عملية إعادة خلط أوراق تستعدّ لها القنوات اللبنانية لمواكبة مرحلة ما بعد الحرب.
الاصطفاف السياسي الذي اتخذته بعض المحطّات خلال العدوان، سيزداد وضوحاً في هذه المرحلة مع مواكبة استحقاقات بارزة على رأسها انتخاب رئيس للجمهورية وملفّ المقاومة وسرديّة «بناء الدولة»
تفاوت أداء القنوات اللبنانية خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، ولو أنّه مال ــ عن قصد أو غير قصد ـــ إلى المساهمة في الحرب النفسية التي استهدفت المجتمع اللبناني والترويج للسردية الصهيونية.
هكذا، أسهمت بعض المحطات في التضليل الإعلامي واستهداف المقاومة ومجتمعها، لتتماهى تغطية mtv مثلاً مع السردية الإسرائيلية، في مقابل تغطية خجولة من محطّات أخرى.
لكنّ المعركة الإعلامية لم تنتهِ مع توقف المعركة الميدانية، بل انطلق التحضير لمرحلة ما بعد الحرب التي تقوم على الحرب الناعمة بإملاءات أميركية إسرائيلية.
إذاً، يقف الإعلام اللبناني أمام لحظة مصيرية تتمثّل في مواكبة تطبيق وقف إطلاق النار، وبدء العد العكسي لانتخاب رئيس للجمهورية، ناهيك بتوجه الأنظار نحو قائد الجيش جوزيف عون الذي يتولى مهمات المرحلة المقبلة، وسط كلام عن تجنيده فريقاً من الإعلاميين في القنوات لتعزيز صورته كمرشّح قوي لرئاسة البلاد في المدة المقبلة.
كل هذه الملفات الإشكالية ستقسم الشارع الداخلي بلا شكّ، بعد فشل العدو في تحقيق إنجازات عسكرية على الأرض، بالتالي فالمعركة اليوم إعلامية بامتياز.
في هذا السياق، ستواصل mtv سياستها التحريرية التي تتبعها منذ ما قبل الحرب والمتمثّلة في استعداء مجتمع المقاومة.
وقد وضعت على النار مجموعة من البرامج التي تصبّ في هذا المنحى، على رأسها برنامج «صار الوقت» لمارسيل غانم الذي يستضيف محلّلين سياسيين ذوي خطّ سياسي واحد.
لكن المفاجأة تمثّلت في دخول قناة lbci على الخط، سعياً إلى منافسة شاشة المرّ.
غابت lbci نسبياً عن التغطية الإعلامية المميزة خلال الحرب، مستعينة بمراسليها الميدانيين الموزعين في المناطق، الذين خرجوا ببث مباشر من هواتفهم الخليوية، مكتفين بمداخلات ركيكة.
حضور ضعيف كان مخيباً لآمال متابعي الشاشة التي اشتهرت بتغطية مميزة خلال الحروب الإسرائيلية السابقة، آخرها حرب تموز 2006.
فقد كان أداء شاشة الضاهر محايداً، باستثناء تغطية مراسلها ماريو دويري قضية تهديد العدو الإسرائيلي بقصف «مستشفى الساحل» في حارة حريك (ضاحية بيروت الجنوبية).
يومها سارع الى تنفيذ إملاءات المتحدث الرسمي باسم «جيش» العدو أفيخاي أدرعي.
وتلفت المعلومات لنا إلى أنّ رئيس مجلس إدارة lbci بيار الضاهر عقد أخيراً اجتماعاً مع قسم الأخبار في المحطة، معلناً أمام الإعلاميين أنّنا على مشارف مرحلة جديدة تتمثّل في «بناء الدولة» على حدّ تعبيره.
وتشير المعلومات إلى أنّ الضاهر كلّف قسم الاخبار بتفنيد الاتفاق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والأطراف المفاوضة، طالباً منهم عدم إعطاء المقاومة أي إنجاز في الحرب وما بعدها.
وتوضح المصادر بأنّ القناة لا تزال تتلقى مخصّصات مالية من قبل السفارات العربية والأجنبية في لبنان، وستتم ترجمتها قريباً على أرض الواقع عبر التغطيات ومقدمات نشرات الأخبار.
وأول الغيث كان خروج lbci بعد ساعات من وقف إطلاق النار بمقدمة نارية، هاجمت فيها نبيه بري وحلفاءه على خلفية الاتفاق ومضمونه.
وأوردت المحطة اللبنانية: «بعدما تلكأت الدولة و«حزب الله» عن إرشاد الناس وإطلاعهم على حقيقة العودة، قرّرنا أن نفعل.
