مقالات

في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان.. هكذا باتت حياة الطلاب؟

تؤدي الأوضاع الاقتصادية الصعبة دوراً شرساً في التأثير في نفسية الطلاب، خصوصاً في ظل التحديات المالية التي يواجهها الأهل لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

تزيد هذه الضغوطات المالية من القلق والتوتر لدى التلاميذ الذين يشعرون بمسؤولية تجاه أعباء ذويهم.

كما يؤدي انعدام الاستقرار المادي إلى ضعف التركيز في الدراسة، وانخفاض الحافز الأكاديمي، فضلاً عن تأثيره السلبي في صحتهم النفسية بشكل عام.

وبذلك، تجعلهم هذه الظروف عرضة للضغط النفسي والإحباط، مما يتطلب دعماً نفسياً إضافياً وبيئة تعليمية تتفهم هذه العقبات.

ملحمة حقيقية!

في ظل الواقع الذي تفرضه الأوضاع المادية، وغياب الدعم الحكومي بشكل كلي، يتعمق تأثير هذه الظروف في الطلاب والأهالي نفسيا واجتماعيا.

فعندما تفرض المدارس الحكومية أقساطاً، وهو ما يتعارض مع النصوص الدستورية التي تنص على مجانية التعليم الأساسي، يتعرض الأهل لضغوط كبيرة نتيجة عدم قدرتهم على تلبية هذه المتطلبات المالية.

تنتقل هذه المشقة مباشرة إلى الطلاب، مما يؤدي إلى تأثيرات نفسية سلبية ملموسة.

واشارت الى ان تأثير الضغوط الاقتصادية في الصحة النفسية للطلاب يشمل:

1- القلق والتوتر المزمن: يتحول التفكير المتواصل في كيفية تأمين المصاريف الدراسية مثل الأقساط والكتب والقرطاسية بسرعة إلى انزعاج دائم يرافق الطالب باستمرار.

ومع استماعه إلى شكاوى أهله حول الهموم المالية التي تفوق طاقاتهم أحياناً، يبدأ الطفل بتحمل مسؤوليات هو في غنى عنها. فيتساءل يوميا، هل ستكون الأموال كافية لإكمال الدراسة؟ وهل سأتمكن من توفير كل ما أحتاج اليه؟ هذا الخوف يبعثر تركيزه وحياته اليومية”.

2- الاكتئاب والشعور بالعجز: يشعر العديد من الطلاب مع تضخم تكاليف المعيشة وشدة الأزمة، بالعجز والإحباط. اذ لم يعد الامر يتعلق بالمال فقط، بل بفقدان السيطرة على المستقبل.

يتفاقم هذا الشعور بشكل خاص لدى طلاب المرحلة الثانوية الذين يستعدون للدخول إلى الجامعة، حيث يجدون أنفسهم محاصرين بواقع صعب يجعلهم عرضة للاكتئاب والشعور بالإحباط.

3- ضعف التركيز والأداء الأكاديمي: عندما ينشغل الطالب بالهموم المالية، يصبح من الصعب عليه الانتباه الى دراسته أو تحقيق نتائج جيدة.

بحيث تجد العقول المثقلة بالهواجس صعوبة في الراحة والإبداع، مما يؤدي إلى تشتت التركيز وتدهور الأداء الأكاديمي، ويخلق حلقة مفرغة من الفشل والإحباط.

4- اضطرابات النوم: يؤدي القلق والتوتر الناتجان من الضغوط الاقتصادية إلى مشكلات في النوم. ويجد العديد من التلاميذ صعوبة في الاستراحة بسبب التفكير المستمر بالغموم، مما يسبب لهم تعبا جسديا ونفسيا، وقد يصاب هؤلاء بالاكتئاب.

5- التراجع في المهارات الاجتماعية: يدفع الضغط الاقتصادي العديد من الطلاب إلى تجنب الأنشطة الاجتماعية والابتعاد عن أصدقائهم، إما لنقص الأموال أو لشعورهم بالخجل أو العار.

يؤثر هذا الانعزال في تطورهم الاجتماعي والعاطفي، ويضاعف من شعورهم بالوحدة.

وتطرقت الى “استراتيجيات التكيف والدعم النفسي التي تتضمن:

1. التأييد المعنوي: تسهم جلسات الدعم والإرشاد في المدارس والجامعات في مساعدة الطلاب على التعامل مع الضغوط النفسية.

كما ان توفير بيئات آمنة للتعبير عن المشاعر وهمومهم يخفف من التوتر.

2. اساليب المواجهة: تدريب الطلاب على تقنيات مثل التنفس العميق، التأمل، وتمارين الاسترخاء، يعزز توازنهم النفسي وهدوءهم في مجابهة الأزمات.

3. الدعم الاجتماعي: تشجيع الطلاب على التفاعل مع أصدقائهم وأساتذتهم وأسرهم يوفر دعماً معنوياً مهماً لهم. وتقلل الشبكة الاجتماعية القوية من الشعور بالعزلة وتنشط القدرة على التكيف مع الأوضاع الصعبة.

4. حلول تعليمية: من الضروري أن تقدم المؤسسات التعليمية منحا دراسية، أو مرونة في دفع الأقساط، أو قروض مساعدة لتقليص الأعباء النفسية على الطلاب.

5. الإدارة المالية: يساعد تعليم الطلاب كيفية إدارة مصروفهم بحكمة في تجنب الضغوط المالية، اذ يمكنهم اتخاذ قرارات مالية أفضل من خلال التخطيط المالي.

وختمت ” يعاني الطلاب في لبنان من عوائق كبيرة تنعكس على صحتهم النفسية وتحصيلهم العلمي.

لذا، من المهم توفير مساندة معنوية ومادية، حيث يساعد تطبيق استراتيجيات للتكيف مع الصعوبات الراهنة على تخطي هذه المرحلة الصعبة وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم”.

كيف يمكن التخفيف من شدة الأزمات النقدية التي تؤثر في الطلاب والأهالي مع بداية العام الدراسي؟ توضح باحثة واكاديمية متخصصة في مجال علم الاقتصاد من الجامعة اللبنانية لـ “الديار” ان “السبيل الى ذلك يكمن في وضع خطة تشمل عدة جوانب تهدف إلى مؤازرة الطلاب وتخفيف العبء عن الأهل وتتمثل في:

1. برامج الدعم الحكومي أو الأهلي: يمكن للحكومات أو المؤسسات الأهلية والمنظمات الخاصة تقديم مساعدات مالية أو عينية، مثل توزيع الكتب والحقائب المدرسية والقرطاسية على الطلاب من العائلات ذات الدخل المحدود، بالإضافة الى إنشاء صناديق لدعم الرسوم المدرسية أو تخفيضها.

2. التعاون مع المجتمع المحلي: تؤدي المدارس دوراً في تسهيل العملية التعليمية عبر تأمين كتب ولوازم مدرسية مستعملة بنوعية جيدة وتوزيعها على المحتاجين، إضافةً إلى تنظيم برامج تبادل كتب مدرسية بين الطلاب.

3. تقسيط المستلزمات المدرسية: يمكن تشجيع المكتبات والمتاجر التي تبيع الادوات المدرسية على تقديم عروض مع تسهيلات في الدفع، مما يمكن الأهل من شراء ما يحتاج اليه اولادهم على دفعات صغيرة دون دفع كامل المبلغ فوراً.

4. تعزيز التعليم الرقمي: يمكن تحفيز استخدام الكتب والمصادر الرقمية كبديل عن الكتب الورقية في حال توافرت البنية التحتية، مما قد يخفف النفقات على الأهل.

كما يمكن للمؤسسات التعليمية المساهمة في تقديم حلول تقنية منخفضة التكلفة.

5. الدعم النفسي: من المهم توفير دعم نفسي للطلاب في المدارس للتعامل مع الضغوطات الناجمة عن الأزمات الاقتصادية، وذلك عبر برامج توعية أو جلسات دعم جماعية تساعدهم على التعبير عن مشاعرهم وإيجاد حلول مشتركة.

6. تعزيز مفهوم الاقتصاد المنزلي: تشجيع الأهل والطلاب على التخطيط الجيد للموارد المتاحة، بما يشمل إعادة استعمال بعض الأغراض المدرسية من العام السابق، أو شراء الحاجيات من الأسواق الشعبية أو بأسعار مخفضة.

وأضافت “يتطلب التصدي للمحنة الحالية تضافر الجهود بين المؤسسات الحكومية، الأهل، والمدارس لضمان ديمومة التعليم في البلد دون أن يكون للضغط المالي تأثير سلبي كبير في مستقبل الشباب الدراسي والنفسي”.

وختمت “في النهاية، “تستوجب هذه الحالة النفسية استجابة فورية على عدة مستويات، بما في ذلك توفير دعم نفسي للتلاميذ واولياء الامور، وإنشاء برامج مجتمعية تساعد في تخفيف الأعباء المالية، بخاصة في ظل غياب الدعم الحكومي الفعال والتكنولوجيا التعليمية.

ومن الضروري التعامل مع الطلاب بروح من التفهم والتعاطف في المدارس لتقليل الضغوط النفسية التي قد تؤثر سلباً في مستقبلهم الأكاديمي والمهني”

ندى عبد الرزاق – الديار

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى