قبل اربع سنوات، انتظر لبنانيون كثر رحيل دونالد ترامب عن البيت الابيض، «بلكي بتفرج»، فاذا بمن حزن يومها يفرح في الـ 2024 «بلكي بتنحل»، رغم ان بين الفرج والحل، حدودا رسمها دونالد ترامب بنفسه في رسالته الموقعة والموجهة للبنانيين، والتي استخدم فيها لغة مباشرة وواضحة، شرحتها طلات فريقه، بالاخص اللبنانيين فيه.
وفيما انظار العالم متجهة الى النهج السياسي الذي سيتبعه ترامب ،وخصوصا ما يتصل بأوضاع الشرق الاوسط عموما، والحرب بين «اسرائيل» وحماس وحزب الله، سارع رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى تهنئة «صديقه»، معتبرا نفسه شريكا اساسيا في الانتصار، الذي قاد الرئيس 47 الى البيت الابيض بتسونامي احمر كاسحا رئاسة ومجلسا، ليكتب التاريخ من جديد، كما اكد في خطاب الفوز.
ورغم ان الولاية تبدأ دستوريا في النصف الثاني من كانون الثاني المقبل، الا ان العهد الترامبي بدأ، والعالم بات يتصرف على هذا الاساس، من طهران التي لم تنس بعد انه من الغى اتفاقها النووي، ومن اتخذ شخصيا قرار اغتيال قائد فيلق القدس، الى حزب الله الذي اطل امينه العام الذي اكد ان المقاومة غير مهتمة بمن انتخب رئيسا اميركيا، مرورا بـ «اسرائيل» التي فهمت من كلام ترامب عن انهاء الحرب، دعوة لاتمام المهمة قبل العشرين من كانون الثاني، ما يعني مزيدا من المعارك العسكرية والاستهدافات الامنية.
فعملية خلط الاوراق في المنطقة، مع ما ينتظرها من معطيات ومؤشرات، شكلت الرسالة التي وجهها ترامب للبنانيين وذيلها بتوقيعه احد محاورها، رغم ان ثمة في فريقه من يعتبر ان على اللبنانيين «ان يروقو»، فنجاحه لم يكن باصوات اقربائهم الاميركيين، رغم تأكيدهم ان الرئيس الجمهوري وادارته عازمون على تطبيق ما تعهد به، على ان ثمة اكثر من وجهة نظر داخل الفريق الرئاسي حول آلية ذلك، ترى مصادر الحملة انه من المفيد «تشريح» ابرز نقاطها، بعيدا عن الطابع الوجداني الذي تقصد ان يغلفها به:
1- حديثه عن «سلام حقيقي كي لا تكون هناك حروب كل خمس او عشر سنوات»، وهذا يعني ان وقف اطلاق النار اليوم، لن يكون الا من ضمن تسوية طويلة الامد، لا كما كان يحصل سابقا، وذلك يحمل الكثير من الدلالات والمعاني، وهو يأتي في اطار الاستراتيجية العامة التي تحدث عنها.
2- تركيزه على «الشراكة المتساوية بين كل الفئات اللبنانية»، وهذا يعني بوضوح ان المطلوب تحويل حزب الله الى حزب سياسي يشارك في الحياة السياسية اللبنانية، كغيره من الاحزاب، مع ما يفرضه ذلك تجاه مسألة السلاح.
3- اعتباره أنه يتعين أن” يعيش اللبنانيون بسلام وازدهار وانسجام مع جيرانهم»، وقد تكون من اخطر ما ورد في الرسالة، اذ من بين ما يمكن ان تعنيه الدعوة الى نوع من اشكال السلام والتطبيع مع «اسرائيل»، اي ضم لبنان الى الاتفاقات الابراهيمية.
4- تأكيده على أن «واشنطن ستضمن سلامة وأمن الشعب اللبناني»، اي ان لبنان سيكون «محمية» اميركية، من ضمن ما يحكى عنه من «سايكس – بيكو» جديد، يكون لبنان فيه من حصة واشنطن لا شريك لها فيه، مع ما يعنيه ذلك من اضعاف للنفوذ الايراني فيه.
ازاء ما تقدم ماذا سيكون عليه موقف حزب الله؟ وهل عدنا الى دوامة التفسيرا ت المختلفة، والمطالبة بتطبيق التعهدات والقرارات وفقا للصيغ اللبنانية؟ وهل تنجح هذه السياسة مع الادارة التي طالما اتهمت انها اشعلت «ثورة 17 تشرين 2019 «بهدف ضرب حزب الله وتحجيمه؟ وعليه هل يتوقف نهر الدم؟ وعلى اي اساس؟
اسئلة قد تحتاج الى وقت لمعرفة اجاباتها، رغم ان مسار الاحداث خلال الساعات الماضية، والمعطيات المتوافرة لا تبشر بان الامور ذاهبة نحو الانفراج، رغم انه تبعا لمسؤولي حملته فإن «الكتاب» سيتم الوفاء به… ولكن باي ثمن.