إلى كبير المفاوضين نبيه بري، مشكور لأنك فاوضت باسم الدولة وبموافقة صريحة من إيران والحزب وجميع أفرقاء الممانعة. لكن مهمتك لم تنتهِ بعد.
اللبنانيون وأهل الجنوب يريدون معرفة الحقيقة في كل نقطة مرتبطة بالاتفاق».
وقد بدأت lbci تنفذ خطتها الاعلامية التي تتماشى مع «الزمن الاميركي»، وبدا ذلك واضحاً من خلال النقل المباشر لكلمة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وإعطائه مساحة لافتة.
في المقابل، لم تبثّ القناة كلمة الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي ألقاها أخيراً تزامناً مع وقف إطلاق النار.
كانت خطوة الشاشة مفاجأة مخيّبة للمشاهدين، خصوصاً أنّ تاريخ الضاهر وجعجع حافل بالقضايا المتبادلة حول ملكية lbci ولا تزال عالقة في المحاكم اللبنانية.
لكن الضاهر مشى في خط يتماهى اليوم مع سياسة جعجع في عدائه للمقاومة والتماهي مع السردية الاميركية.
في المقابل، تتحضر otv للمرحلة المقبلة، إذ وضعت المحطة البرتقالية على رأس أولوياتها مواكبة التحولات السياسية والاستعدادات لانتخاب رئيس للجمهورية.
كما ستفتح ملفات عدة أبرزها إعادة الإعمار والتعويض على المتضررين من الحرب. وستعود قريباً الى برمجتها العادية، مطلقةً مجموعة من البرامج التي تواكب المرحلة.
وتتجه الأنظار نحو الأداء الإعلامي لقناة «الجديد» التي بدأت التحضير للمرحلة المقبلة.
وتلفت المعلومات إلى أنّ المحطة التي يديرها تحسين خياط، اصطفت في سياستها إلى جانب قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي سيقود المرحلة المقبلة في البلاد، وباتت غالبية المقدمين في القناة بمنزلة أبواق لعون.
في الملخّص، يبدو أنّنا أمام عملية إعادة خلط أوراق في الساحة الإعلامية، تحضيراً للمرحلة المقبلة التي سيكون عنوانها حرب ناعمة وضروس بهدف تجريد المقاومة من مصداقيّتها وحيثيتها قبل أي سلاح آخر.
الفرفشة بعد العيد!
بدأت القنوات اللبنانية الاستعداد لعودة برمجتها العادية التي توقفت مع بداية الحرب، وتتنوع على المشاريع الفنية والترفيهية والاجتماعية.
لكن الشاشات لن تنطلق مباشرة ببثّ تلك الأعمال، لأنّ المشاهد ما زال منشغلاً بتداعيات الحرب النفسية والاجتماعية والمادية.
وتنتظر القنوات استقرار النازحين في قراهم، على أن تطلق لاحقاً هذه البرامج الترفيهية. لذلك، من المتوقع أن تستغلّ مدة عيدي الميلاد ورأس السنة، لبثّ برامجها المخصصة لتلك المناسبة.
وتستعدّ mtv لحلقة خاصة يطلّ فيها ميشال حايك ستعرض ليلة رأس السنة. وقد بات حضور «العرّاف» اللبناني ثابتاً في جدول قناة المرّ، التي تستقبل العام الجديد بـ «تنبؤاته» السياسية للبنان والعالم العربي.
كما من المتوقع أن يعود هشام حداد بموسم جديد من برنامجه الساخر «كتير هلقد». وستركّز القناة على البرامج الاجتماعية التي تواكب المرحلة المقبلة من إعادة الإعمار، على رأسها برنامج «للوطن» الذي يقدّمه جو معلوف، إلى جانب حضور برنامج «صار الوقت» لمارسيل غانم الذي سيلعب دوراً بارزاً في المرحلة السياسية المقبلة.
في المقابل، تستعد قناة «الجديد» لعرض حزمة مشاريع تطلقها نهاية هذا العام.
فمن المتوقع أن تعرض البرنامج الساخر «والله لنكيّف» الذي تتولاه أمل طالب، إلى جانب سهرة فنية تستعدّ لها قريباً. من جهتها، تتحضّر lbci لتصوير حلقة خاصة بعيدي الميلاد ورأس السنة، تستقبل فيها ماغي فرح ومجموعة من الفنانين.
وتبدأ قناة otv قريباً عرض البرمجة الخاصة بعيدي الميلاد ورأس السنة التي تطغى عليها التراتيل والبرامج الاجتماعية.