كتبت صحيفة “الديار”: وفي اليوم السادس، وبعد اكثر من 60 خرقا لوقف النار من قبل العدو، خرجت المقاومة عن صمتها بالقول والفعل، مذكرة جيش الاحتلال بان الاتفاق ليس من طرف واحد، وبان خرقه على نحو فاضح امام عجز او تواطؤ الدول الضامنة للاتفاق، لن يمر دون رد، لكنه سيكون متدرجا، ومتناسبا لوقف «اللعبة الخطرة» التي تمارسها حكومة العدو، باعتراف واقرار الادارة الاميركية.
ولهذا كان استهداف موقع رويسات العلم في مزارع شبعا ردا اوليا، تحت عنوان «ان عدتم عدنا»، وقد «اعذر من انذر»، لكن هذه المعادلة تأتي ضمن اطار واضح لحماية اتفاق وقف النار من الانهيار وليس الخروج من الاتفاق، الذي تحاول «اسرائيل» تعديله عمليا.
ويمكن القول ان الاتفاق اهتز بقوة بالامس، لكنه لم يقع، ولكنه قد يقع، بعدما رفعت قوات الاحتلال من حجم اعتداءاتها.
وفيما توسعت الغارات ليلا وشملت مناطق حرجية في الجنوب، كما وحلقت «المسيرات» مجددا في اجواء الضاحية وبيروت. وسبق ذلك اشاعة اجواء الحرب من جديد، بعد ان اعلنت وسائل إعلام «إسرائيلية» أن التقييمات في النظام الأمني، ترجح ان تكون هناك عدة أيام أخرى من المعركة في الشمال، ويجب أن تكون الجبهة الداخلية مستعدة لذلك، وقالت «لقد حذرنا مسبقا من أننا قد نعود إلى أيام المعركة». لكن نتانياهو اكد التمسك بالاتفاق، فيما حذرت الخارجية الفرنسية من امكان انهياره، بينما اكد البيت الأبيض ان آلية مراقبة وقف إطلاق النار في لبنان تؤدي مهامها، رغم وجود ضربات متقطعة، وهو ما اكد عليه البنتاغون الذي اشار الى انه ليس لدى الاميركيين أي قوات على الأرض في لبنان، لمراقبة وقف إطلاق النار؟!
الاختبار الاخطر
هذا التصعيد، يضع اتفاق وقف النار امام اخطر اختبار منذ الاعلان عنه، والجميع الآن على «مفترق طرق»، اما يتم لجم «اسرائيل» من قبل الدول الراعية للاتفاق، او سوف ينهار وقف النار عمليا، لكن ما حصل يؤكد ان رد فعل المقاومة، اربك قيادة العدو السياسية والعسكرية، التي وجدت نفسها تحت ضغط المزايدات الداخلية، وبوقاحة منقطعة النظير قررت تنفيذ موجة من الاعتداءات على الاراضي اللبنانية، متهمة حزب الله بخرق الاتفاق، علما انها عمدت خلال الايام القليلة الماضية الى تطبيق منحرف لوقف النار، محاولة فرض قواعد اشتباك غير موجودة اصلا في النص، ما دفع المقاومة الى اتخاذ القرار المناسب في توقيت شديد الاهمية لمنع استباحة السيادة اللبنانية، وهي ابلغت من يعنيهم الامر انها معنية جدا بالحفاظ على التزاماتها في ما تم التفاهم عليه، الا انها لن تقف مكتوفة اليدين ازاء الصلافة «الاسرائيلية»، التي حولت الساحة اللبنانية الى جزء من المزايدات الداخلية، حيث يريد نتانياهو ارضاء المستوطنين الغاضبين عبر اراقة دماء اللبنانيين.
اتصالات لانقاذ الاتفاق
وقد تحركت الاتصالات الدولية لحصر الردود ضمن الدائرة الضيقة التي لا تسقط الاتفاق، وخرج البنتاغون للتأكيد ان الاتفاق صامد على الرغم من الخروقات. وقال في بيان انه على الرغم من حصول عدة حوادث، فان وقف النار بين «اسرائيل» وحزب الله ما يزال قائما.
في هذا الوقت، تحرك المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين واجرى مروحة اتصالات مع القيادة «الاسرائيلية»، فخرج نتانياهو بتصريح اكد فيه التصميم على تنفيذ وقف النار، دون ان يشرح كيفية ذلك؟! وقد طالبه هوكشتاين بضرورة احترام الاتفاق، وخصوصا وقف الغارات الجوية.
