لليوم السابِع على اتفاق وقف الأعمال العدائية، واصلَ العدو الإسرائيلي خروقاته في جنوب لبنان، متجاهلاً التحذيرات الأميركية والفرنسية والبريطانية من تداعيات انتهاك الاتفاق، خصوصاً بعدَ الردّ الأولي والتحذيري للمقاومة أولَ أمس في مزارع شبعا.
وهو ما دفع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى الطلب من وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي دون ديرمر «الخروج ببيان علني مفاده أن إسرائيل تحترم وقف إطلاق النار ولن تنسحب منه»، وفق القناة 13 العبرية، مشيرة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين «أكّدوا للحكومة الأميركية التزام وقف إطلاق النار، وقال رئيس الوزراء نتنياهو هذا بصوته في جلسة مجلس الوزراء اليوم (أمس)».
وفيما أكّد الموفد الأميركي عاموس هوكشتين أن «استمرار وقف إطلاق النار يحتاج إلى ضبط النفس من كل الأطراف»، أبلغ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر بـ«ضرورة التزام جميع الأطراف بالاتفاق»
من جهة أخرى، أكّد نتنياهو «أننا في حالة وقف إطلاق نار وليس نهاية الحرب»، لافتاً إلى «أننا ننفذ وقف إطلاق النار في لبنان بقبضة من حديد ونتحرك ضد أي انتهاك سواء كان بسيطاً أو جسيماً»، في ما يبدو إصراراً من كيان العدو على إكمال العمليات الحربية من جانب واحد، لتكريس مبدأ «حرية الحركة» باستهداف المقاومة في أي مكان تحسّباً من عدم قدرة لجنة الإشراف الدولية على القرار والجيش اللبناني على تنفيذ المهمة المُوكلة إليهما، خصوصاً في ما يتعلّق بتفكيك أي وجود عسكري لحزب الله أو معاودة تسليحه وترميم بنيته العسكرية.
وتعكس الخروقات الإسرائيلية شعوراً لدى نتنياهو بأنه لم يحقّق أياً من الأهداف الاستراتيجية، إذ لم يؤدّ اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله وقادة الحزب وضرب جزء من القدرات العسكرية إلى انهيار الجسم العسكري. لذلك، تحوّل تعاطيه مع الوضع في الجنوب إلى استعراض أمام الداخل الإسرائيلي للقول بأن يده هي العليا، فوق القنوات الدبلوماسية والقرارات الدولية.
وقد دفع استمرار الخروقات المقاومة إلى توجيه رسالة حازمة أكّدت فيها أن الخرق بالخرق وأنها لن تقبل بفرض معادلة إسرائيلية في الجنوب وهي جاهزة لكسر مثل هذه المعادلة، ما يضرب سردية الانتصار التي بنى نتنياهو خطابه بعد الحرب عليها.
داخلياً، أكّد الرئيس نجيب ميقاتي أمس أن حكومته «كثّفت الاتصالات الدبلوماسية»، ونقل بيان لرئاسة مجلس الوزراء عن ميقاتي قوله: ««شدّدنا خلال هذه الاتصالات على أولوية استتباب الأوضاع لعودة النازحين إلى بلداتهم ومناطقهم وتوسعة انتشار الجيش في الجنوب».
وكشفت مصادر مطّلعة أن «الاتصالات تركّزت مع باريس لاستعجال إيفاد مندوبها في لجنة الإشراف للمباشرة بعملها، ما قد يحرج العدو الإسرائيلي، ومن المتوقّع أن يصل اليوم إلى لبنان برفقة وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو».
وقالت مصادر لـ«رويترز» إن «هناك حاجة ملحّة إلى بدء عمل لجنة الإشراف المشتركة قبل فوات الأوان»، مشيرة إلى تكثيف إسرائيل التدريجي لهجماتها رغم الهدنة.
وأضافت المصادر أن اللجنة «ستعقد أول اجتماع لها غداً» بعد وصول ممثل فرنسا في اللجنة الجنرال جيوم بونشين إلى بيروت اليوم. وأشارت معلومات إلى أن مكان عقد اللقاء لم يُحسم بعد بسبب تحفظ الجانب اللبناني عن دخول ممثل العدو الإسرائيلي في اللجنة إلى مقر قيادة اليونيفل في الناقورة داخل الأراضي اللبنانية.
وفي وقت استكمل الجيش اللبناني حشد آلياته في جنوب الليطاني تمهيداً لتنفيذ خطة الانتشار، أكّد مصدر عسكري لـ«الأخبار» أن قيادة الجيش لم تحدد حتى الآن موعداً لذلك.
وفيما حثّ وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال زيارة للحدود الشمالية الحكومة اللبنانية على «تفويض الجيش اللبناني للقيام بدوره، وإبعاد حزب الله عن الليطاني وتفكيك بنيته التحتية بالكامل»، كانت مُسيّرة إسرائيلية تستهدف جرافة للجيش أثناء تنفيذها أعمال تحصين في منطقة حوش السيد علي في الهرمل، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح.
فيما تقدّمت دبابة «ميركافا» إلى طريق عام برج الملوك في الجنوب على بعد حوالي مئة متر من حاجز ظرفي استحدثه الجيش.
ميدانياً، تراجعت حدة الاعتداءات الإسرائيلية الجوية. لكن توسّعة التوغل البري كانت لافتة نحو مناطق أعمق لم يصل إليها العدو من قبل.
فقد توغّلت قوة مؤلّلة من أطراف بليدا ومحيبيب إلى خراج عيترون وإلى الطريق المؤدي إلى وادي السلوقي صباح أمس.
وفي وقت لاحق من المساء، نفّذ الطيران المعادي غارة جوية على محيبيب قبل أن ينفّذ سلسلة تفجيرات ضد منازل في أطرافها.
وصباحاً، سُجّل دخول قوة معادية مؤلّلة معزّزة بدبابة ميركافا، من عين عرب ووطى الخيام والوزاني في الأطراف الجنوبية والشرقية للخيام إلى داخل الخيام وتوزّع أفرادها بين عدد من الأحياء.
وأصيب مواطن بجروح طفيفة جراء غارة من مُسيّرة استهدفت أطراف بيت ليف، كما استهدفت مُسيّرة أحراج دير سريان لناحية مجرى نهر الليطاني.
وفي شبعا، استشهد الراعي جمال صعب الذي استهدفته مُسيّرة في محلة المرجة في خراج البلدة أثناء رعيه للماشية. وأطلق جنود العدو رشقات نارية باتجاه حي السيار وساحة مجدل زون وبنت جبيل.
(الأخبار)