اتفاق وقف اطلاق النار، الذي توصل اليه لبنان مع العدو الاسرائيلي، بوساطة اميركية قام بها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، يخضع للتجربة لمدة شهرين، في تطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن الدولي منذ اكثر من 18 عاماً، وفي اثناء حرب تموز 2006، والذي خرقته “اسرائيل” برفض الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي لمدينة الغجر، مما ابقى حزب الله على سلاحه غير الظاهر جنوب الليطاني، الذي كان انتشر فيه الجيش اللبناني والقوات الدولية عند طول الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، وكانت قوات الاحتلال الاسرائيلي التي بقيت في 13 نقطة عند الخط الازرق، تحاول الدخول احياناً الى الاراضي اللبناني، فكان الجيش يتصدى لها، وتسجل القوات الدولية الخروقات في البر والجو والبحر والتي بلغت نحو 35 الفاً، مما دفع بحزب الله الى ان يبني قوته العسكرية، ويطور من قدراته الصاروخية، عاملاً بمقولة “الجيش والشعب والمقاومة” الشرعية. فمنذ وقف اطلاق النار، الذي بدأ منذ الرابعة من فجر 27 تشرين الثاني الحالي، هو قيد الاختبار، فسارع الجيش الى الانتشار في مرحلة اولى وبشكل تدريجي، ريثما يكتمل عديده الى 15 الف ضابط وعنصر، على ان يقوم جيش الاحتلال بانسحاب متتال، ليخرج من بلدات وقرى دخلها عند الحافة الحدودية بمسافة جغرافية محددة، هي التي حذر المواطنين من الدخول اليها، متذرعاً بانهم عناصر من حزب الله، الذي سارع الى الطلب من الاهالي المهجرين بالعودة الفورية الى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، في تكرار لمشهد صيف 2006، وعندما اعلن عن وقف لاطلاق النار في 14 آب بعد حرب 33 يوماً، كان المهجرين يعودون ولو فوق المنازل المدمرة، وهذا ما طلبه الرئيس نبيه بري منهم بان يعودوا كما قبل 18 عاماً وهو كرره من جديد.
اما اختبار تطبيق القرار 1701،فيراه العدو “الاسرائيلي”، بان يقوم الجيش اللبناني باستكمال ضرب البنية العسكرية لحزب الله او ما تبقى منها، بعد ان اعلن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو انه دمر نحو 80% منها، وتبين انه كان يخدع “الاسرائيليين”، لا سيما مستوطني شمال فلسطين المحتلة منهم، الذين وبعد وقف اطلاق النار، رفضوا العودة كما اعلن رؤساء البلديات، ولا الحكومة طلبت منهم ذلك، وهي خاضت الحرب في لبنان تحت هذا الهدف، لكنه لم يتحقق بالنار، ولن يحصل بالسلم، في ظل وجود حزب الله على الحدود، لان عناصرها هم من ابناء المدن والقرى جنوب الليطاني. والذي اكد مسؤولون فيه، ان العودة المدنية حصلت، وهذا ما اغضب العدو “الاسرائيلي”، الذي اطلق النار على مواطنين في بعض البلدات، التي ما زال يحتلها، وهو ما دفع الجيش اللبناني الى اصدار بيان يدعو اهالي هذه المناطق الى التريث بالعودة حتى حصول الانسحاب الاسرائيلي التدريجي.
فالعودة المدنية الى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت حصلت، اما البقاء العسكري لحزب الله لا سيما في جنوب الليطاني، فتقع معالجته على الجيش اللبناني في تطبيقه للقرار 1701، بمنع المظاهر المسلحة، وان حزب الله يعمل به منذ العام 2006، فلم تسجل القوات الدولية والجيش اللبناني اي خرق يذكر للقرار 1701، يقول قيادي في حزب الله، الذي لا يخفي لـ “الديار” ان الحزب خلال كل السنوات التي اعقبت حرب 2006، قام ببناء قوة عسكرية كما بعد التحرير اظهرها في عدة مناسبات، كان آخرها في مناورة اقامها في عرمتى بجبل الريحان منذ حوالى العامين، وكذلك بناء الانفاق، لان ذلك يصب في حماية لبنان وردع العدو الاسرائيلي، اضافة الى ان تنسيقا كان قائماً مع الجيش منذ العام 1993، عندما كان العماد اميل لحود قائداً له، وبنى عقيدة قتالية وفق اتفاق الطائف الذي يعبتر اسرائيل عدوا، وان تحرير الارض من احتلالها، يكون بكل الوسائل المشروعة والمتاحة.
فسلاح حزب الله الذي لم تصنفه الحكومات المتعاقبة بانه مثل سلاح الميليشيات التي تقاتلت في حرب اهلية، بل هو للمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، فتم تشريعه بالبيانات الوزارية للحكومات منذ ما بعد اتفاق الطائف، التي نالت ثقة المجالس النيابية مند عام 1992، ومن يسعى الى نزعه اطراف لبنانية بتحريك خارجي، حتى ما قبل التحرير في عام 2000، فكان هناك من لا يوافق على وجود سلاح حزب الله، الذي اعترف له لبنان الرسمي والشعبي بانجازه الاستقلال الثاني للبنان، يقول مصدر حزبي في خط المقاومة، الذي يشير الى ان من لا يريد المقاومة فهو يريد “السلام” مع العدو الاسرائيلي، ولم يتمكن منه في اتفاق 17 ايار، وهو يرى الفرصة مناسبة، بان يحصل “السلام” مع الكيان الصهيوني، وينتهي وجود المقاومة التي برزت مع حزب الله، وهم لا يريدونها في مقاومة اخرى وهي موجودة في احزاب وطنية. فما يريده العدو “الاسرائيلي” من تطبيق القرار 1701 بنسخته الاميركية، هو ان يقوم الجيش بمهمة نزع سلاح حزب الله، وان لم يفعل فان اميركا ستصر عليه وستسلحه لهذه الغاية، وهذا ما سيدخل لبنان في انقسام داخلي، يؤدي الى توترات امنية متصاعدة