أخبار لبنان

في «لبنان الجديد» لا صوت يعلو فوق صوت العمالة

بعد انقشاع غبار الحرب الإسرائيلية على لبنان، توقّع كثيرون أن يبادر القضاء إلى استدعاء mtv بتهمة التحريض على قصف النازحين في مراكز الإيواء وعلى استهداف المسعفين ومنازل المدنيين والتماهي مع السردية الصهيونية في أخبارها وبرامجها والمشاركة في الحرب النفسية التي شنّت على المجتمع!

إلا أنّه في «لبنان الجديد»، فإنّ قناة المرّ هي التي ترفع دعاوى على ناشطين وإعلاميين عرّوا أداءها خلال الحرب

كان يتوقع كثيرون، بعد انقشاع غبار الحرب في لبنان، أن يبادر القضاء اللبناني إلى استدعاء قناة mtv بتهمة التحريض على قصف النازحين اللبنانيين في مراكز الإيواء وعلى استهداف المسعفين وتبرير استهداف منازل المدنيين بحجة وجود صواريخ تحتها والتماهي مع السردية الصهيونية في أخبارها وبرامجها والمشاركة في الحرب النفسية التي شنّت على المجتمع اللبناني!

إلا أنّه في «لبنان الجديد»، لا صوت يعلو فوق صوت العمالة! انطلاقاً من هذا الواقع، يصبح طبيعياً أن تبادر قناة المرّ، المدان رئيس مجلس إدارتها ميشال غابريال المرّ بسرقة المال العام، والتي تعدّ بوقاً في خدمة المصارف التي نهبت أموال المودعين، إلى استدعاء مجموعة من الإعلاميين والناشطين الذين انبروا خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، لتعرية أداء المحطة المريب والمتواطئ مع الكيان.

هكذا، رفعت المحطة دعاوى ضد مجموعة من الناشطين والإعلاميين على منصة X ممّن كشفوا سياسة القناة التي روّجت للسردية الإسرائيلية. وكان أول الغيث أول من أمس مع استدعاء ثلاث ناشطات هنّ سحر غدار، وغنى غندور وايفلين مهوس، قبل يُخلى سبيلهن من دون أن يوقّعن تعهداً بعدم تناول المحطة، أو حذف تغريداتهن عن صفحاتهن على السوشال ميديا، على أن تتوالى في الساعات القليلة المقبلة، باقي الدعاوى والاستجوابات.

رفعت القناة دعاوى على أكثر من أربعين صحافياً وناشطاً على صفحات السوشال

لا يخفى على أحد أن تغطية قناة ميشال المر لحرب العدو، كانت علنيةً، وبمنزلة جبهة إسناد له، أكان عبر نشرات أخبارها أو تقاريرها التي نشرتها على موقعها الإلكتروني. تفنّنت الشاشة اللبنانية في نشر إحداثيات للعدو الإسرائيلي. وكانت تارةً تحرض على النازحين ومراكز الإيواء، وطوراً على «الهيئة الصحية الإسلامية» وجمعية «القرض الحسن».

كما خصّصت برنامجها «صار الوقت» الذي يقدمه مارسيل غانم، للتضليل الإعلامي ومهاجمة المقاومة محملةً إياها مسؤولية الحرب. هكذا، راحت القناة تبث الأخبار المضللة التي تخدم الحرب النفسية التي كانت تسير بالتوازي مع الحرب العسكرية. نشرت في بداية الحرب خبراً حرضت فيه العدو على النازحين ومراكز الإيواء معنونة إياه «سجّل تواجد لعناصر مراقبة من «حزب الله» في منطقة الصيفي (وسط بيروت)». هذا الخبر دفع الناشطين إلى شنّ حملة عليها، قبل أن تحذفه لاحقاً.

في المقابل، خصصت إحدى مراسلات القناة صفحاتها على السوشال ميديا للتحريض على المسعفين في «الهيئة الصحية الإسلامية».

أمر استغله العدو الذي سرعان ما قصف مراكز الهيئة في منطقة الباشورة (بيروت) ومناطق أخرى في لبنان، ما أوقع عدداً من الشهداء والجرحى. كما بررت القناة قصف العدو للنازحين في مختلف المناطق بحجة تواجد عناصر من المقاومة فيه. ورغم أنّ القناة اللبنانية كانت تعمل علناً على التحريض على اللبنانيين بلا حسيب أو رقيب، إلا أنّها لبست كالعادة ثوب المظلومية.

