طاولت نيران الحرب وتأثيراتها كل القطاعات، ومنها قطاع الأطباء الذين واجه كثيرون منهم صعوبات النزوح وإقفال عياداتهم أو المراكز الطبية والمستشفيات التي كانوا يعملون فيها أو في ما يتعلّق بتأمين طبابتهم وأدويتهم.
ومع اشتداد القصف على معظم المناطق، عملت نقابة الأطباء في بيروت على تعميم استمارة في محاولة لتحديد أعداد الأطباء المنقطعين عن أعمالهم والنازحين، وقد سجّل على المنصة التي وضعتها لجنة الطوارئ في النقابة حتى وقف إطلاق النار 500 طبيب، بعضهم يقيم في مراكز للإيواء.
مع توقّف الحرب، عاد الكثير من هؤلاء إلى مراكز عملهم، غير أن ما قبل الحرب لا يشبه ما بعدها، إذ إن عودة بعضهم كانت منقوصة. فهناك من التحق بالمستشفى فيما دُمّرت عيادته أو تضرّرت. وثمة أطباء جرحى وآخرون متقاعدون. لكل هذه الأسباب، حاولت النقابة إيجاد بعض الحلول، وإن كانت مؤقّتة، ووضعت الكثير من المقترحات، منها – في زمن الحرب – إلحاق هؤلاء بالعمل في مراكز الإيواء للكشف على النازحين، غير أن توقّف الحرب حال دون استكمال المقترح. وبما أن غالبية مراكز الإيواء أقفلت أبوابها، سلكت النقابة طريقاً آخر للمساعدة عبر تقديم «مساعدة نقدية» تُصرف لمرّة واحدة بقيمة 200 دولار لكل طبيب كان نازحاً، وإعطاء ضعف الراتب للأطباء المتقاعدين وهم بحدود 11 طبيباً، فيما يُصرف لعائلات الشهداء (شهيدان وأربعة جرحى من الأطباء) 5 آلاف دولار أميركي. وتُقدّر قيمة المساعدة التي يُفترض أن تُصرف عقب صدور القرار رسمياً في جلسة لجنة الطوارئ في النقابة اليوم، بقيمة 120 ألف دولار.
وقد حرص رئيس اللجنة، الدكتور ساري عبدالله على تحقيق إجماع في النقابة على احتساب هذا المبلغ من الصندوق النقابي لتسهيل مرور القرار، خصوصاً أن هناك من رفض هذا الطرح، منطلقاً من فكرة أن الطبيب «vip» أياً تكن الظروف، ولذلك لا حاجة إلى هذه المساعدة الضئيلة أساساً.
وبموازاة هذه القرارات التي يُتوقّع أن تصادق عليها اللجنة اليوم، تبحث النقابة مع وزارة الصحة في تسريع دفعات أتعاب الأطباء عن معالجة جرحى الحرب وقبلها لئلّا تستغرق آلية الدفع عدة أشهر، ويجري تقليصها إلى شهرين أو ثلاثة. وسنداً إلى ذلك، دفعت وزارة الصحة قبل أيام أتعاب الأطباء عن معالجة جرحى البايجر، فيما يُتوقع أن تبدأ الشهر المقبل صرف بقية الأتعاب.
مع ذلك، ثمّة ما يواجهه الأطباء في هذا الشق، وهو «دمج» أتعابهم مع أتعاب المستشفيات، رغم صدور قرار يقضي بفصل هذه الأتعاب.
غير أن اللجان الطبية في بعض المستشفيات ـــ إما ترهيباً وإما ترغيباً ـ استمرّت في الآلية السابقة التي لا فصل فيها بين أتعاب الجهتين، وهو ما يؤدّي في بعض الأحيان إما إلى تأخير تسديد أتعاب الطبيب أو إلى تحايل بعض المستشفيات على أتعاب الطبيب وإعطائه إياها ناقصة، وهو ما يجري اليوم في بعض مستشفيات المناطق النائية.