ونقل موقع «اكسيوس» عن مسؤولين اميركيين تأكيدهم ان المبعوث الاميركي اعرب لـ «اسرائيل» عن قلقه بشأن ضرباتها المستمرة في لبنان، وابلغها انه يتعين عليها افساح المجال لآلية مراقبة وقف النار.
ونقل الموقع عن هوكشتاين قوله ان «اسرائيل» تطبق وقف النار بطريقة عدوانية جدا.
وفي هذا السياق، اكد مسؤول اميركي ان ادارة بايدن تشعر بالقلق من احتمال انهيار وقف اطلاق النار الهش، لان «الاسرائيليين» يلعبون «لعبة خطرة».
تنسيق بين بري والمقاومة
وفي هذا السياق، اكدت مصادر مطلعة ان رد حزب الله جاء بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يشعر بريبة شديدة مما يحصل على الارض، وسط عدم جدية في لجمه من قبل واشنطن وباريس، ولذلك خرج عن صمته بالامس، محذرا من استمرار الرعونة «الاسرائيلية»، وقد ابلغته قيادة المقاومة انها متمسكة بالاتفاق لمنع عودة الحرب، لكنها ستقوم بواجباتها لردع العدو، ضمن هامش لا يمنح حكومة الاحتلال ذريعة للتصعيد. علما ان كل تحركات الضباط والجنود «الاسرائيليين» وآلياتهم الموجودة داخل الاراضي اللبنانية تحت «الرصد» نهارا وليلا، واستهدافها متاح ولا يحتاج الا الى قرار من قيادة حزب الله.
وقد اراد حزب الله ان يُفهم العدو ان ارادة القتال موجودة، وهو لا يمكن ان يسلم بقواعد الاشتباك الجديدة، ويد المقاومة غير مغلولة، ولن يمنح «اسرائيل» سلما ما لم تستطع ان تأخذه بالحرب، وهو جدد التأكيد ان «الكرة» الآن في «ملعب» لجنة التحقق من وقف النار التي عليها ان تباشر مهامها بشكل عاجل.
لماذا رد حزب الله؟
ولهذا جاء رد المقاومة دقيقا باستهداف موقع عسكري داخل الاراضي اللبنانية المحتلة، وجاء بعدما سقطت الحجج التي قدمها الجانب الاميركي في الايام القليلة الماضية، حين ادعى ان جيش الاحتلال مربك من عودة المهجرين الى قرى الحافة الامامية ، حيث يجب الا يكونوا هناك. لكن الاعتداءات توسعت لتشمل عمق الاراضي اللبنانية. كما ان جيش العدو عاد خلال الساعات الماضية الى اعادة تموضع داخل القرى التي انسحب من جزء منها، مع بدء وقف النار، وبدأ بتجريف وتفجير المنازل في كفركلا والخيام واطرف بلدة حلتا، ودخل الى احياء في مدينة الخيام لم يستطع دخولها خلال العدوان.
تساؤلات حول اللجنة!
واكدت تلك الاوساط، ان حزب الله منزعج جدا من تأخر انطلاق عمل اللجنة لاسباب مجهولة حتى الآن، وطالب بتسريع عملها، وقد اشار الى انه من غير المقبول ان تبقى حتى الآن في طور التاسيس، فالمندوب الفرنسي يفترض ان يصل في الساعات المقبلة، والمندوب الاميركي لا يقوم بواجباته، كما لم يحدد حتى الآن مركز لعقد اجتماعات اللجنة، ولم تحدد آلية عملها.
حزب الله ليس ضعيفاً
واراد حزب الله ابلاغ الجميع بان سكوته عن الخروقات لم يكن من موقع ضعف قطعيا، وانما من باب منح القوى الضامنة الوقت الكافي لوقف العدوان المتمادي، وقد وصلت الخروقات الى حد غير مقبول.
ولهذا ابلغ الحزب من يعنيهم الامر، بانه لن يقبل ان تستمر الحرب من طرف واحد، بينما الطرف الآخر يلتزم بالاتفاق، وهو لن يسمح ابدا بان تفرض «اسرائيل» قواعد اشتباك جديدة من خارج النص المتفق عليه، اي لا يمكن ان تتحول الاختراقات الى عرف وروتين يومي.
الوقائع الميدانية
في الوقائع، وبعدما رفعت «إسرائيل» مستوى خروقاتها لاتفاق وقف النار، وبلغت أكثر من 60 انتهاكاً، قام حزب الله برد دفاعي تحذيري امس، مستهدفاً موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا.
واكد حزب الله في بيان اصدره عقب العملية، انه «إثر الخروقات المتكررة التي يبادر إليها العدو الإسرائيلي، لاتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن عن بدء نفاذه فجرَ نهار الأربعاء في 27 تشرين الثاني 2024، والتي تتخذ أشكالاً متعددة منها إطلاق النيران على المدنيين والغارات الجوية في أنحاء مختلفة من لبنان، ما أدى إلى استشهاد مواطنين وإصابة آخرين بجراح، إضافة إلى استمرار انتهاك الطائرات «الإسرائيلية» المعادية للأجواء اللبنانية وصولاً إلى العاصمة بيروت، وبما أن المراجعات للجهات المعنية بوقف هذه الخروقات لم تفلح، نفذت المقاومة الإسلامية ردّا دفاعياً أولياً تحذيرياً ، مستهدفةً موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو «الإسرائيلي» في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة. وقد أُعذِر من أَنذر.
الخروقات «الاسرائيلية»
وسبق رد حزب الله بلوغ الغارات «الإسرائيلية» العمق اللبناني، حيث استهدفت مسيّرة بثلاثة صواريخ بلدة حوش السيد علي شمال قضاء الهرمل. وزعم الجيش «الإسرائيلي» مهاجمة آليات عسكرية تعمل قرب بنية تحتية عسكرية لحزب الله في البقاع. فيما أعلن الجيش اللبناني أن مسيّرة للعدو «الإسرائيلي» استهدفت جرافة للجيش أثناء تنفيذها أعمال تحصين داخل مركز العبّارة العسكري في منطقة حوش السيد علي- الهرمل، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح متوسطة. كما استهدفت مسيّرة بصاروخ موجّه العريف مهدي خريس من جهاز أمن الدولة في مديرية النبطية الإقليمية، وقامت جرافات تابعة لجيش الاحتلال بجرف مسجد بلدة مارون الراس بالكامل، وهو مسجد يقع على تلة تشرف على مدينة بنت جبيل. وتقدمت قوات مشاة «اسرائيلية» ترافقها دبابات ميركافا إلى مزرعة «شانوح» في مرتفعات حلتا ، تحت غطاء ناري من الرشاشات والقنابل الدخانية، في عملية اقتحام لمنطقة لم تدخلها قوات العدو خلال المواجهات، وتقوم باحتلالها مستغلة وقف إطلاق النار.
توسع رقعة العدوان
ومساء، توسعت الخروقات «الاسرائيلية» وشن الطيران المعادي غارات على مارون الراس والنبطية والسريرة في جزين، وحانين والجبور في البقاع الغربي، وبسطرة وبرغز في قضاء حاصبيا وطلوسة، ما أدى إلى استشهاد مواطنين وجرح اثنين آخرين. كما شن الطيران غارات على مرتفعات سجد والريحان وجبل صافي، وخراج بلدة جباع، وفي منطقة حبوش والنبطية، واستهدفت احد المنازل في بلدة حاريص. واستهدفت الحدود اللبنانية – السورية في منطقة حوش السيد علي في الهرمل.
وقاحة وتصريحات مسعورة
وفي تصريحات «مسعورة» ووقحة سبق الاعتداءات سباق بين قيادات الاحتلال في التهديد والوعيد لحزب الله، وتوعد وزير الحرب «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس حزب الله برد قاس، ولفت رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو إلى أنه يتمسك بالاتفاق، لكنه اعتبر ان إطلاق حزب الله الصواريخ نحو «جبل الروس» خرق خطر لوقف إطلاق النار ، و «إسرائيل» سترد على ذلك بقوة.
بدوره قال وزير المال «الإسرائيلي» بتسلئيل سموتريتش ان على حزب الله أن يفهم أن المعادلة قد تغيرت، وأن ما كان فــي الماضي لن يتكرر، وعصر الاحتواء قد انتهى، مشدداً على انه علينا الرد على حزب الله بضربة قوية. أما العضو السابق في مجلس الحرب بيني غانتس فاعتبر «أننا أمام ساعة اختبار، واذا لم نرد بقوة على دولة لبنان فسنعود إلى زمن المعادلات».
بري والخروج عن «الصمت»
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد قال بعد اتصالات عقيمة مع الجهات المعنية في الخارج، انه «خلافاً لكل ما يروج له في وسائل الإعلام بان ما تقوم به «إسرائيل» منذ بدء نفاذ وقف إطلاق النار وكأنه من ضمن بنود الاتفاق، إن ما تقوم به قوات الاحتلال «الإسرائيلي «من أعمال عدوانية لجهة تجريف المنازل في القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة، يضاف اليها استمرار الطلعات الجوية، وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرة عمق المناطق اللبنانية، وسقط خلالها شهداء وجرحى، كل هذه الاعمال تمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار».
وأضاف: «نسأل اللجنة الفنية التي أُلفت لمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق، أين هي من هذه الخروقات والانتهـاكات المتواصــلة فيما لبنان والمقاومة ملتزمان بشكل تام بما تعهدا به».
وختم بري «ان اللجنة المولجة بمراقبة تنفيذ الاتفاق مدعوة الى مباشرة مهامها بشكل عاجل، وإلزام «اسرائيل» بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الاراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر».
ساعات وتكتمل جهوزية الجيش
وفي السياق، استقبل الرئيس بري في عين التينة قائد الجيش العماد جوزيف عون، وتابع معه الاوضاع الامنية واوضاع المؤسسة العسكرية، والمهام الموكلة للجيش اللبناني في المرحلة الراهنة. وعلم في هذا السياق، ان عون ابلغ بري ان الجيش اقترب من اكمال استعداداته للانتشار، وسيكون جاهزا خلال الساعات القليلة المقبلة، لكن على الدول الراعية ان تؤمن الاجواء الميدانية المناسبة لبدء الانتشار، لان الاعمال العدائية «الاسرائيلية» تضع عراقيل ميدانية خطرة.
ماذا يريد الاميركيون؟
وكان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي التقى الرئيس المشارك لآلية تنفيذ ومراقبة وقف الأعمال العدائية الجنرال جاسبر جيفرز في السراي، في حضور سفيرة الولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون. وتم البحث في مهمة «اللجنة الخماسية» المكلفة مراقبة وقف اطلاق النار. وخلال الاجتماع اكد ميقاتي ضرورة الالتزام الكامل بوقف اطلاق النار، ومنع الخروقات الامنية، وانسحاب العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة. وعلم في هذا السياق، ان جيفرز وعد بتكثيف اتصالاته وتفعيل عمل اللجنة خلال الايام القليلة المقبلة، فيما اكدت جونسون التزام واشنطن بتنفيذ بنود الاتفاق.
جنود الاحتلال لا يريدون القتال
وفي مقال يكشف حجم الانهاك الحاصل في جيش الاحتلال، نشرت صحيفة «هآرتس الاسرائيلية « مقالا للواء «الإسرائيلي» المتقاعد إسحاق بريك يتحدث فيه عن الإرهاق الواضح في صفوف الجيش «الإسرائيلي»، إذ لم يعد الكثير من الجنود يرغبون في القتال. وقال بريك إن الجنود فقدوا الثقة في القيادة السياسية والعسكرية المتمثلة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هاليفي.
لا رؤية استراتيجية
وانتقد بريك بشدة قيادة نتنياهو وهاليفي للحرب الحالية، معتبرا أنها تفتقر إلى رؤية استراتيجية واضحة. ودعا كليهما إلى الاستقالة الفورية، قائلا إن استمرارهما في المناصب يشكل خطرا على مستقبل «إسرائيل» وشعبها. كما أوضح أن هاليفي يتجنب التمسك بمواقفه من أجل إرضاء رؤسائه والحفاظ على منصبه.
اسوأ رئيس وزراء
كما أشار اللواء المتقاعد إلى أن نتنياهو يعد أسوأ رئيس وزراء حظيت به «إسرائيل» على الإطلاق، حيث أهمل تجهيز الدولة للحرب طوال سنوات حكمه، مما أدى إلى تدهور قــدرات الجيش «الإسرائيلي»، وتسبب بأكبر فشل أمني في تاريخ «إسرائيل» يوم 7 تشرين الأول 2023.
وكشف العسكري المتقاعد عن تدهور كبير في أوضاع الجنود، حيــث يعاني الجيش من نقص حاد في عدد المقاتلين بسبب الإرهــاق وانعدام البدائل.
وفي بعض الوحدات، انخفض عدد المقاتلين إلى «مستويات خطرة». كما أشار إلى انهيار الانضباط العسكري وغياب الإجراءات اللازمة لمعالجة الوضع.