هكذا رفعت أول من أمس، دعاوى على أكثر من أربعين صحافياً وناشطاً على صفحات السوشال ميديا بسبب تغريداتهم على منصة إكس. وكانت البداية مع الناشطات سحر غدار وغنى غندور وايفلين مهوس.

وبالفعل، تم استدعاؤهنّ أول من أمس إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في بيروت والاستماع إلى إفادتهن أمام المدعي العام الأول الاستئنافي في بيروت رجا حاموش. قدمت الناشطات أقاويلهن في التهمة الموجهة إليهن ورفضن التوقيع على التعهد بدعم التعرض للقناة وحذف تغريداتهن، على اعتبار أن القضية لا تحمل أي قدح وذم، بل تتعلق بالعدو الإسرائيلي الذي يجرّم القانون اللبناني التعاطي والتعامل معه والترويج له. عندها، قرر حاموش توقيف الناشطات خلافاً للقانون في محاولة للضغط عليهن والتوقيع على المستندات المطلوبة منهن، فاتخذت القضية منحى تصعيدياً.

وفور انتشار خبر توقيف الناشطات، أعادت صفحات على السوشال ميديا نشر التغريدات القديمة للناشطات، وطالبت التعليقات بوقف هذه المهزلة والهرطقة التي مارسها القاضي حاموش لمصلحة قناة المّر التي تبرع في الدفاع عن جمعية المصارف وتتماهى مع السردية الإسرائيلية.

وتساءلت التعليقات عن قرار حاموش بحق الناشطات الذي «جاء بسبب الضغوط التي مارسها ميشال المر عليه بحكم علاقاته الواسعة في السلك القضائي». من جانبه، يقول شريف سليمان محامي الدفاع عن سحر غدار لنا: «خلال الحرب الإسرائيلية، نَحَتْ قناة المر من خلال تقاريرها الى التماهي مع السردية الإسرائيلية رغم أنّ أكثرية اللبنانيين، بمعزل عن خصوماتهم السياسية، ذوو موقف واضح ضد العدو.

وكانت تغريدات موكلتي سحر غدار التي قتل العدو الاسرائيلي والدها، ناقدةً بشدة لأداء قناة المر. أما مدى توفر عناصر القدح والذم في تغريداتها، فمسألة يعود أمر حسمها إلى قضاء الحكم، وعليه يحق للقناة أن تراجع القضاء، وهذا ما حدث.

لكن يحق أيضاً لسحر أن تقدّم دفاعها أمام القضاء وتتساءل إذا كانت اشارات المحامي العام الاستئنافي تجافي القانون». وأضاف سليمان «كان مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في غاية الاحتراف والمهنية وخضعت موكلتي ورفيقتاها للتحقيق، فجاءت اشارة المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش بوجوب توقيع تعهد بعدم تعرّض وحذف التغريدات وإلا التوقيف.

وعندما رفضت سحر وزميلتاها التوقيع على التعهد وحذف التغريدات، جرى توقيفهن. ولكون هذه الخطوة برأينا القانوني كجهة دفاع تخالف القانون، اعترضنا عليها وعبّرنا جهاراً عن اعتراضنا.

على إثر ذلك، تحرك الرأي العام والاعلام لمتابعة الموضوع وحصلت مراجعات من جهات سياسية مع مدّعي عام التمييز القاضي جمال الحجار بخصوص المخالفات التي ظهرت في إشارات القاضي حاموش، الذي أشار بمتابعة التحقيق مع المدعي العام التمييزي الذي قرر ترك الموكلة ورفيقتيها من دون التوقيع على التعهد أو حذف التغريدات».

لكنّ فصول الدعاوى التي رفعتها قناة mtv لم تنتهِ عند هذا الحد، بل يتواصل تباعاً استدعاء مجموعة من الناشطين والإعلاميين إلى مكتب جرائم المعلومات، فكأنّنا بالقناة ــــ ومَن تمثّله ــــ تقوم بنوع من اختبار قوة بعدما روّجت طوال الحرب وبعدها لهزيمة المقاومة ودخولنا إلى «لبنان الجديد».

زينة حداد

جريدة الأخبار

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى