وفق التقديرات الأولية تخطّى عدد النازحين الـ 250 ألفاً، في غضون أربعة أيامٍ فقط من العدوان الإسرائيلي المتفلّت من أي قيود.
تقصّد العدو إحداث موجة تهجير كبيرة دفعة واحدة من الجنوب والبقاع أربكت المعنيين بأعمال الإغاثة من الجهات الرسمية وغير الرسمية، من دون أن يعفي أحداً من التقصير، وسط بحر من النازحين لم يشهده لبنان حتى في الأيام الأولى لحرب تموز.
النزوح المستمر، أدّى إلى ارتفاع أعداد مراكز الإيواء إلى 572 مركزاً، 200 منها لم تعد قادرة على استقبال نازحين جدد.
وتضم المراكز الـ 572 أكثر من 80 ألف نازحٍ يشكّلون أكثر من 15 ألف عائلة.
وتتصدّر محافظة جبل لبنان القائمة باستقبالها ما يزيد على 25 ألف نازحٍ، تليها محافظة بيروت بـ 20 ألف نازحٍ، ثم صيدا والجوار بحوالي 13 ألف نازحٍ، والبقاع أكثر من 8000 نازح، يليه الشمال بـ 6500 نازح، وبعلبك – الهرمل أكثر من 5000 نازحٍ، ومن ثم عكار والنبطية.
على صعيد التحديات، لا تزال أزمة نقص الفرش حاضرة بقوة، ولليوم الثالث على التوالي بقيت الغالبية العظمى من النازحين تفترش أرض المدارس، بما في ذلك من قصدوا مدارس الجبل حيث درجات الحرارة بدأت تتدنّى ليلاً. وعلمت «الأخبار» أنّ «300 ألف فرشةٍ وبطانية كان قد خزّنها حزب الله، في مستودعين في الجنوب، احترقت جراء الاعتداءات الإسرائيلية».
بالموازاة فإن «مصانع الفرش في الجنوب والبقاع غير قادرة على العمل بسبب الظروف الأمنية»، ما دفع إلى «تفعيل الاتصالات مع سوريا والعراق لاستيراد الفرش من البلدين لصالح الدولة والعمل الاجتماعي في حزب الله، بأسعارها المنطقية».
وسيشكّل هذا الخيار المخرج الأفضل، وفق المصادر التي تؤكد احتكار التجّار الكبار في لبنان للفرش.
فعلى سبيل المثال، طلبت إحدى الجهات من مصنع فرشٍ معروف شراء 4000 فرشة، فلم يوافق على بيعها سوى 100 فرشة، ما يطرح سؤالاً حول عدم وضع الدولة يدها على مستودعات الفرش المُخزّنة على امتداد الأراضي اللبنانية، وهي قادرة على فعل ذلك بحكم القانون، في حالات الطوارئ والحروب، مع دفع الثمن المنطقي لأصحابها، بعدما ارتفع سعر الفرشة من 8 دولارات إلى 25 دولاراً في اليوم الأول للنزوح، فيما سجّلت «بورصة الفرش» أمس بين 35 و40 دولاراً.
يتّضح من خلال الجولات الميدانية، أنّ حال المدارس في بيروت هو الأفضل لجهة تلقي المساعدات، يليها الشمال، فيما مراكز الإيواء في الجبل تعاني من نقصٍ فادح في كل شيء يحاول الأهالي وأحزاب المنطقة (الاشتراكي، والديمقراطي، والحزب القومي) تغطيته.
وبينما بدأ برنامج الأغذية العالمي توزيع وجبات ساخنة في بيروت، لم تصل وجباته إلى الجبل.
وفي إحدى مدارس قضاء عاليه، برزت مشكلة المياه غير النظيفة في المراحيض والتي بدأت تتسبب بالتهاباتٍ نسائية.
وفي مدرسة أخرى برزت إشكالية عدم تعاون مديرة المدرسة التي رفضت تجهيز المدرسة بغسالة، بحجّة أن المولّد الكهربائي لا يتحمّل تشغيلها.
ونموذج ثالث، عكس «كسل» رئيس إحدى بلديات القضاء الذي يتباطأ في التواصل وتجهيز المدرسة الواقعة ضمن نطاقه البلدي.
في المقابل، على المستوى الأهلي، لا تزال الجمعيات المحلية في الجبل تنشط، وتعمل «باللحم الحيّ» بعدما تخلّت المنظمات الدولية عنها.
وفي هذا السياق، تفيد أكثر من جمعية محلية بأنّ الجهات المانحة التي تدعمها في العادة، لم تتصل لسؤالها عما تحتاج إليه، وجلّ ما يفعله المانحون إجراء اتصالات دعم نفسي وتضامن بدأت بعض الجمعيات ترفض المشاركة فيها، من باب أنها لزوم ما لا يلزم.
كذلك، علمت «الأخبار» أنّ إحدى الجمعيات المحلية طلبت من جهة مانحة أوروبية مبلغ 4000 دولار لتجهيز مركز إيواء كان يمكن أن يستقبل حوالي 50 سيدة، إلا أنّ الجهة المانحة لم تتجاوب.
كما أنّ المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة تحظر على العاملين فيها توزيع أرقام المعنيين في المنظمات الذين يمكن التواصل معهم لتنسيق وطلب المساعدات، وتحصر علاقتها بالوزارات فقط.
أمنياً، ما زالت القوى الأمنية غائبة عن السمع، رغم انقضاء أربعة أيامٍ على بدء النزوح، وفي وقتٍ بدأت تنتشر فيه أحاديث عن إشكالات متنقلة، مع العلم أن القوى الأمنية ملزمة وفق خطة الطوارئ بالانتشار على أبواب المدارس.
تدريب المتطوّعين
الاكتظاظ الذي يعمّ المدارس، يدفع باتجاه التنبه إلى جوانب مرتبطة بحماية الأطفال، بالدرجة الأولى من أي سلوك مسيء. وهنا تشدد أكثر من جمعية معنية بالحماية، على ضرورة تدريب المتطوعين في مراكز الإيواء على ما يُسمى حماية الأطفال، لتجنيبهم أن يكونوا عرضة للإساءة الجنسية، كما على تدريب المتطوعين على أنشطة الدعم النفسي والاجتماعي.