مقالات

غداً أو قبله سيعود شعب المقاومة إلى أرضه

غداً وليس بعده، سيعود أهل الأرض إلى أرضهم. أرضهم التي لم يغادروها وإن ابتعدوا عنها. ففي قاموس شعب المقاومة الابتعاد لا يعني المغادرة.

ومن يدرك هذا المعنى فلا بدّ أنه سيفهم جيداً حقيقة هذا القول: إن أهل الأرض لم يغادروا أرضهم مهما ابتعدوا عنها، بل إن ابتعادهم سواء طال أو قصر لا علاقة له حتى بمفهوم الابتعاد نفسه.

على العكس من ذلك تماماً، أنه، في حالة شعب المقاومة، يعني المزيد من الاقتراب.

وهو، في الواقع الملموس، الذي يعرفه من يعرفهم ويعرف صميمية ما يربطهم بأرضهم سيدرك من غير شك معنى هذا القول ودلالاته البعيدة كأفق، والعميقة كبئر.

وهو المعنى الذي يعجز وسيعجز عن فهمه من لا يقوى على لحظ الفارق بينهم وبين غيرهم ممن تقتصر علاقتهم بالأرض على روابط مادية خالية من الروح.


غداً وليس بعده، سيعود أهل الأرض من شعب المقاومة من أبناء الجنوب والبقاع والضاحية إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم وأحيائهم وشوارعهم التي اشتاقت لهم بقدر ما اشتاقوا إليها وأكثر.

فشوق الأرض الجنوبية لا نظير له ولا شبيه. إنه شوق القلب للقلب وشوق العقل للعقل وشوق الروح للروح.


غداً وليس بعده، بل ربما قبله سيعود أبناء مارون الراس وعيتا الشعب وشبعا وكفرشوبا وميس الجبل وبليدا والخيام ومحيبيب والمريجة وبرج البراجنة والليلكي والرويس والمعمورة وحي السلم وغيرها الكثير الكثير من القرى والبلدات والشوارع والأحياء التي لم يغادرها أهلها وإن ابتعدوا عنها.

فابتعادهم الذي اختاروه هو في الحقيقة ابتعاد من تسكنه الأرض قبل أن يسكنها، وحين يسكنها أو تسكنه فإنه يحلّق بها ومعها في حشايا القلب وأعماق الوجدان.


غداً، أو قبله سيعود شعب المقاومة إلى حيث لم يغادر لا ليضمّد جراح بيته، لا، ولا ليمسح على جبين شارعه، لا، ولا ليأخذ بيد حقله، لا، ولا ليداعب وجه حيّه لا، ولا ليلاعب هواء قريته، لا، ولا ليغازل شمس مدينته لا، ولا لينصت لتأوّهات قمرها، لا، ولا ولا… فكل ما سبق هو من صلب العادات التي واظب على ممارستها يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة قبل الابتعاد وبعده وحتى ما بعد بعده.


غداً. نعم غداً، أي الآن في التوّ واللحظة سيعود شعب المقاومة إلى حيث لم يغادر، وستعود القرى إلى القرى والأحياء إلى الأحياء والشوارع إلى الشوارع والمدن إلى المدن.
غداً أو بعده، أي الآن في التوّ واللحظة، ستشهد القرى والبلدات والمدن والأحياء والشوارع احتفال الأرض بالأرض.


غداً أو بعده، بل قبله، ستزدحم ساحات القرى وميادينها بالمحتفلين المتراقصين على إيقاع النصر العظيم والمزغردين له. وسيأخذ الشهداء بأيدي الأحياء، والأحياء بأيدي الشهداء للاحتفال معاً.


غداً. نعم غداً، أي في التوّ واللحظة، سيرى العالم السيّد الشهيد الذي لم يغادر ولم يبتعد وقد أتى ليحتفل مع المحتفلين، وليخطب فيهم ويخاطبهم: يا شعب المقاومة، يا أشرف الناس…


ها هو السيّد قد بدأ، فلننصت جيداً كما اعتدنا أن نفعل لأن ما بعد الخطاب لن يكون كما قبله.

المصدر: جريدة الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى