وسط حركة ديبلوماسية ناشطة تشهدها بيروت من اجل تجنب لبنان الحرب الكبرى والتي بدأت بزيارة الموفد الخاص الاميركي اموس هوكشتاين الذي يأتي تارة بأخبار مضللة وتارة بشروط تصب لمصلحة «اسرائيل» تحت شعار « التهدئة»، مرورا بزيارة وزيري الخارجية الفرنسي البريطاني للحث على عدم التصعيد وصولا الى زيارة وزير الخارجية المصري ليؤكد حرص مصر على استقرار لبنان وأمنه، تبقى المنطقة على قاب قوسين من حرب شاملة وسط مفاوضات تجري في الدوحة يعتريها الكثير من الغموض والمصداقية، اضافة الى نيات وافعال «اسرائيل» الواضحة بافشال اي اتفاق يوقف العدوان على غزة.
وعلى رغم من الاجواء الايجابية التي اعلنها البيان الاميركي المصري القطري بان الطريق اصبح ممهدا لاتفاق وانقاذ الارواح وتقديم الاغاثة لغزة وتهدئة التوترات الاقليمية، فان الجانب الفلسطيني لم ير اي نتيجة بناءة من المفاوضات حتى اللحظة في حين ان رئيس حكومة «اسرائيل» بينامين نتنياهو يناور وينافق بتقديم مقترحات سرعان ما يتخلى عنها ليأتي بشروط جديدة تعجيزية بهدف وضع الكرة في ملعب حماس واظهارها بانها الجهة التي احبطت الوصول الى اتفاق.
وتعقيبا على المفاوضات، تساءلت اوساط ديبلوماسية في حديثها للديار عن الاهداف الحقيقية لواشنطن بشان وقف اطلاق النار في غزة، اذا كانت فعلا تريد وقف القتال بين حماس والجيش «الاسرائيلي» ام انها على غرار المرات السابقة لا تتطابق اقوالها مع افعالها الميدانية ولذلك يستمر العدوان الاسرائيلي على غزة؟
ماذا وراء توقيت الفيديو «عماد 4» الذي نشره حزب الله؟
بموازاة ذلك، قالت اوساط سياسية رفيعة المستوى للديار ان اختيار حزب الله نشر فيديو «عماد 4 « تحت عنوان «جبالنا خزائننا» في هذا التوقيت بالذات لان المقاومة ترى ان المنطقة غير ذاهبة الى التهدئة لان «اسرائيل» تريد مواصلة الحرب في غزة وتفجير الشرق الاوسط بحرب شاملة.
وعليه، اراد حزب الله توجيه رسالة واضحة «لاسرائيل» بانه في اعلى جهوزية لخوض الحرب ضدها اذا بادرت الى شن هجوم على لبنان، وعليه، استعرض قوته العسكرية ليقول لها انها ستدفع اثمانا باهظة في مواجهة مقاتليه.
وخلاصة القول، حذرت المقاومة الكيان الصهيوني من الدخول في رهانات وحسابات خاطئة بشن حرب كبرى على لبنان لان المقاومة ستكون لها بالمرصاد وستكبد جيش الكيان العبري خسائر لا تحصى، بخاصة ان حزب الله هو الاقوى بين جميع فصائل المقاومة التي تقاتل «اسرائيل».
مصر تؤكد دعم امن لبنان واستقراره
بداية، اكدت مصر عبر ارسال وزير خارجيتها الى بيروت، دعمها للبنان وادانتها لاي اعتداء «اسرائيلي» على الاراضي اللبنانية.
وقد عقد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب مؤتمرا مشتركا مع نظيره المصري حيث قال :»ان بيروت تعول على دور القاهرة لوضع حد للعدوان الاسرائيلي ووقف اطلاق النار في غزة».
ودعا بو حبيب الدول العربية لدعم لبنان من اجل كبح جماح «اسرائيل» واعادة الهدوء لجنوب لبنان، كما اعرب عن امله في ان تجدد الامم المتحدة لقوات اليونيفيل في لبنان ضمن الصيغة المتفق عليها.
من جهته، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي حرص بلاده على امن لبنان واستقراره وسيادته، كما اعتبر ان الاغتيالات ستؤدي الى التصعيد في انحاء المنطقة. ولفت الى ان مصر وقطر وواشنطن تبذل كل الجهود بهدف سرعة التوصل الى صفقة توقف اطلاق النار ووقف قتل المدنيين الابرياء الذي هو المفتاح للحل ولتخفيف التصعيد ومنع انزلاق المنطقة الى حرب مدمرة.
أكد وزير الخارجية المصري على موقف بلاده الثابت بضرورة معالجة القضية الاساسية، وهي القضية الفلسطينية عبر حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه ودولته، وتكون عاصمته القدس الشرقية. ولفت الى ان هذا هو الحل الجذري لانهاء الصراع الدموي وللتوصل الى امن وسلام دائم في المنطقة.
البيان الاميركي القطري المصري: المفاوضات جرت بأجواء ايجابية وبناءة وتم تقليص عدة فجوات
الى ذلك، وبعد انتهاء جولة المفاوضات التي حصلت امس في الدوحة وعودة الوفد «الاسرائيلي» الى «تل ابيب»، اعلن البيان الاميركي القطري المصري ان انخرط كبار المسؤولين من حكومات تلك الأطراف في محادثات مكثفة كوسطاء، هو بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن والمحتجزين. وكانت هذه المحادثات جادة وبناءة وأُجريت في أجواء إيجابية، وفق البيان المشترك.
واضاف البيان عن الاطراف الثلاثة: في وقت سابق اليوم في الدوحة، قدمت الولايات المتحدة الأميركية، بدعم من دولة قطر وجمهورية مصر العربية لكلا الطرفين، اقتراحًا يقلص الفجوات بين الطرفين ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس بايدن فى 31 ايار 2024 وقرار مجلس الأمن رقم 2735.
وتابع البيان: «يبنى هذا الاقتراح على نقاط الاتفاق التى تحققت خلال الأسبوع الماضى، ويسد الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق»؛ مضيفًا: «ستواصل الفرق الفنية العمل خلال الأيام المقبلة على تفاصيل التنفيذ، بما في ذلك الترتيبات لتنفيذ الجزئيات الإنسانية الشاملة للاتفاق، بالإضافة إلى الجزئيات المتعلقة بالرهائن والمحتجزين.»
وتعليقا على مسار المفاوضات، رأى الرئيس الاميركي الحالي جو بايدن ان اليوم اصبحنا اقرب للتوصل الى وقف اطلاق النار في غزة مما كنا عليه قبل 3 ايام.
قيادي في حماس في لبنان لـ«الديار»: واشنطن ترواغ بالمفاوضات لاحتواء الرد الحتمي للمحور على «اسرائيل»
من جهته، كشف قيادي في حماس لـ «الديار» ان اميركا تخادع وتراوغ في المفاوضات في الدوحة في ظل رد حتمي من المحور على «اسرائيل» حيث تسعى واشنطن الى تطويقه واحتوائه من خلال اشاعة اجواء ان هناك فرصة لوقف اطلاق النار في غزة.
انما الحقيقة اضحت واضحة للجميع، فالولايات المتحدة الاميركية بمناوراتها ونفاقها واهدافها غير المعلنة باتت مكشوفة، سيما ان واشنطن مستمرة في تزويد حليفتها «اسرائيل» باسلحة وذخائر ليبقى الكيان العبري قويا وقادرا على مواصلة عدوانه، سواء على حماس او على المدنيين الابرياء في غزة.
واضاف القيادي: ان رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو لا يصدق باي كلمة تصدر عنه، بل يكذب دائما، وخير دليل على ذلك انه الان يطالب حماس بقبول مقترح مبادئ 27 ايار الذي تراجع عنه في هذه المفاوضات الاخيرة واضعا شروطا جديدة ابرزها مواصلة سيطرة «اسرائيل» على محور فيلادلفيا ونتساريم كما لا يزال نتنياهو يضع فيتو على اطلاق سراح بعض الاسرى الفلسطينيين من السجون «الاسرائيلية».
ولفت : في لبنان ان ما يقوم به نتنياهو يدل بشكل واضح انه لا يريد التوصل الى وقف اطلاق النار وصفقة تبادل الرهائن.
وفي النطاق ذاته، اعلنت مصادر فلسطينية اخرى في لبنان للديار ان فلسطينيي الداخل والخارج هم جزء من عملية طوفان الاقصى وسيقومون بما يلزم لمنع الاحتلال الاسرائيلي من تحقيق اهدافه، معتبرة ان حكومة نتنياهو هي حكومة ارهابية لا تريد القبول بصفقة وقف اطلاق النار في غزة الذي يشكل الحد الادنى لتطلبات الشعب الفلسطيني، مؤكدا ان هذه الحكومة تريد مواصلة الحرب وتوريط المنطقة في حرب شاملة.
الجانب «الاسرائيلي»: لن ترفع «اسرائيل» قبضتها على محوري نتساريم وفيلاديلفيا
من جهة اخرى، قال مسؤول «اسرائيلي» لقناة 13 «الاسرائيلية» انه لا يزال هناك فجوات في المباحثات وان المقترح الاميركي لم يتطرق الى محور نتساريم وفيلاديلفيا، وقد بات معلوما ان «اسرائيل» لن تقبل رفع سيطرتها عن هذين المحورين.
الى جانب ذلك، جاء في صحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية عن مسؤول امني «اسرائيلي» ان المقترح الاميركي غير مقبول تماما بالنسبة لنتنياهو، مضيفا «من المؤسف خداع «مواطنينا» بالاوهام ولن نذهب باتجاه المبالغة بالتفاؤل بالمفاوضات.»
في الوقت ذاته، اراد نتنياهو اظهار نفسه بانه غير معرقل لمجرى المفاوضات، فاصدر مكتبه بيانا اثنى فيه على الجهود التي تقوم بها واشنطن والوسطاء في اقناع حماس بالتخلي عن رفضها لصفقة اطلاق سراح الرهائن، ومعربا عن امله في ان تؤدي الضغوط على حماس الى قبول مبادئ مقترح 27 ايار ليصبح من الممكن تنفيذ تفاصيل الاتفاق.
وتجدر الاشارة الى ان نتنياهو انقلب على مقترح 27 ايار ووضع شروطا جديدة للمفاوضات الجارية في الدوحة مؤخرا.
وتعليقا عن ما صدر من مكتب نتنياهو الى جانب انتقاد مسؤولين امنيين «اسرائيليين» المقترح الاميركي، اعتبرت اوساط سياسية مطلعة ان لا ازدواجية في موقف «اسرائيل»، بل معظم المسؤولين الاسرائيليين يجاهرون علنا بضرورة احترام الشروط الجديدة التي وضعتها الحكومة حول المحاور، في حين ان رئيس الحكومة يتلاعب باطالة امد المفاوضات في الدوحة حيث يضع مقترحات معينة، انما بعد وقت قصير يغير شروطه، ويضع الكرة في ملعب حماس لتظهر انها الجهة التي لم تتعاون للوصول الى اتفاق.
غانتس لنتنياهو: انت جبان
من جهته، دعا وزير الحرب السابق بيني غانتس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التحلي بالشجاعة لمرة واحدة وقبول اتفاق لوقف الحرب على قطاع غزة، بما يسهم في إعادة أسرى بلاده من القطاع. وخاطب غانتس نتنياهو ببيان قائلا:» في البداية كنت خائفا من المناورة (بدء العملية البرية في غزة)، ثم كنت خائفا من تحريك الجهد العسكري شمالا (المواجهة مع حزب الله في لبنان)، وعلى مدى أشهر كنت خائفا من متابعة خطة الرهائن (إبرام اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار)؛ بسبب الخوف على مصير الائتلاف (الحكومي)».
وأضاف أن الوقت حان كي يتوقف نتنياهو «عن القلق على مصير الحكومة»، وأن «يهتم فقط بمصير الوطن».