خلال الأيام القليلة الماضية، ضجت وسائل إعلام العدو بالحديث عن «تقديرات الوضع في سوريا». وقد عقدت المشاورات الأمنية والسياسية التي كانت تدقق في ما يحصل على الأرض. وسط تحليلات كثيرة، لكن المعطيات الواضحة، تشير إلى أن العدو يهتم لأمرين: الأول، لا يبدو أن إسرائيل منزعجة من ضرب النظام السوري، والثاني، اللجوء إلى خطوات من طرف واحد في المناطق الحدودية مع الجولان السوري المحتل.
لكن الأجهزة الأمني الإسرائيلية، تولّت التسريب لوسائل الإعلان بأنها «لن تسمح لإيران باستغلال الوضع الحاليّ في سوريا، ما قد يجعلها تعاود تزويد حزب الله اللبناني، بالسلاح، كما أن تل أبيب تخشى حصول طهران على موطئ قدم متجدّد في سوريا».
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن منظومة الأمن الإسرائيلية تؤكد أنها «لن تتيح لطهران تسليح الجيش بالأسلحة أو القوات»، وأنها «ستعمل على منع ذلك، لمنع إيران من فتح محور لحزب الله الذي يتعافى، لإدخال أسلحة جديدة إلى لبنان».
ولفت التقرير إلى أن منظومة الأمن الإسرائيلية، قد رصدت «جهوداً إيرانية واسعة النطاق، لإعادة تسليح حزب الله من أجل تعافيه بعد الحرب مع إسرائيل».
وتحدثت إذاعة جيش العدو عن «استعدادات تجري لاحتمال قيام إيران بمحاولات لفرض سيطرة، أكبر بكثير في سوريا، عبر إرسال قوات إيرانية، وأسلحة متطورة». ونقلت عن مصدر أمنيّ، قوله إن «آخر شيء تريده إسرائيل هو سقوط سوريا في أيدي الإيرانيين»، مضيفاً: «سنواصل العمل لمنع حدوث ذلك».
ووفقاً لإذاعة الجيش الإسرائيليّ، فإنّ المنظومة الأمنية الإسرائيلية، تلاحظ أنّ «حزب الله يركّز اهتمامه على سوريا بدلاً من لبنان، وينقل قوات إلى هناك». وأضافت أنه «يخسر قدرات ومعدات عسكرية سقطت في أيدي المسلحين، وكانت مخصصة للوصول إلى حزب الله».
وحسب المحلل العسكري في «القناة 13»، ألون بن دافيد، فإن «السؤال هو كيف في الإمكان دفع هذا التطلع في الوضع الجديد الحاصل في سوريا، وما هي حدود إسرائيل التي بعد تجاوزها ستضطر إلى التدخّل؟». ولفت إلى أنه «حتى الآن، لم تجرِ مداولات بمستوى إستراتيجي لتحديد أهداف إسرائيل في الوضع الجديد في سوريا».
وأشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أنه «لا يرصدون في إسرائيل حالياً خطراً داهماً مباشراً، وراضون جداً من الحرج الذي لحق بإيران». إلا أنه أضاف أنه «في المدى البعيد يوجد خطر متطوّر، في هضبة الجولان وفي المستقبل عند حدود الأردن أيضاً. وشكّلت القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، وحدة جديدة في قوات الاحتياط في الجولان، كي تُستخدم في المستقبل كقوة رد سريع في ظروف كهذه. وفي موازاة ذلك، جرى تعزيز الفرق المتأهبة في البلدات وأجريت تحسينات في الجدار على طول الحدود السورية» في الجولان المحتل.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إلى ثلاثة تهديدات على إسرائيل إثر التطورات في سوريا. التهديد الأول يتعلق باحتمال «سقوط أسلحة، وخاصة صواريخ، وربما سلاح كيميائي، الموجودة في شمال ووسط سوريا بأيدي المتمردين الجهاديين في الأيام أو الساعات المقبلة، إن لم تكن قد سقطت بأيديهم فعلاً».
وتابع أنه «نتيجة لضعف الجيش السوري والمساعدات العسكرية الروسية الضئيلة، لا مفر أمام الأسد سوى الحصول على المساعدة التي يقدمها الإيرانيون له، عبر نقل قوات إلى سوريا، كما انتقل مئات من عناصر حزب الله إلى سوريا لمساعدة الأسد».
وحسب بن يشاي، فإن لدى إسرائيل «مشكلة مع عناصر حزب الله الذين دخلوا إلى سوريا، لأن من شأن وجودهم في سوريا أو عند الحدود مع إسرائيل، فإن في مقدورهم العمل من الأراضي السورية بواسطة إطلاق قذائف صاروخية وصواريخ وتوغلات برية إلى المستوطنات في هضبة الجولان». وأضاف أن «إمكانية ضعف النظام في سوريا سيسمح للميليشيات الموالية لإيران بالاستقرار عسكرياً في سوريا وعند الحدود مع إسرائيل وتهريب أسلحة إلى لبنان من أجل تسليح حزب الله مجدداً، هي الإمكانية التي تثير القلق الأكبر في إسرائيل في الوضع الحالي».
من جهته، قال المؤرخ الإسرائيلي إيال زيسر في مقال بصحيفة «إسرائيل اليوم» إن «الرئيس الأسد، رغم عدم انخراطه في المواجهات الحالية، كان ولا يزال حلقة حاسمة في محور الشر، حيث سمح وساعد في تحويل حزب الله إلى تهديد وجودي لإسرائيل».
وبحسب الكاتب، فإن «إيران أرسلت ميليشيات موالية من العراق كانت تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل إضافة إلى مقاتلي حزب الله من لبنان لدعم الأسد، وإن هذه التحركات قد تحسم المعركة لمصلحة النظام السوري، كما فعلت إيران وحزب الله سابقاً في العقد الماضي»، معتبراً أن «بقاء الأسد يمثل امتداداً للنفوذ الإيراني في سوريا، وهو ما يشكل تهديداً لإسرائيل».
وأضاف: «لا يمكن لإسرائيل السماح لإيران بتمرير أسلحة إلى سوريا قد تصل لاحقاً إلى حزب الله، كما حدث في الماضي»، مؤكداً أن «التردد في اتخاذ خطوات حاسمة الآن قد يعيد تمكين أعداء إسرائيل وتعزيز نفوذهم، وهو ما حدث مع الأسد قبل عقد من الزمن، ومع حزب الله وإيران عندما تدخّلوا لإنقاذ نظامه».