أخبار عالمية

ما قصة نهر المقاومة في لندن؟

في مشهد استثنائي جمع بين الرمز والاحتجاج، شهد نهر “ليا” شرق العاصمة البريطانية لندن، فعالية تضامنية غير مألوفة، حيث انطلقت عشرات القوارب الصغيرة تحمل أعلام فلسطين وشعارات الحرية، فيما وصفه المنظمون بـ”أسطول من أجل فلسطين.. من أجل العدالة”، تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وتعبيرًا عن رفض الصمت الدولي تجاه المجاعة والإبادة التي يتعرض لها السكان هناك.

تحوّل نهر ليا، الذي يمر في قلب الأحياء الشرقية للعاصمة، إلى ما أطلق عليه المشاركون اسم “نهر المقاومة”، في محاولة لإيصال صرخة من قلب أوروبا إلى العالم، مفادها أن “الإنسانية لا تزال حية”، وأن هناك من يرفض التواطؤ بالصمت.

ورفع المشاركون لافتات كتب عليها: “لا للصمت بينما تُرتكب جرائم حرب”، “لا لشركات السلاح التي تغذي الحرب”، “لا للشركات المتواطئة في الفصل العنصري والتطهير العرقي” وفي بيان تلاه المنظمون، قالوا: “خرجنا إلى الماء ليس مجرد أفراد، بل قوة موحدة ومحركة بالعدالة. نرفض أن نقف متفرجين في صمت، بينما تُدك غزة بالغارات وتُحاصَر وتُجوَّع.

كل روح تُزهق هناك هي جرح في ضمير البشرية.” وأضافوا أن “رغم أن قواربنا صغيرة، فإن رسالتنا ضخمة. من قنوات لندن، نبعث بحبنا إلى أهل غزة، إلى كل طفل لم تُكتب له النجاة، إلى كل أسرة تمزقت. نراكم، نحزن لأجلكم، ونناضل لأجلكم”.

الفعالية لم تكن فقط ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضًا ضد حكومات وشركات ووسائل إعلام وصفها المشاركون بـ”المتواطئة”، موضحين أن بعض شركات السلاح البريطانية تواصل تصدير معدات وأسلحة تُستخدم في العمليات العسكرية ضد المدنيين في غزة. تأتي هذه الفعالية في وقت تكشف فيه الإحصائيات عن حجم الكارثة الإنسانية في القطاع.

فوفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، تجاوز عدد ضحايا مجازر توزيع المساعدات 995 شهيدًا، وإصابة أكثر من 6,000 شخص، في ظل حصار خانق تسبب في تدمير الأمن الغذائي كليًا.

وأظهرت تقارير منظمات أممية مثل برنامج الغذاء العالمي (WFP) ومنظمة أطباء بلا حدود، أن أكثر من 90% من سكان القطاع يفتقدون للغذاء الكافي، وأن 1.1 مليون شخص يعيشون على وجبة واحدة يوميًا، في ظروف صحية وبيئية مأساوية.

تحركات دولية محدودة في الوقت الذي اكتفى فيه العديد من القادة السياسيين بـ”القلق”، تتصاعد موجة التضامن الشعبي والاحتجاجات المدنية في العواصم الغربية، وفعالية “نهر المقاومة” واحدة من هذه الأصوات التي تحاول كسر حاجز التجاهل والتطبيع الإعلامي مع المأساة.

ورغم الرمزية، إلا أن الحدث حمل رسائل واضحة إلى الحكومات والشعوب: أن غزة ليست وحدها، وأن الضمير الحي لا يغرق في وحل المصالح، وأن الماء يمكن أن يكون ساحة نضال، حين تُخنق العدالة على اليابسة.

“نهر ليا” لم يكن مجرد مجرى مائي في هذا اليوم، بل صفحة من ضمير عالمي يكتبها أناس بقلوبهم قبل أصواتهم، يقولون فيها: “غزة تنزف، والعدالة تغرق، لكننا سنُبقي قوارب الأمل عائمة، حتى تصل الرسالة”.

شهاب

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى