كتب عماد جابر لـ “موقع صدى الضاحية” : في عالم الحروب والصراعات، يتخذ كل طرف مجموعة من الاستراتيجيات والتكتيكات التي تهدف إلى تحقيق النصر أو المحافظة على التوازن.
ومن بين هذه الاستراتيجيات، يظهر حزب الله كمثال واضح على تكتيك الغموض والصمت الذي يثير القلق ويخلق حالة من الترقب لدى كل من الأعداء والأصدقاء.
إذ إن الصمت الذي يحيط بحركة حزب الله في مراحل معينة من الصراع ليس مجرد غموض تكتيكي فحسب، بل هو تجسيد لصبر استراتيجي عميق.
غالبًا ما يختار حزب الله أن يظل في حالة صمت لفترات طويلة، مما يثير التساؤلات والقلق لدى خصومه وحلفائه على حد سواء.
هذا الغموض يمكن تفسيره كتكتيك يستخدمه الحزب لتمويه نواياه الحقيقية.
فبدلاً من أن يكون كل تحرك واضحًا وقابلًا للتوقع، يفضل حزب الله أن يظل غامضًا حول خططه العسكرية أو السياسية.
هذا التكتيك يمنح الحزب مرونة عالية في اتخاذ القرارات المفاجئة، ويزيد من صعوبة فهم خصومه لما يخطط له.
الصمت لا يعني بالضرورة التوقف عن النشاطات أو الركود، بل يمكن أن يكون علامة على التحضير لخطوات أكبر وأكثر استراتيجية.
في كثير من الأحيان، يظل الحزب في حالة مراقبة دقيقة لحركات العدو، منتظرًا الفرصة المثالية للقيام بالهجوم أو التحرك العسكري.
الصمت هنا يعد جزءًا من عملية تمويه تهدف إلى جعل العدو في حالة استنفار دائم، مما يعطل قدرته على اتخاذ قرارات مدروسة ومبنية على يقين.
لا يمكن النظر إلى صمت حزب الله فقط على أنه غموض تكتيكي؛ بل هو أيضًا تجسيد لصبر استراتيجي طويل المدى.
الصبر في هذه الحالة لا يعني الانتظار بلا هدف، بل هو انتظار محسوب للغاية.
في لحظات معينة، يمكن لحزب الله أن يظل في حالة من الانتظار، مستفيدًا من الظروف المتغيرة لخصمه، وينتظر لحظة الضعف أو الخطأ لكي ينقضّ عليه في اللحظة المثالية.
إن الاستراتيجيات طويلة المدى التي يعتمدها الحزب تستند إلى فهم عميق للزمان والمكان. هو لا يقتصر على المواجهات الآنية، بل يتبنى أسلوبًا يمكنه من التأثير على الأحداث على المدى البعيد.
ويمثل الصبر الاستراتيجي أحد أهم جوانب هذه الاستراتيجية، حيث يعرف حزب الله جيدًا متى يتراجع أو يظل صامتًا ليزيد من الضغط النفسي على خصومه.
ما يميز صمت حزب الله هو تأثيره المزدوج. فبينما يخلق حالة من الرعب والقلق لدى الأعداء الذين لا يستطيعون التنبؤ بتوقيت أو نوعية التحركات المستقبلية، فإنه في ذات الوقت يضع أصدقاء الحزب في حالة من الترقب المستمر.
إن هذه الحالة من الغموض تجعل الجميع – سواء أكانوا أعداء أو حلفاء – في حالة توتر مستمر، مما يعطل قدرتهم على اتخاذ قرارات مستقرة.
هذا الصمت يجعل الخصوم في حالة استنفار دائم، حيث يشعرون أن هناك دائمًا تهديدًا محتملًا يمكن أن يحدث في أي لحظة. من ناحية أخرى، يشعر الأصدقاء أحيانًا بالحيرة حول استراتيجيات الحزب وتوقيت تحركاته، مما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة معه ومدى إمكانية التنبؤ بتصرفاته المستقبلية.
من خلال تكتيك الغموض التكتيكي والصبر الاستراتيجي، استطاع حزب الله أن يبني لنفسه سمعة قوية في المنطقة.
فبينما يظل صامتًا في بعض الأحيان، يواصل بناء القوة والاستعداد للفرص الكبيرة التي قد تأتي في المستقبل.
هذا الصمت ليس مجرد غياب عن الأحداث، بل هو عنصر محوري في استراتيجية شاملة تجعل العدو والحليف في حالة من القلق والترقب المستمر.
إن قدرة حزب الله على استخدام هذا الصمت بشكل فعال تبرز مدى تعقيد استراتيجياته وتكتيكاته العسكرية والسياسية، مما يعكس فهمًا عميقًا للأبعاد النفسية والعملية للصراع.