سوف ينتهي يوم الأربعاء القادم، لكن تداعياته لن تنتهي بسهولة. المهلة التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران بشأن ملفها النووي، تُشبه ساعة رملية سياسية تتساقط حباتها الثقيلة وسط صمت مشحون. ترامب يُهدّد، لكنّ الردّ الإيراني قد لا يُعلن على لسان دبلوماسي، بل قد يأتي من حيث لا يتوقع أحد.
سوف تُفكّر طهران مليًا قبل أن تُوقّع على اتفاق جديد. فالتجربة السابقة – الاتفاق النووي لعام 2015 – لن تُمحى من ذاكرة القيادة الإيرانية، خصوصًا بعد أن انسحبت واشنطن منه من طرف واحد. السيد الإمام علي الخامنئي، بصفته القائد الأعلى، كان واضحًا: لا مفاوضات تحت التهديد، ولا اتفاق بلا ضمانات مكتوبة.
سوف تُقابل كل ورقة ضغط أميركية، بورقة ردع إيرانية. ليس لأن إيران تبحث عن مواجهة، بل لأنها ترفض منطق الإملاءات. حين يلوّح ترامب بـ”بديل خطير جدًا”، فإن العقل الأمني في طهران يستعدّ لأسوأ الاحتمالات، لا بالكلام، بل بخطط محكمة قد تشمل أهدافًا حساسة في قلب الكيان الإسرائيلي.
سوف يكون الردّ الإيراني مختلفًا هذه المرة، لأن المعادلة تغيّرت. إيران ليست محاصرة كما في السابق. لقد حصلت على أوراق قوة جديدة: من صور دقيقة لمخازن أسلحة إسرائيلية، إلى اختراقات استخبارية، وصولًا إلى إعلان مجلس الأمن القومي الإيراني استعداده لضرب منشآت إسرائيل النووية السرّية إذا تعرّضت منشآت إيران لهجوم.
سوف يفهم الجميع أن الردّ لن يقتصر على بيان، ولا على جبهة واحدة. فإيران تمتلك قدرات صاروخية دقيقة، ونفوذًا إقليميًا ذكيًا، وإرادة لا تتزحزح. هي تدير المعركة بصبر، لكنها لا تتردد عندما تُقرّر الردّ.
سوف يكون يوم الأربعاء علامة فارقة. فإن انتهت المهلة بلا اتفاق، قد لا نسمع دويّ الانفجار مباشرة، لكننا بالتأكيد سوف نعيش في ظل احتماله. وربما تبدأ من تلك اللحظة مرحلة جديدة تُرسم فيها خرائط الشرق الأوسط من جديد، لا بالحبر فقط… بل بالنار أيضًا.