أخبار عربية

مصير سوريا والعدو الصهيوني

استمرار الجولاني في الحديث عن أن سوريا ستكون للجميع، وأن “سوريا الجديدة” لن تكون ساحة للمحاور ولا للطائفية ولا للفساد، يشي بأن الرجل مكلّف مهمةً يجب ان يؤديها في هذه الفترة من الانتقال السياسي في سوريا.

أفادت إذاعة “الجيش” الإسرائيلي بأنّ سلاح الجو “هاجم 350 هدفاً في سوريا خلال الأيام الماضية”، في هجوم وصفته بأنّه “من أكبر الهجمات في تاريخنا”. وذكرت الإذاعة، نقلاً عن مصدر عسكري، أنّ “سلاح الجو دمّر عشرات الطائرات الحربية السورية في هجماته”.

وأكدت مصادر أمنية أن توغل “إسرائيل” العسكري في جنوبي سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق. وأظهرت الخرائط سيطرة الجيش الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ، وعدد من القرى، والبلدات المحيطة بها داخل المنطقة منزوعة السلاح، بعمق يصل إلى 18 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.

في السياق، نقلت “رويترز”، عن مصدرين أمنيين إقليميين، أن القوات الإسرائيلية وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية، إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا. ويقوم الجيش الإسرائيلي برفع السواتر الترابية في القنيطرة بعمق يصل إلى 3 كيلومترات.

وفي هذا الإطار، ليس من المستغرب صمت المجموعات المسلحة، التي سيطرت على سوريا، والتي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام”.

ففي خطابه من الجامع الأموي، أرسل قائد “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، رسائل إلى الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وقال إن “مصالحكما مفهومة في سوريا الجديدة”، متوعداً، في أكثر من مناسبة، وفي المقابلة التلفزيونية، بمحاربة النفوذ الايراني في سوريا، في رسائل واضحة إلى الولايات المتحدة و”إسرائيل”.

 منذ بداية الحرب في سوريا، تمهّد “إسرائيل” لهذه اللحظة، التي تقوم فيها باحتلال الأرض السورية، في ظل صمت سوري داخلي مطبق.

في عام 2013، بدأت التقارير الغربية والإسرائيلية تتحدث بإسهاب عن علاقة جبهة النصرة (“هيئة تحرير الشام” حالياً) الوثيقة بـ”إسرائيل”، والدعم الذي تقدمه “إسرائيل” إلى “الجبهة”، التي هي جزء من تنظيم “القاعدة”.

ويمكن أن نذكر منها ما يلي:

– العلاج في مستشفيات “تل أبيب”: خلال حربها ضد الجيش السوري، عالج الإسرائيليون مقاتلي جبهة النصرة في مستشفياتهم، وكانت صور نتنياهو انتشرت في الاعلام الإسرائيلي وهو يزور جرحى مقاتلي جبهة النصرة.

وصرح المسؤولون الإسرائيليون بأن هذه المساعدة كانت مدفوعة بـ”أسباب إنسانية” والحاجة إلى استقرار منطقة “الحدود”.

– الدعم، عسكرياً ومادياً: تذكر المصادر الإعلامية، ومنها “وول ستريت جورنال”، وغيرها من الوسائل الاعلامية الإسرائيلية، أن “إسرائيل” قدمت إلى جبهة النصرة دعماً، مادياً وعسكرياً. من الناحية المادية، قدمت “إسرائيل” المال من أجل دفع الرواتب وشراء السلاح والحاجات الأساسية للقتال، وقدمت إليها أيضاً الأسلحة والطعام والدعم اللوجستي.

وفي هذا الإطار، تذكر “تايمز أوف إسرائيل” أن “إسرائيل” كانت تنفذ ضربات جوية ضد قوات الجيش السوري وحلفائه لمساعدة مقاتلي جبهة النصرة على التقدم، ولمنع الجيش السوري من الانتصار على الإرهابيين.

وبرّر المسؤولون الإسرائيليون، ومنهم رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، عاموس يادلين، تعامل “إسرائيل” مع “القاعدة” (النصرة) بأن حزب الله والقوات الإيرانية تشكل تهديداً استراتيجياً أكبر لـ”إسرائيل” من الفصائل الارهابية المسلحة في سوريا.

ويقول يادلين: “لم تقم القاعدة بضرب إسرائيل مطلقاً”. وبشأن معالجة الجرحى في المستشفيات في “إسرائيل”، برّر يادلين ذلك بالأسباب “الإنسانية”، لكنه قال إن “إسرائيل” لا يمكن أن تقوم بالأمر نفسه مع مقاتلي حزب الله.

في كل الإحوال، إن مجرد ظهور الجولاني عبر قناة “سي أن أن”، وهو مطلوب بتهمة الإرهاب في الولايات المتحدة، ووضع الأميركيون سابقاً مبلغ 10 ملايين دولار لمن يعرف عنه شيئاً، يشي بكثير من المؤشرات بشأن المهمة التي على الجولاني تنفيذها في سوريا في المرحلة المقبلة.

إن استمرار الجولاني في الحديث عن أن سوريا ستكون للجميع، وأن “سوريا الجديدة” لن تكون ساحة للمحاور ولا للطائفية ولا للفساد، يشي بأن الرجل مكلّف مهمةً يجب ان يؤديها في هذه الفترة من الانتقال السياسي في سوريا، والتي من المرجح أن تكون فيها سوريا عرضة للفوضى.

وتتجلى تلك المهمة في استهداف المصالح الإيرانية والروسية في سوريا، ومنع الأكراد من السيطرة على مناطق تخوّلهم إقامة دويلتهم في سوريا، وتشكيل الظروف المواتية لتسهيل قدرة “إسرائيل” على تدمير سوريا في ظل انشغال العالم بالانتقال السياسي.

وعليه، سيستمر وجود الجولاني في السلطة ما دامت هناك حاجة إليه، تركياً وغربياً. فإذا استطاعت روسيا والدول العربية المحافظة على نفوذها، إن عبر العشائر العربية، أو عبر دعم فصائل أخرى من المعارضة، أو دعم “قسد”، فإن دور الجولاني سيستمر في محاولة إطاحة خصوم تركيا و”إسرائيل” والولايات المتحدة في سوريا.

أما إذا استطاعت المعارضة توحيد سوريا تحت سيطرة واحدة، وانتقلت سوريا إلى مرحلة تهدئة، فإن دور الجولاني سينتهي في سوريا، ليأتي بعده حكم سياسي يؤدي مهمة التطبيع مع “إسرائيل” والتخلي نهائياً عن الجولان السوري المحتل.

الميادين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى