من نزوحه إلى لبنان»، وفي هذا الإطار، لفت وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، إلى أنّ مفوّضية الأمم المتحدة وقّعت على هذا الاتفاق و«طبّق حينذاك على النازحين العراقيين وغيرهم، لكنّ الدولة اللبنانية لم تطبّقه أبداً منذ بدء النزوح السوري».
وقد خلّف القرار خيبة لدى حزب «القوات اللبنانية» إزاء «الأصدقاء والشركاء الأوروبيين» إذ اعتبر أنّه «مخالف لما يريده اللبنانيون»، لكنه رأى أنّ «دعوة البرلمان الأوروبي إلى تشكيل فريق عمل دولي بمشاركة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والسلطات اللبنانية لمعالجة قضية اللاجئين هي محط ترحيب من قبلنا».
إلى ذلك، أثار موقف لبنان الرسمي والحكومة اللبنانية استغراب رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني، طلال أرسلان، الذي قال إنّه «لولا الوزيران شرف الدين وحجّار لم نشهد أيّ موقف من الحكومة أو الخارجية اللبنانية، على الرغم من خطورة الأمر وحساسيته»، سائلاً «أين أصبحت الزيارة الرسمية للوفد الوزاري إلى سورية؟».
واعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب قاسم هاشم أنّ القرار «تدخّل سافر في السيادة الوطنية لفرض واقع لا يتوافق مع الإرادة الوطنية، وقد غاب عن ذهن البرلمان الأوروبي أنّ لبنان ليس مقاطعة أو دولة أوروبية، ويا ليتهم انتبهوا إلى أنّ ما يتعرّض له لبنان من اعتداءات وممارسات إسرائيلية، وبخاصة إعادة تكريس الواقع الاحتلالي للجزء اللبناني من الغجر، هو نتيجة تنصّل العدو الإسرائيلي من القرارات والمواثيق الدولية
ورأى عضو تكتل «لبنان القوي»، النائب سيمون أبي رميا، في القرار «دعوة مبطّنة لبقائهم في لبنان». واستغرب تجاهل البرلمان الأوروبي لأصوات النواب المعارضة لهذا القرار أمثال تييري مارياني Thierry Mariani. وشدّد على أنّ «القرار هو للبنانيين أولاً وآخراً لأنهم هم أصحاب الأرض ونحن كلبنانيين نرفض دمج النازحين بالمجتمع اللبناني».
كما أشار عضو تكتل «اللقاء الديمقراطي»، النائب بلال عبد الله، إلى أنّ «هناك إجماعاً لبنانياً» على رفض القرار، معتبراً أنّ «المطلوب من الحكومة اتخاذ الخطوات والتدابير السريعة لمعالجة الملف»، مضيفاً أنّ «الملفت هو صمت الجانب السوري، وكأنه غير معني!».
ولفت «حزب الوطنيين الأحرار» إلى ضرورة عودة النازحين إلى بلدهم «أو إقامة منطقة آمنة على الأراضي السورية القريبة من الحدود اللبنانية تحت إشراف الأمم المتحدة، ريثما تتوفر ظروف عودتهم الآمنة الى مدنهم وقراهم».
كذلك، رأى تكتل «الاعتدال الوطني» أنّ «الاتحاد الأوروبي يصرّ على الإمعان في استهداف خصوصية لبنان وحساسيته التاريخية المفرِطة عبر الإصرار على عدم حلّ مسألة النازحين السوريين، والاكتفاء بإصدار بيانات تؤكد بقاءهم في لبنان»، مطالباً بـ«حلّ سريع وعادل للأزمة السورية ولقضية لنازحين السوريين».
وأعلن النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي، تييري مارياني، أمس أنّ البرلمان الأوروبي صوّت بأغلبية ساحقة على قرار يدعم إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان. وقال، في تغريدة، إنّ «من بين المسؤولين الفرنسيين المنتخبين، فقط أولئك الذين ينتمون إلى التجمع الوطني صوّتوا ضدّ هذه الإهانة للبنانيين ومستقبلهم». وكان مارياني قد وجّه الثلاثاء الماضي رسالة مصوّرة الى اللبنانيين، حذّرهم فيها من «قرار سيتمّ التصويت عليه في البرلمان الأوروبي الأربعاء 12 تموز»، معتبراً أنّ نصّ القرار «طعنة حقيقية في ظهر اللبنانيين».