مقالات

نتنياهو يعزّز حكومته ويستعد لهجوم بري على لبنان

كما في كل مرة، لا تحتاج اسرائيل الى حافزية وأسباب لشنّ عدوان جديد على لبنان. لكن، وكما في كل مرة، تتولى الولايات المتحدة، ضمن تحالف يجمع دولاً أوروبية وبتواطؤ عربي فاضح، تغطية أبشع عدوان يتعرض له لبنان منذ عام 2006.

وفيما أطلق جيش الاحتلال عملية اغتيال واسعة ضد كل من يمكن الوصول اليه من القيادات الجهادية في المقاومة، يواصل ارتكاب المجازر ضد المدنيين مخلّفاً مئات الشهداء والجرحى، كما في غزة، بحجة استهداف مقار ومستودعات اسلحة للمقاومة.

وفيما توقفت كل الاتصالات ذات المصداقية، دشّن العدو ليل امس مرحلة جديدة من العدوان، بإدخال العاصمة بيروت للمرة الأولى في دائرة الاستهداف بغارة على منطقة الكولا، مسنهدفاً اغتيال مقاومين يشاركون في جبهة اسناد غزة.

فيما تشير الانباء الواردة من الكيان، ومن عواصم خارجية، إلى ان العدو يستعد لتوسيع دائرة الاعتداءات، وللقيام بعمليات برية في اكثر من منطقة لبنانية.

ومع التفاف العالم «الحر» الى جانب مجرمي الكيان، عزز الائتلاف الحاكم في تل ابيب مؤسسة القرار، بضم زعيم حزب «يمين الدولة»، جدعون ساعر، المنشقّ عن حزب بني غانتس، الى الحكومة وزيراً بلا حقيبة، في خطوة تهدف الى ازالة اي فرصة أمام معارضيه لإضعاف الحكومة، علماً ان كل خصومه في الداخل أعلنوا دعمهم للحرب الشاملة ضد لبنان.

وحرص نتنياهو على منع اي انشقاق من خلال ابقاء يؤاف غالانت في منصب وزير الحرب، بحيث يمنح السلطة مناعة تحول دون إسقاطها، ليس من قبل المعارضة فحسب، بل أيضاً من الكتلة اليمينية بقيادة ايتمار بن غفير.

كما يكتسب نتنياهو بذلك قدرة أكبر على السيطرة على غالانت، وتهديده بإقالته واستبداله بساعر. وهكذا صارت حكومة نتنياهو اليوم مدعومة من 68 عضواً في «الكنيست»، بحيث لا يمكن لسموتريتش وبن غفير إسقاطها في حال استقالا.

اهمية الخطوة السياسية في كيان الاحتلال تتعلق ببرنامج نتنياهو لتوسيع الحرب ونيته دخول مرحلة اكثر عدوانية ضد لبنان، فيما فتح الباب أمس امام حرب اضافية ضد اليمن، عبر غارات على ميناء الحديدة لتوجيه رسالة تهديد الى ايران، مع تركيز مساعيه لاستدراج الولايات المتحدة ودول اخرى للانضمام الى ما يعتبره «المعركة الفاصلة» ضد محور المقاومة في كل المنطقة.

وفي وقت صارت الجبهة مع لبنان تحتلّ أولوية مطلقة على أي ملف آخر، بما فيها الحرب في غزة. برز ايضا توافق وتجانس بين المستويين الأمني والسياسي في الكيان، على ضرورة دخول القوات الإسرائيلية الى جنوب لبنان.

كما تدعم المعارضة هذا الخيار، رغم وجود خلاف في الآراء حول العمق الجغرافي الذي ستتوغل إليه القوات الإسرائيلية، بين من يطالب بالوصول الى نهر الليطاني، ومن يدعون الى توغل ضمن شريط حدودي ضيق يتيح «فرض الارادة السياسية على لبنان لإجبار قوات حزب الله على الانسحاب بعيداً عن خطوط التماس».

وسربت مصادر اسرائيلية إن «الجيش يستعدّ لعملية برية محدودة في لبنان وسط ضغوط أميركية غير مسبوقة لمنع هذه الخطوة». ونقل عن مسؤولين أميركيين أن «واشنطن تخشى أن ياتي الغزو البرّي بنتائج عكسية».

في هذه الاثناء، استمرت اسرائيل نفسها، كما الاطراف الاخرى، في تقصي الحقائق حول الوضع القيادي الجديد في حزب الله بعد اغتيال الامين العام للحزب الشهيد السيد حسن نصرالله وعدد كبير من القادة العسكريين.

وفيما تتولى ماكينات كبيرة ضخ معلومات خاطئة أصدر حزب الله امس بياناً نفى فيه كل ما يجري تداوله حول اجراءات تنظيمية في الحزب، كما نفى تحديد موعد او برنامج لتشييع الشهيد السيد نصرالله ورفاقه.

ويركز العدو في عملياته على خطة مزدوجة تهدف الى ضرب القدرة البشرية القيادية للمقاومة، وإلحاق الضرر بالقدرات العسكرية، وهو ما ترجم بعشرات الغارات المتتالية يوميا ضد عدد كبير من المناطق في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، بالتزامن مع استمرار حالة الطوارئ داخل الكيان.

فبعد وقت قصير من إعلان «الجبهة الداخلية» الإسرائيلية تخفيف الإجراءات الأمنية في حيفا والكرمل، وإمكانية إقامة أنشطة تعليمية قرب الملاجئ، دوّت صافرات الإنذار في المنطقة الممتدة من حيفا جنوبا حتى الحدود مع لبنان، ما فرض تعطيلا للحياة في تلك المنطقة واعلان المستوطنين رفضهم فتح المدارس.

وفي المسار نفسه، يرفع العدو من سقف التحذيرات حيال امكانية تعرضه لهجوم من ايران، خصوصاً ان مواقف القيادة الايرانية خلال الساعات الماضية كشفت عن تحول لم يكن ظاهراً في الايام القليلة الماضية. وقال اعلام العدو إن «الإدارة الأميركية لا تعترف بأي مؤشّرات على أن إيران تستعدّ للردّ الآن»، لكنها ترسل الى طهران تحذيرات «أملاً في إبعادها عن التورّط المباشر في الصراع».

المصدر: جريدة الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى